خالد الشاعر: الإعلامي أكبر متقمص في التاريخ.. والحرية خط أحمر بالنسبة لي

لم يستطع تقليد راشد الماجد بالشكل الصحيح ونجح في تقليد اللبناني طوني حنا

خالد الشاعر أثناء تقليده للفنان اللبناني طوني حنا في برنامج «شكلك مش غريب»
خالد الشاعر أثناء تقليده للفنان اللبناني طوني حنا في برنامج «شكلك مش غريب»
TT

خالد الشاعر: الإعلامي أكبر متقمص في التاريخ.. والحرية خط أحمر بالنسبة لي

خالد الشاعر أثناء تقليده للفنان اللبناني طوني حنا في برنامج «شكلك مش غريب»
خالد الشاعر أثناء تقليده للفنان اللبناني طوني حنا في برنامج «شكلك مش غريب»

قال الإعلامي البحريني خالد الشاعر الذي يقدم برنامج «صباح الخير يا عرب» على شاشة «إم بي سي»، إن الإعلامي هو أكبر متقمص للشخصيات في التاريخ، وإن مهنته تضطره أحيانا كثيرة إلى أن يظهر بعكس ما هو عليه. جاء كلامه هذا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» وردا على سؤال حول نقاط التشابه ما بين مهنته الأساسية كإعلامي تلفزيوني ومتقمص لمشاهير الفن في برنامج «شكلك مش غريب». وأوضح في سياق حديثه قائلا: «بالنسبة لي أحيانا كثيرة أضطر إلى أن أكون ودودا ولطيفا وصاحب صدر رحب؛ لأن طبيعة عملي تفرض علي ذلك، فلا يحق لي مثلا أن أظهر قلقي أو تعبي أمام الكاميرا حتى لا يتأثر المشاهد سلبا». وأضاف: «هذا ما أعده نوعا من التقمص، فنقدم للمشاهد الشخصية التي يحب أن يراها فينا، وهذا لا يعني أنني لست كذلك ولكني لا يمكن أن أكون هكذا دائما، لأنني أنا أيضا لدي مشاغلي ومشاكلي كأي شخص آخر».
وعما إذا كانت تجربته في البرنامج المذكور قد حدت من حريته المهنية، لا سيما أن الحرية الشخصية مرادفة لمهنة الإعلامي عامة، أجاب: «أعرف تماما أن وجودي في هذا البرنامج هو مؤقت، ولذلك استحملت هذا القيد بكل طيبة خاطر، ولا أذيع سرا إذا قلت لو أن فترة البرنامج كانت ستطول عما هي عليه، لما كنت استطعت الاستمرار فيه».
ورأى أن الحرية بشكل عام هي خط أحمر بالنسبة له، وأنه لا يبدلها بكنوز الدنيا، وأنه لا يضعها لا في خانة الغاية ولا الوسيلة، بل في أسلوب حياة من المفروض أن نتحلى به، مشيرا إلى أنه يتقبل المواقف التي قد تحد من حريته ولو فرضت عليه، شرط أن يختارها شخصيا. وقال: «أنا أعشق الحرية لدرجة الهوس، وكثيرا عندما أعلق على حديث مع أصدقائي يتناولون فيه شخصية أحد ما فأقول لهم (هو حر) فلا يفاجأون لأنهم يعلمون جيدا رأيي في هذا الصدد، خصوصا أن الحرية هي نسبية وحسب ما يراها كل شخص من وجهة نظره».
وعن أسباب نجاحه في تقليد الفنان اللبناني طوني حنا، متجاوزا بذلك اللهجة اللبنانية وصعوبة هذه الشخصية «الكاراكتير» بامتياز، لا سيما أنه أداها، وبصورة عامة، أفضل من تلك التي قلد فيها شخصية المطرب الخليجي راشد الماجد، أجاب: «أولا الفنان طوني حنا لديه ملامح أكثر حدة ولمعانا وأكثر وضوحا من غيره، فهو لديه أدواته الفنية الخاصة به والتي تبهرنا عندما يطل بها على المسرح وتشمله من رأسه إلى أخمص قدميه، بينما الفنان راشد الماجد معروف بإحساسه المرهف في الغناء». وتابع: «وبما أن برنامج (شكلك مش غريب) يعتمد على الشكل أساسا فإن مهمة التقليد تكون أسهل للشخصية صاحبة الملامح النافرة».
