خياران كلاهما مر أمام ميركل

إما حكومة أقلية أو إعادة الانتخابات

ميركل أمام خيارات صعبة بعد فشل تحالف «جامايكا» (أ.ف.ب)
ميركل أمام خيارات صعبة بعد فشل تحالف «جامايكا» (أ.ف.ب)
TT

خياران كلاهما مر أمام ميركل

ميركل أمام خيارات صعبة بعد فشل تحالف «جامايكا» (أ.ف.ب)
ميركل أمام خيارات صعبة بعد فشل تحالف «جامايكا» (أ.ف.ب)

جدد زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني مارتن شولتز رفضه صيغة التحالف الكبير مع الاتحاد المسيحي بعد فشل مفاوضات تشكيل الحكومة بين المسيحيين والليبراليين والخضر. ولا يبقى أمام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعد فشل تحالف «جامايكا» (نسبة إلى ألوان التحالف التي تشكل بمجموعها علم جامايكا) غير خيارين كلاهما مر. وهو القبول بتشكيل حكومة أقلية مع الليبراليين، أو مع الخضر، أو القبول بإعادة الانتخابات في مطلع العام المقبل.
ومن المشكوك به تماماً أن تصمد لمدة أربع سنوات حكومة أقلية تشكلها ميركل بوجه غالبية برلمانية معارضة يقودها الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ونسبة عالية يحركها عدوها الرئيسي المتمثل بحزب البديل لألمانيا الشعبوي. مع ملاحظة أن ميركل نفسها قد تفقد موقعها بصفتها مستشارة، أو مركزها بصفتها زعيمة للاتحاد المسيحي، في حالة خوض مغامرة تشكيل حكومة أقلية. مع ملاحظة أن ألمانيا لم تشهد تشكيل حكومة أقلية منذ تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية، بل إن هذا النوع من التحالفات لم يتحقق على مستوى الولايات.
الأدهى من ذلك، أن الدستور الألماني يحدد انتخاب المستشار في البرلمان الألماني. وهذا يعني أن ميركل، عند تشكيل حكومة أقلية، قد تفشل في الحصول على أصوات 51 في المائة من النواب. وينص الدستور على إعادة الانتخابات إذا فشل البرلمان ثلاث مرات في انتخاب المستشار. وسيلحق مثل هذا الفشل ضرراً لا يمحى بسمعة ميركل، وسيكون أول هزيمة من نوعها لمستشار ألماني أمام البرلمان.
أعلنت ميركل أكثر من مرة أنها تسعى لتشكيل حكومة أكثرية ثابتة، وهذا رفض مباشر من قبلها لاحتمال تشكيل حكومة أقلية مع الليبراليين. ولا يبدو الليبراليون، من جهتهم، بحسب تصريحات نائب الرئيس فولغانغ كوبيكي، على استعداد لخوض هذه المغامرة، وقال إنه لن يرضى بدور الحزب «التكميلي» للحزب الكبير. ولا يبدو خيار إعادة الانتخابات أفضل من الأول، لأن جميع التكهنات تشير إلى أن المستفيد الأول من إعادة الانتخابات سيكون حزب البديل لألمانيا، يليه الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ومن ثم الحزب الليبرالي. وتحدث فولغانغ كوبيكي، نائب رئيس الحزب الليبرالي، عن ثقته بأن يحقق الحزب في الدورة الثانية للانتخابات نسبة أعلى مما حققها في الانتخابات الأولى.
ومن المحتمل جداً، في ظل الخلافات الحادة داخل التحالف المسيحي، أن تضطر ميركل للاستقالة من قيادة الحزب، أو الكف عن ترشيح نفسها لمنصب المستشارية، في حالة إعادة الانتخابات. ويعتقد الجميع أن ميركل، التي اشتهرت بمقولتها «سنحقق ذلك» عندما فتحت أبواب ألمانيا أمام موجات اللاجئين، ستفشل في تحقيق نسبة عالية في الانتخابات المعادة تكفل لها التحالف مع حزب واحد فقط، قد يكون الليبرالي.
وستجد ميركل صعوبة بالغة في توحيد صفوفها حول برنامج واحد مقبول من الأحزاب الأخرى بفعل الموقف المتشدد للحزب البافاري الشقيق الاتحاد الاجتماعي المسيحي. إذ تجمع التحليلات على أن الاتحاد الاجتماعي المسيحي كان الصخرة التي تحطم عليها تحالف جامايكا المأمول مع الليبراليين والخضر. وسبق للحزب الديمقراطي المسيحي أن خاض تجربة التحالف مع الخضر، كما يحصل ذلك في ولاية راينلاندبفالز، إلا أن هذا التحالف متعذر مع الاتحاد الاجتماعي المسيحي.
وواقع الحال أن كل أحزاب مفاوضات تشكيل حكومة جامايكا تلقى اللائمة على الآخرين في فشل التحالف، إلا أن جميع محاولات ميركل التخفيف من حدة اللهجة بين الاتحاد الاجتماعي المسيحي والخضر، وهذا الحزب الشقيق والحزب الليبرالي، باءت بالفشل.
وكان زعيم الحزب البافاري هورست زيهوفر يرفض على طول الخط التراجع عن مطلبه تحديد عدد اللاجئين الوافدين إلى ألمانيا بمائتي ألف، وهو مطلب يرفضه الخضر والليبراليون، بل وتحاول ميركل نفسها الالتفاف عليه. كما يرفض زيهوفر وضع حدود ثابتة لتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون، ويرفض التخلي عن الفحم في إنتاج الطاقة، ويرفض التشدد في تقليل إنتاج سيارات الديزل، ويقع بالتالي في مواجهة لا رابح فيها مع الخضر.
ولا تبدو الفترة المقبلة فترة لاستراحة المحاربين، لأن للجميع مشكلاتهم الداخلية. وتواجه ميركل معارضة داخل حزبها، وداخل التحالف المسيحي، بسبب سياستها تجاه اللاجئين وتركيا وأوروبا. ويعيش زيهوفر في حزبه وقت شدة، وطالب كثير من كوادره، تؤيدهم منظمة الشبيبة الحزبية، باستقالته من منصبه بسبب التنازلات التي يقدمها أمام ميركل في قضية اللاجئين. كما يحمل المعارضون الحزبيون سياسة زيهوفر الموالية لميركل سبب صعود حزب البديل لألمانيا في ولاية بافاريا ودخوله البرلمان لأول مرة.
لا يريد الخضر خيانة وعودهم الانتخابية للناخبين، وخصوصاً في قضايا البيئة، ويعرفون أن أي تراجع عنها سيخل بوحدة الحزب التنظيمية. ولا ينوي الحزب الليبرالي استعادة لقب «بائعة الهوى الألمانية» القديم المكروه. وهو تعبير شاع في ألمانيا بسبب تبادل الحزب الليبرالي «النوم» في أسرة تحالفات الاشتراكيين والمسيحيين في الحكومات الألمانية المتتالية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
ربما يبقى الحل في يد رئيس الجمهورية الاشتراكي، وزير الخارجية السابق، فراك فالتر شتاينماير. إذ أعلن رئيس الجمهورية، بعد لقائه مع ميركل أمس، أنه سيخوض مفاوضات مع أطراف تحالف جامايكا بهدف تقريب وجهات النظر. وستمنح هذه المحاولة ميركل فرصة جديدة لتشكيل حكومة جامايكا، لكنه سيقع عليها مواجهة ذات نقاط الخلافات التي أدت إلى الضياع في غابات جامايكا.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.