«الجامعة» لا تستبعد اللجوء إلى مجلس الأمن لوقف تهديدات إيران

مساعد الأمين العام لـ «الشرق الأوسط»: «الوزاري العربي» رسالة حازمة لطهران

«الجامعة» لا تستبعد اللجوء إلى مجلس الأمن لوقف تهديدات إيران
TT

«الجامعة» لا تستبعد اللجوء إلى مجلس الأمن لوقف تهديدات إيران

«الجامعة» لا تستبعد اللجوء إلى مجلس الأمن لوقف تهديدات إيران

في حين تنطلق اليوم، في القاهرة، أعمال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، بدعوة من المملكة العربية السعودية، لوحت جامعة الدولة العربية بإمكانية التصعيد ضد «التهديدات الإيرانية» للأمن والسلم العربي، ولم يستبعد السفير حسام زكي مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، اللجوء إلى «الأمم المتحدة ومجلس الأمن، نظراً لخطورة الموقف وتهديد إيران للأمن والسلم العربي والدولي».
وقال زكي: «إن ما تقوم به إيران ضد بعض الدول العربية يستدعى القيام بأكثر من إجراء لوقف هذه الاعتداءات والتدخلات والتهديدات التي تتم عبر طرق ووسائل كثيرة. وبالتالي، فالحد منها يتطلب سياسية عربية جماعية»، مضيفاً أن «الاجتماع الوزاري العربي الذي يحظى بتأييد معظم الدول العربية سوف يشكل رسالة حازمة لإيران للتراجع عن سياستها الحالية في المنطقة، وتدخلاتها الواضحة والعدوانية ضد المملكة العربية السعودية واليمن ولبنان».
وتطرق زكي، في تصريحاته، للشأن اللبناني، وأوضح أن «الجميع يدرك جيداً خصوصية التركيبة اللبنانية، وأهمية الحفاظ على السلم الأهلي هناك، ولكن يتعين أن يدرك الجميع أنه لم يعد مقبولاً الإضرار بأمن واستقرار الآخرين»، مؤكداً أن «الاجتماع الطارئ الذي يعقد بمقر جامعة الدول العربية يُشكل موقفاً عربياً واضحاً ضد التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، وهو الأمر الذي يجب أن تدركه إيران جيداً، وأن العرب يجمعهم رفض التدخل في شؤونهم، وتهديد أحدهم أو بعضهم بالشكل الذي نراه، وبالأدلة التي يمتلكها البعض ضد الاعتداءات الإيرانية، وهو الأمر الذي يحملها المسؤولية».
كان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد أعلن في 7 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أن الصاروخ الذي استهدف العاصمة الرياض «صنع في إيران، وتم تهريبه إلى اليمن، وأطلقته جماعة الحوثي وعناصر (حزب الله) باتجاه المملكة».
وتوقع مصدر دبلوماسي عربي أن يتضمن البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب «خطة للتحرك العربي للحد من خطورة ممارسات إيران في المنطقة العربية، إضافة إلى إدانة استخدام طهران لجماعة الحوثي في تهديد أمن واستقرار المملكة العربية السعودية».
من جهته، قال المدير السابق للمجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير أمين شلبي، إن «غالبية الدول العربية المشاركة في الاجتماع تتفق على أن التصرفات الإيرانية في المنطقة ليست في صالح الاستقرار في سوريا واليمن ولبنان، ولم يعد من الممكن تحمل مثل هذه التصرفات التي تهدد الأمن القومي العربي».
وأضاف شلبي لـ«الشرق الأوسط» أن أحد الخيارات المطروحة على جدول الأعمال «التوجه للمنظمات الدولية، بغرض حشد جبهة الرافضين للسلوك الإيراني في المنطقة، خصوصاً بعد التطور الخطير المتمثل في استهداف العاصمة السعودية بصاروخ أطلقته جماعة معروفة بصلاتها الوثيقة مع طهران، وهو الأمر الذي لا يمكن أن تسمح به المملكة السعودية، في ظل حرصها على أمنها القومي».
