كيف هزم الانهيار الاقتصادي موغابي المعمر؟

معاناة المواطنين شجعت الجيش على الإطاحة به

كيف هزم الانهيار الاقتصادي موغابي المعمر؟
TT

كيف هزم الانهيار الاقتصادي موغابي المعمر؟

كيف هزم الانهيار الاقتصادي موغابي المعمر؟

الإطاحة بمسؤولين قريبين من الرئيس تسببوا في المعاناة الاقتصادية للمواطنين، كان أحد المبررات الرئيسية للانقلاب العسكري الذي أجراه الجيش في زيمبابوي ضد روبرت موغابي هذا الشهر، فما هي أبرز محطات التدهور الاقتصادي للبلد المعروف بثرائه بالموارد الطبيعية؟
بحسب تقديرات البنك الدولي فإن نحو 72 في المائة من سكان زيمبابوي يعيشون حاليا تحت خط الفقر، وخمسهم في فقر مدقع، وذلك رغم أن البلاد كانت تصنف في الماضي ضمن أكبر خمسة مصدرين في العالم للتبغ.
واشتهر اسم موغابي خلال السبعينات كمناضل ضد حكومة الأقلية البيضاء، وبحسب وكالة الأنباء الألمانية فقد لعبت زيمبابوي في الماضي دورا قياديا في القارة الأفريقية في توفير الرعاية الصحية والتعليم.
وبعد عقدين من وصوله للحكم أمر بمصادرة المزارع المملوكة للبيض، وهو الحدث الذي يؤرخ الكثيرين من عنده بداية انهيار اقتصاد البلاد، حيث يقول موقع قناة «بي بي سي» إن تلك الخطوة تسببت في انهيار الناتج المحلي، ودخلت البلاد بعدها في أسوأ انكماش اقتصادي في العصر الحديث.
وجاءت هذه الخطوة بعد عامين من الحصاد السيئ وموجات الجفاف الممتدة، مما أدى إلى أسوأ مجاعة في البلاد منذ 60 عاما.
ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن زيمبابوي فإن حجم الاقتصاد انخفض للنصف منذ عام 2000 وحتى 2008. وفي ظل نقص السلع الأساسية لجأ البنك المركزي إلى التوسع في إصدار النقد لتمويل الواردات مما قاد البلاد إلى انفجار معدلات التضخم.
وبحسب موقع «سي إن إن»، فخلال تلك الفترة كانت الأسعار تتضاعف كل 24 ساعة، وتصل تقديرات التضخم في العام 2008 إلى 7.9 في المائة، كما ارتفعت البطالة وانهارت الخدمات العامة، ليسجل الاقتصاد بأكمله انكماشا في هذا العام بنحو 18 في المائة.
وتوقفت زيمبابوي عن استخدام عملتها في 2009 لتنظم الصفقات بالاعتماد على الدولار الأميركي والراند الجنوب أفريقي وسبع عملات أخرى.
وبحسب بيانات البنك الدولي فقد عاد الاقتصاد مجددا للنمو في 2009 ولكنه أخذ مسارا نزوليا بدءا من 2011 وسجل 0.6 في المائة في 2016 ليقترب مجددا من حالة الانكماش.
ويلقي موغابي بمسؤولية تداعي الاقتصاد على تدخلات أميركية وبريطانية تهدف إلى السيطرة على نظامه، بينما يتعرض الرئيس، الذي يتجاوز حاليا التسعين عاما، لانتقادات دولية بسبب استخدام أتباعه العنف لقمع المعارضة، والتي يصفها موغابي بأنها تتبع القوى الاستعمارية السابقة.
وكانت الولايات المتحدة بدأت في 2001 في فرض عقوبات على نظام موغابي للضغط عليه لتطبيق إصلاحات ديمقراطية، كما أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عام 2002 عقوبات ضد النظام احتجاجا على انتهاكات لحقوق الإنسان.
وكرد فعل على العقوبات الدولية اتجه موغابي في 2010 للتهديد بالاستيلاء على استثمارات أجنبية في البلاد، وتقول «سي إن إن»، إن هذه التهديدات أثرت على سمعة الاستثمار في البلاد.
وسعى موغابي بعد ذلك للاعتماد على ثروات زيمبابوي المعدنية فأمر مناجم الماس بالتوقف عن العمل مخططا لإقامة كيان تابع للدولة يتولى هذه المهمة، كما يضيف موقع القناة الأميركية.
ولا تزال الأزمة تلقي بثقلها على البلاد، ففي العام الماضي، أدى نقص مزمن في الدولارات إلى طوابير طويلة خارج البنوك، ونفذت السلع المستوردة.
وتتفاقم الضغوط الاجتماعية في البلاد مع حرمان نحو 80 في المائة من الوظائف المنتظمة، وتقول الوكالة الألمانية إن قرابة ثلاثة ملايين نسمة من أصل نحو 16 مليون نسمة سعت إلى الفرار من بلدهم، ويسعى الكثير من العمال للهجرة إلى جنوب أفريقيا بحثا عن حياة أفضل.
وفي حالة نجاح الإطاحة برئيس زيمبابوي فهناك تحديات كبيرة أمام النظام الجديد لاستعادة التعافي الاقتصادي وتحسين المؤشرات الاجتماعية، ونقلت وكالة رويترز عن محلل بجنوب أفريقيا قوله إن «اليوفوريا (النشوة الثورية) الحالية في زيمبابوي عن آفاق البلاد بعد حقبة موغابي تحتاج إلى أن تُخفف قليلا مع التفهم بأن ما سيلي ذلك ليس بالضرورة هو الأفضل».
وهناك مخاوف من أن تتعرض السلطة العسكرية في زيمبابوي لضغوط دولية إذا ما اعتبر المجتمع الدولي ما تم ضد موغابي انقلابا عسكريا، إذ يعرض ذلك البلاد تلقائيا إلى تعليق عضويتها الاتحاد الأفريقي، وقد يدخلها في نطاق العقوبات الاقتصادية.



ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)
خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)
TT

ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)
خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

يوم الأحد، ينطلق «قطار الرياض» الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، الذي يتضمن أطول قطار بلا سائق في العالم.

ويتوقع أن يخفف «قطار الرياض» من ازدحام السير في العاصمة السعودية بواقع 30 في المائة، وفق ما أعلنت «الهيئة الملكية لمدينة الرياض» خلال جولة نظمتها للإعلاميين، الجمعة، شرحت فيها تفاصيل المشروع.

وثيقة عمرها 16 عاما

ومن المقرر أن يغيّر هذا المشروع الضخم الذي أعلن افتتاحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والذي سيبدأ بتشغيل بـ3 مسارات من أصل مساراته الـ6، شكل النقل العام في العاصمة المزدحمة. وهو يشكل (مشروع قطار الرياض) العمود الفقري لـ«مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بمدينة الرياض - القطار والحافلات».

الهيئة الملكية لمدينة الرياض

وقال المدير العام الأول في الإدارة العامة للمدن الذكية والمدير المكلف للبنية التحتية الرقمية لمشروع الملك عبد العزيز للنقل العام، ماهر شيرة، لـ«الشرق الأوسط» أثناء الجولة التي نظمتها الهيئة للإعلاميين، إن تطبيق «درب»، الذي أُطلق الخميس هو منصة رقمية متكاملة تهدف إلى تحسين تجربة التنقل في مدينة الرياض. وأوضح أن التطبيق يجمع بين أكثر من 105 أنظمة تقنية ضمن شبكة النقل العام في المدينة، بما في ذلك أنظمة الحافلات والقطارات وأنظمة التخطيط والتذاكر.

وأوضح شيرة أن تطبيق «درب» يتضمن أربع خصائص رئيسية؛ الأولى هي «الاستعلام»، التي تتيح للمستخدمين التعرف على الشبكة بشكل مفصل، بما في ذلك المحطات وأوقات الرحلات وأسعار التذاكر والمسارات. والثانية هي «تخطيط الرحلات»، التي تمثل أداة متقدمة تقترح على المستخدمين أفضل وسائل التنقل المتاحة في الشبكة من النقطة ألف إلى النقطة باء، بما يشبه الأنظمة المستخدمة في خدمات مثل «غوغل مابس».

أما الخاصية الثالثة، فهي إمكانية «شراء التذاكر»، إذ يمكن للمستخدمين شراء تذكرة موحدة تشمل جميع وسائل النقل المرتبطة بالشبكة، ما يسهل تجربة التنقل ويعزز مفهوم «التنقل كخدمة» في المدن الذكية.

وتشمل الخاصية الرابعة توفير قنوات «التواصل مع خدمة العملاء»، إذ يمكن للمستخدمين اقتراح مسارات جديدة والمساهمة في تحسين الشبكة على نحو مستمر.

وأشار شيرة إلى أن مشروع النقل العام في الرياض يهدف إلى خفض الازدحامات المرورية بنسبة تصل إلى 30 في المائة، وذلك من خلال السعة الركابية العالية للقطار، الذي يمكنه استيعاب أكثر من 3 ملايين راكب يومياً. وتعد هذه السعة جزءاً من 10 ملايين رحلة تُجرى يومياً في طرق المدينة.

وأضاف أن النظام الجديد يتمتع بقدرة على زيادة الطاقة الاستيعابية لمواجهة النمو السكاني المستمر في الرياض.

وقال: «يأتي إطلاق هذا التطبيق ضمن جهود مدينة الرياض لتعزيز حلول التنقل المستدامة وتقليل الازدحامات المرورية، مما يعكس التزام المملكة بتطوير البنية التحتية للنقل الذكي».

ويتكون المشروع من شبكة تشمل 6 مسارات للقطار بطول 176 كيلومتراً، و85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية.

