«فيسكوبار»... أجواء إسكندنافية في قلب جنيف

«فيسكوبار»... أجواء إسكندنافية في قلب جنيف
TT

«فيسكوبار»... أجواء إسكندنافية في قلب جنيف

«فيسكوبار»... أجواء إسكندنافية في قلب جنيف

خلف الكواليس وفي مطعم «فيسكبار» (Fiskebar) الأول من نوعه في فندق «الريتز - كارلتون أوتيل دو لا بيه» في جنيف يعمل الشيف الشاب أليسيو كوردا في صمت على الأطباق العضوية الإقليمية التي يحبها، حيث يتمّ تقديم أطعمة شمالية جديدة تجمع بين عناصر مختلفة.
يذكر أن هذا المطعم الممتد على أربع مساحات مترابطة يشمل على ركن للسمك الطازج ومقاعد جماعية بأسواق الأسماك الإسكندنافية التقليدية؛ فهو يتميز بديكوره الداخلي البسيط ومواده الطبيعية، مثل الخشب والجلد التي تضفي أجواء شمالية.
هذا ويفتح مطعم أبوابه طيلة النهار ويقدم أطباقاً إقليمية ونكهات عالمية ضمن إطار لائحة أطعمة معدّة بعناية تسلط الضوء على المنتجات الموسمية المحلية الطازجة.
وتزيّن المطعم الذي يشبه الردهة بتصميمه عناصر من تفاصيل المبنى التاريخية ومزاياه الأصلية مثل خشب الباركيه الذي يبلغ عمره 150 سنة والأرضية المصنوعة من خشب الجوز.
يسود جو أنيق مطعم «فيسكبار» للأكلات الراقية، ودرجات إضاءة داكنة. والضيوف هناك مدعوون للاسترخاء حول مأدبة فخمة وكراسيّ مريحة من الجلد الدافئ، وتناول العشاء على طاولات متوجة بصخر الأردواز مرفقة بتفصيلات من النحاس. الجدران مُبطنة بألواح من الخشب الخام لكن ناعمة ورمادية اللون - خلفية رائعة على هيئة مرفق كبير لنماذج تجريدية من المحار المصنوعة يدويّاً من السيراميك بأشكال وأحجام مختلفة للفنان البريطاني آدام روس، تم طلبه وإحضاره خصيصاً لهذا المشروع.
أما الأرضية المصنوعة من خشب شجر البلوط «دينيسن» الرائعة ذات التصميم التجريديّ، فتتيح اتصال هذه الغرفة بالمطبخ ذي المنضدة من الخشب الخام وبالبار المزيّن بأعمدة سقفية عريضة من الخشب المعتّق. وفي هذه القاعة المخصصة للعشاء ذات المواصفات غير الرسمية والتجريدية والأنيقة المزوّدة بمطبخ مفتوح وبمنضدة من الخشب الخام لعرض المأكولات، توجد طاولتان طويلتان جماعيتان تحيط بهما كراسي عالية ذات مساند قضبانية، وطاولات أصغر للأزواج.
ويوجد فوق هاتين الطاولتين الجماعيّتين أضواء معلّقة طويلة وأنبوبية الشكل مستوحاة من الأسلوب المستقبلي وتُرسي جوّاً أقل رسميةً مستوحى من أسواق السمك. ويتباين البلاط الأجوري الأخضر والبراق على جدار المطبخ المفتوح مع الأداء الختامي السائد في باقي مساحات هذه القاعة. وزُيّنت جدران هذه المساحة باللوحات الخشبية كذلك، وأضيفت إليها مرايا معتقة. وأما الثريات الزجاجية المتدلية والمنفوخة يدويّاً، فقد تم تعليقها في شكل عنقودي بالقرب من النوافذ المطلة على الشرفة.
وكان الحديث مع رئيس الطهاة بفندق «الريتز - كارلتون دولا بيه - جنيف» شبه مستحيل للزحام في وقت عمله وانشغاله بطلبات الضيوف. الرجل يعمل كالنحلة دون توقف يعطي إرشادات ويقوم بواجبات أخذت كل وقته.
عن خبرته في مجال الطبخ يتحدث الشيف أليسيو كوردا عن سفره عبر العالم وعمله في أماكن كثيرة. وأضاف الشيف كوردا أن الفلسفة اليابانية هي مصدر إلهام له وهو يقتاد بمنهج وخبرة مُعلمه من إسبانيا، وتقوده روح الابتكار، فتألَّق بتقديم مطبخ لأطباق أصيلة مُذهِلَة. تأثر كوردا بالحياة اليابانية، والمعروف أن زوجته اليابانية أثرت على سلوك الغذائي الذي أصبح يعشق الأكل الآسيوي الخفيف الذي انعكس على حياة العملية، وكان لنا شرف تناول العشاء معه في مطعم «فيسكبار» الأسماك الطازجة.
وعن فلسفته للطبخ، قال كوردا: «إنه يُعتبَر الطهي بنسبة له روح، يعني الربط بين القلب والأيدي أثناء الطهي لعمل شيء نادر يبهر به زبائنه الذين تمتلئ بهم صالة المطبخ المفتوح للعيان حتى يتابع الجميع خطوات إعداد تلك الوجبات خطوة بخطوة».
وعن الأطباق المميزة تحمل توقيع خاص لكوردا، قال الشيف الإيطالي: «هي سلطة الكينوا العضوية التي تشمل خضراوات يابانية أو آسيوية».
أما عن المكونات الغذائية المفضلة له، يقول كوردا: «الخرشوف وسمك البوري (البربوني الأحمر) هي أفضل أنواع المكونات التي يعتمد عليها في عمله اليومي لتقديم وجبة مميزة وطازجة للزبائن».
وعن نقاط القوة في عمله، يذكر لكوردا أن «إتقان للتحدث بخمس لغات وهي (الإيطالية، والإسبانية، والإنجليزية، واليابانية والفرنسية) مفتاح النجاح له في عمله إضافة لتعلمه من الآخرين».
وعن أهم نصيحة يمكن للإنسان القيام بها، أجاب كوردا قائلاً: «تكريس الذات للآخرين واحترام الوقت والشغف والعاطفة بالآخرين هي أهم أشياء تساعد على النجاح».
وبعيداً عن عالم الأكل، يقول الشيف إنه يحب ركوب الدراجات، والتزلج على الجليد، والاسترخاء على بحيرة جنيف أو بالجبال».
أما عن خبرته الأكاديمية، فيذكر الشيف أنه درس في المعهد المهني للطبخ والمعجنات في إيطاليا.
وشارك في كثير من مهرجانات فن الطهي منها: «فيستيفال أوف سينس»، وعرض للطهي مع روبيرتو باتزا كوينا آسيا، و«مهرجان الأكل الآسيوي والياباني»، و«مهرجان الطهي الإيطالي» مع كازا بودو آلب آدريا، أودين، إيطاليا، ومع الشيف روبيرتو باتزا.
أما خبرته المهنية فقد عمل في فندق «الريتز – كارلتون، أوكيناوا - اليابان».
وفندق «الريتز - كارلتون، أوساكا - اليابان»، وفندق «الريتز - كارلتون، الدوحة - قطر».
وشيف خاص بيخت «سيبال - الأنتيب، فرنسا ساكورا - يا»، وفندق «آرتس برشلونة»، ومطعم «فونغل، سان سيباستيان، إسبانيا».
ومطعم «شيه نيكو، ميشلان»، و«لندن فندق سافوي»، و«فندق روكا روجا، ستانتينو، سردينيا»، و«آل بولي، ميشلان 2، إشبيلية، إسبانيا».


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».