وشرح شلبي أنه «استناداً إلى النظام الأساسي للأمم المتحدة الذي يؤكد على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، فإن الجامعة العربية يحق لها مخاطبة المؤسسة الدولية وهيئتها الأساسية المتمثلة في مجلس الأمن، باعتبار أن منطقة الخليج من أهم المواقع الاستراتيجية لدول العالم كافة، ومن الضروري الحفاظ عليها آمنة مستقرة».
وأكد شلبي أن «قطر ستكون على الأرجح من المعارضين لمسألة إدانة (الوزاري العربي) لإيران، نظراً للعلاقات الوثيقة بين الطرفين، وهو الأمر الذي يجب عدم السماح بتعطيله لإصدار موقف حاسم تجاه طهران».
ومن المقرر عقد لقاء لوزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وذلك قبل انطلاق أعمال الاجتماع الوزاري العربي.
وفي غضون ذلك، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، للمرة الثانية خلال أسبوع، نظيره الأردني أيمن الصفدي الذي وصل القاهرة لحضور الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، وتناول اللقاء بحث التطورات الإقليمية في المنطقة، ومتابعة التعاون الثنائي بين البلدين.
وأوضح المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن اللقاء تناول «التطورات الإقليمية، ونتائج الجولة العربية لوزير الخارجية المصري في عدد من العواصم العربية، فضلاً عن مناقشة التطورات المتلاحقة في كل من لبنان وسوريا واليمن وليبيا، وآخر تطورات المصالحة الفلسطينية، وجهود إحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية».
وأوضح المتحدث الرسمي أن «اللقاء بين الوزيرين يعد الثاني خلال أسبوع واحد، الأمر الذي يعكس عمق العلاقات والتنسيق الدائم بين الجانبين»، مشيراً إلى أن الوزيرين أكدا «أهمية تعزيز آليات التنسيق العربي لتجاوز الأزمات التي تمر بها المنطقة، وأهمية الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب».
وفي السياق، بحث شكري مع نظيره الجيبوتي، محمود علي يوسف، رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب، الذي يترأس اجتماع اليوم، متابعة مسار «العلاقات الثنائية بين الدولتين، والتشاور بشأن اجتماع وزراء الخارجية العرب، فضلاً عن متابعة التعاون الثنائي بين البلدين، وقضايا منطقة القرن الأفريقي».
وأكد شكري «سعي مصر لتطوير علاقاتها مع الأشقاء في القارة الأفريقية بصفة عامة، ودول منطقة القرن الأفريقي على وجه الخصوص، انطلاقاً من اقتناع مصر بوحدة المصالح المشتركة، وأهمية تحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية في التنمية والأمن والاستقرار».
وقال المتحدث الرسمي للخارجية المصرية إن شكري «أكد الأهمية التي توليها مصر لتنمية التعاون بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، حيث تستضيف مصر اجتماعاً يومي 11 و12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لكبار المسؤولين بتلك الدول، لبحث تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينها، وذلك تحت عنوان «السلام والأمن والرخاء في منطقة البحر الأحمر: نحو إطار إقليمي للتعاون»، مشيراً إلى أهمية منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، باعتبارها تشكل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي.
ولفت أبو زيد إلى اهتمام مصر «بتعزيز التعاون مع جيبوتي في مجالات نقل الخبرات وبناء القدرات، من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية، التي تقدم نحو 50 منحة سنوياً إلى دولة جيبوتي في مجالات متعددة، فضلاً عن التعاون الاقتصادي المتمثل في إجراء دراستين: الأولى بشأن (توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الموانئ في جيبوتي وهيئة قناة السويس)، والثانية بشأن (إقامة معهد إقليمي للتدريب على النقل البحري بميناء جيبوتي، بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري)، فضلاً عن تشجيع الزيارات المتبادلة بين رجال الأعمال في البلدين لبحث فرص الاستثمار المشتركة».