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمشروع 3.6 مليون راكب يومياً، ويتميز بتكامله مع شبكة الحافلات التي أُطلقت مؤخراً، وكذلك مع بقية منظومة النقل الأخرى في المدينة.

ويعمل «قطار الرياض» في مساراته على تغطية معظم مناطق الكثافات السكانية، ومناطق الجذب المروري، ومنطقة وسط المدينة، ومناطق المرافق الحكومية، والأنشطة التجارية، والتعليمية والعلمية والصحية والرياضية والترفيهية.

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

كما تغطي مساراته مطار الملك خالد الدولي ومركز النقل العام وشبكة سكك الحديد، ومركز الملك عبد الله المالي ومشاريع حديقة الملك سلمان، والمسار الرياضي، إلى جانب استاد الملك فهد الدولي، والمشاريع الكبرى، والعديد من مناطق الجذب والأنشطة والفعاليات في المدينة.

تبدأ مواعيد تشغيل مسارات «قطار الرياض»، الأحد، 1 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بالمسار الأول «الأزرق» (محور شارع العليا - البطحاء)، والمسار الرابع «الأصفر» (محور طريق مطار الملك خالد الدولي)، والمسار السادس «البنفسجي» (محور طريق عبد الرحمن بن عوف - طريق الشيخ حسن بن حسين).

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

ويبدأ تشغيل المسار الثاني «الأحمر» (طريق الملك عبد الله)، والمسار الخامس «الأخضر» (طريق الملك عبد العزيز) بعد أسبوعين؛ أي بحلول 15 ديسمبر 2024.

بينما سيتم تشغيل المسار الثالث البرتقالي (محور طريق المدينة المنورة) بتاريخ 5 يناير (كانون الثاني) 2025.

تُمثّل المحطات الرئيسية في المشروع «قيمة مضافة» لمشروع النقل العام في مدينة الرياض؛ حيث جرى تصميمها باستخدام مواد مُستدامة مع الاعتناء بالنواحي التشغيلية ومتطلبات الصيانة مستقبلاً؛ وذلك بهدف تحسين البيئة العمرانية في المدينة.

محطة المركز المالي (الشرق الأوسط)

التذاكر

وأشارت الهيئة الملكية لمدينة الرياض إلى أنه يمكن تحديد الوجهات على رحلات القطار وشراء التذاكر من خلال تطبيق «درب».

وحسب تطبيق «درب»، فإن أسعار التذاكر تبدأ من 4 ريالات إلى 140 ريالاً، كالتالي:

الفئة الأولى: لمدة ساعتين بقيمة 4 ريالات.

الفئة الثانية: لمدة 3 أيام بقيمة 20 ريالاً.

الفئة الثالثة: لمدة أسبوع وبقيمة 40 ريالاً.

الفئة الرابعة: لمدة 30 يوماً بقيمة 140 ريالاً.

الخدمات التي يقدمها «قطار الرياض»

يضم مشروع «قطار الرياض» 19 موقعاً لمواقف عامة للسيارات على مختلف المسارات في معظم أجزاء المدينة بقدرات استيعابية تتراوح بين 400 و600 سيارة؛ بهدف تسهيل استخدام شبكة القطارات بدلاً من الاعتماد على السيارات الخاصة في التنقل داخل المدينة، إلى جانب إنشاء 7 مراكز لمبيت وصيانة القطارات في أطراف مسارات الشبكة.

كما يضم المشروع 190 قطاراً تحتوي على 452 عربة، جرى تصنيعها من قِبَل 3 من أكبر مصنّعي عربات القطارات في العالم وهي «سيمنز» الألمانية، و«بومباردييه» الكندية، و«ألستوم» الفرنسية.

وفي هذا الإطار، قال أندرو دي ليون، رئيس منطقة أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى في شركة «ألستوم»، في بيان يوم الجمعة: «يمثل افتتاح قطار الرياض من قبل الهيئة الملكية لمدينة الرياض علامة فارقة في تعزيز (رؤية المملكة 2030)».

وأضاف: «من خلال الاستفادة من التكنولوجيا المبتكرة والممارسات المستدامة، نعمل على إعادة تشكيل التنقل الحضري بالتعاون مع الهيئة الملكية للجبيل وينبع وتمكين المجتمعات مع تعزيز النمو الاقتصادي... وتتشرف شركة (ألستوم) بلعب دور رئيسي في هذا التحول، والمساهمة في مستقبل أكثر إشراقاً وترابطاً للمملكة وخارجها».

«وجه مبتسم»

وتتميز عربات القطارات بتصميمات عصرية نفّذتها شركة «Avant Premiere of France» الفرنسية، وجاءت مقدمة القطار على شكل «وجه مبتسم» ليجسّد ترحيباً بروّاده.

من الهيئة الملكية لمدينة الرياض

كما تم استخدام لون مختلف لكل مسار على عربات القطار، وعلى جوانب الجسور واللوحات الإرشادية؛ ليتمكن الركاب من الانتقال بسهولة بين المسارات.