وعند سؤاله إذا ما كان ملما بشخصية الفنان طوني حنا قبيل تقليده له قال: «نحن الخليجيين منفتحون على كل الناس أكثر من أي أحد آخر، فتجدينا نعرف شعبان عبد الرحيم والشابين خالد ومامي وفيروز ونانسي عجرم وأديت بياف وغيرهم، مع أنه وفي المقابل قلة من اللبنانيين تعرف مثلا أبو بكر سالم أو عبد الحسين عبد الرضا وكذلك الأمر بالنسبة للمصريين». وأضاف متسائلا: «تخيلي مثلا أنهم لا يعرفون سوى أغنية (مشكلني) لراشد الماجد، بينما نحن نعرف دريد لحام وشوشو وعادل إمام ومسرحيات الرحابنة». وهنا قاطعته قائلة: «ربما لأن الرحابنة وفيروز ونانسي عجرم ونجوى كرم وغيرهم يحيون حفلات كثيرة في بلاد الخليج!». فرد موضحا: «لا ليس هذا هو السبب برأيي، وبالنهاية لا يمكنني أن أحدده ولكن في إمكاني القول بأننا نحن الخليجيين نشاهد التلفزيون كثيرا، ونتابع أخبار الفنانين والسياسيين بنسبة كبيرة، فكل معرفتنا هذه اكتسبناها من الشاشة الصغيرة وخصوصا من (إم بي سي)». وعن كيفية تحضيره لكل شخصية ينوي تقمصها في برنامج «شكلك مش غريب» أجاب: «ألتزم بتعليمات الأساتذة حرفيا، فأنا من المؤمنين بأن لكل اختصاص أربابه، وأحيانا كثيرة تلفتنا ملاحظة أو نصيحة من أحدهم يكون لها وقعها الكبير على المسرح فتساهم في نجاحنا في مهمتنا». ويضيف: «لا أقصد هنا ما يخص الضحكة أو النظرة، بل أداء الصوت والبحة مثلا، فهناك تقنية خاصة يعرفونها وينقلونها لنا».
وعن الشخصية التي يرغب في تقمصها في الحلقات الثلاث المتبقية من البرنامج، قال: «ليس لدي أحد بالتحديد، فأنا في حالة تحد دائمة، فلم يخطر في بالي أنني سأرقص الدبكة مثلا وقد قمت بذلك على أكمل وجه، فلحظة التنفيذ أكون مخلصا للشخصية وأتدرب باستمرار وأركز كثيرا على قوتي الذهنية».
وعن أحدث شخصية تقمصها (الفنان العراقي إلهام المدفعي) قال: «هو فنان غامض جدا، يتمتع بإحساس مرهف وقوي، فهو حتى عندما يتحدث يشعر سامعه بأنه من عالم آخر، كما أن أغانيه هي مزيج من الإيقاع والآلات الموسيقية العربية والفلامنغو، وحاولت قدر الإمكان تقريب الشبه بيني وبينه من خلال نظراتي وأدائي».
وعما إذا هو يترقب بشغف عودته النهائية إلى مكانه كمقدم تلفزيوني في برنامج «صباح الخير يا عرب» أجاب: «لقد استمتعت بمشاركتي في برنامج (شكلك مش غريب)، كما أنه شكل لي نافذة كشفت فيها للمشاهد عن شخصيتي الحقيقية، فهو يعرفني فقط بالوجه الجدي، فساهم بأن يتقبلني كما أنا على طبيعتي، وهو أمر كان من الصعب أن أبرزه خلال تقديمي التلفزيوني». وعما إذا سيكون لدى المشاهد الفرصة قريبا ليراه في برنامج خاص بالتسلية والمنوعات رد قائلا: «أتمنى ذلك، وبرأيي أن التلفزيون ابتكر من أجل الترويح عن النفس، لأن من يتسمر أمامه يكون شخصا باحثا عن التسلية هاربا من مشاكله اليومية وضغوطه الحياتية غير ساع إلى تعقيدها بحوارات صعبة». وتابع: «صحيح أن هناك برامج توعوية وأخرى مفيدة، ولكن انطلاقا من طبيعتي، فأنا أحب أن آوي إلى النوم والابتسامة مرسومة على وجهي، وأعتقد أن المشاهد هو كذلك أيضا، وفي هذا الصدد معركتي مستمرة ولن أستسلم، فربما ستكون لدي الفرصة لرسمها بدوري على ثغره، ولم لا؟».
واستبعد خالد الشاعر دخوله عالم التمثيل فقال: «التمثيل يفرض على ممارسه تجسيده أدوار وأفكار طيلة مدة عمله، وهو أمر لا أحبذه، بل أفضل التنويع ما بين الجدية والهزل في قالب آخر».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».