جبران باسيل
في بيروت، شهد القصر الجمهوري في بعبدا مشاورات استمرّت حتى مساء أمس، لتحديد الشخصية السياسية أو الدبلوماسية التي ستمثّل لبنان في هذا الاجتماع، وما إذا كان الوزير باسيل شخصيا أو الأمين العام لوزارة الخارجية أو مندوب لبنان الدائم لدى الجامعة العربية، وفق ما كشفت مصادر مقرّبة من قصر بعبدا لـ«الشرق الأوسط»، التي أكدت أن لبنان «لم يكن يوما خارج الإجماع العربي، لكن عندما يكون هناك خلاف بين دولتين عربيتين، ينأى لبنان بنفسه عن هذا الخلاف. أما إذا كان الخلاف بين دولة عربية وأخرى أجنبية، فيكون القرار رهن المعطيات».
وأوضحت مصادر القصر الجمهوري، أن «الدعوة التي تسلّمها لبنان لحضور الاجتماع، لم تشر إلى دور لـ(حزب الله) في الاعتداء على السعودية، بل ذكرت إيران والميليشيات المتعاونة معها». وقالت إن «الموقف الذي سيتخذ في الاجتماع، سيكون رهن المعطيات، وما يطرح للنقاش، وما يمكن أن يترتب على القرار الذي سيصدر عن الجامعة العربية».
وعشية اجتماع القاهرة، أكد باسيل أن «المرحلة تتطلّب الكثير من الهدوء، لأن جزءا كبيرا من مستقبلنا يرسم اليوم، وخيار اللبنانيين واحد أمام المفترق الذي وضعوا أمامه». وجدد إشادته بـ«حزب الله».
أما وزير شؤون النازحين في الحكومة المستقيلة معين المرعبي، فلفت إلى أن «الحكومة لم تكلّف أي شخصية لتمثيل لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب، وفق الآليات المتبعة قانوناً، كما أن لبنان الرسمي لم يكلّف أحدا باتخاذ موقف محدد بعد». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي شخصية ستمثّل لبنان في اجتماع القاهرة (اليوم)، لا تستطيع أن تدافع عن (حزب الله) وأفعاله في المنطقة». وقال: «ما يقوم به الحزب بكل الدول العربية هو تهديد وتخريب وحروب ضدّ الشعوب والدول العربية».
وتوقف الوزير المرعبي عند دفاع باسيل عن «حزب الله» عشية اجتماع القاهرة، فقال إن «محاولات باسيل التغطية على أفعال الحزب، ستبوء كلّها بالفشل، فهو لا يستطيع أن يخفي الحقائق الدامغة التي استدعت وضع عقوبات على (حزب الله) بصفته تنظيما إرهابيا». وأضاف: «نحن نخشى أن تطال العقوبات الدولية باسيل نفسه، إذا استمر بالدفاع عن سياسة (حزب الله) خلال جولاته الخارجية»، مشددا على أن «يكون الموقف اللبناني، من ضمن الإجماع العربي، وهذا هو موقف الحكومة اللبنانية، وأن أي شخص يتخذ موقفا خارج هذا التوجه يتحمّل مسؤولية كلّ ما ينتج عنه».


مقالات ذات صلة

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

المشرق العربي إردوغان متحدثاً عن التطورات في سوريا في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن إدلب وحماة وحمص أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية، وإن هدف المعارضة بالطبع هو دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

خاص ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تطلق «السوق المشتركة للكهرباء» لتعزيز الإمدادات وخفض التكاليف

بهدف تعزيز الإمدادات وخفض التكاليف، أطلقت جامعة الدول العربية، الاثنين، «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، عبر اتفاقية وقعتها 11 دولة، بينها السعودية ومصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.