حصار الحوثي وصالح يفاقم الحالة الصحية لتعز

TT

حصار الحوثي وصالح يفاقم الحالة الصحية لتعز

بعد مضي أكثر من عامين ونصف العام من الحرب والحصار المطبق على مدينة تعز من قبل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، لا يزال الوضع الصحي في تعز يشهد معاناة في ظل إغلاق غالبية مستشفيات تعز أبوابها أمام المرضى والجرحى الذين وصل عددهم إلى أكثر من 17 ألف جريح، علاوة على منع الميليشيا الانقلابية إدخال الأدوية والمواد الطبية إلى المستشفيات بما فيها أسطوانات الأكسجين، ما جعلها تعاني الأمرّين: الحصار والقصف.
وأطلق مركز الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة بتعز نداء لإنقاذ المرضى، الذين وصل عددهم إلى ما يقارب 400 حالة.
ويأتي إطلاق المناشدة العاجلة بعد كثير من المحاولات مع الشركة الموردة للمواد والمستلزمات الخاصة بالغسيل الكلوي لإقناعها بتوريد كمية من المواد والمستلزمات الخاصة بالغسيل الكلوي، والتي باءت بالفشل لعدم سداد المديونية البالغة 600 ألف يورو (حيث لم يتم التعزيز بالمخصص)، وهو الرقم المالي الذي ذكره بيان صادر عن رئاسة هيئة مستشفى الثورة – تعز.
وقالت هيئة مستشفى الثورة في بيانها، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنها «تطلق هذا النداء العاجل بشأن مرضى الفشل الكلوي الذين يستقبلهم مركز الغسيل الكلوي في الهيئة، والذين يصل عددهم إلى ما يقارب 400 حالة مسجلة في المركز، ويُجري لهم المركز من 80 - 88 غسلة يومياً، خلافاً للحالات الإسعافية التي يستقبلها المركز بين الحين والآخر».
وأضافت: «أوشكت مواد الغسيل ومستلزماته على النفاد، ولم يتبقَّ منها سوى كمية لا تكفي لإجراء الغسيل للمرضى المسجلين إلا لأسبوع واحد. إننا في الهيئة نوجه هذا النداء الإنساني العاجل إلى الحكومة اليمنية وكل المنظمات والمؤسسات الإنسانية والإغاثية والحقوقية، وعلى رأسها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للاضطلاع بمهمة إنقاذ المئات من المرضى الذين بات خطر الموت يتهددهم».
وأشارت إلى أن مركز الغسيل الكلوي ظل طيلة فترة الحرب يقدم «خدماته لمرضى الفشل الكلوي في المحافظة بما توفر من مخزون، وبجهود حثيثة بذلتها إدارة المركز بدعم كامل من رئاسة الهيئة».
وأكد البيان أن المركز «استطاع أن يتجاوز كثيراً من المعوقات المرتبطة بتوفير بعض المستلزمات والمواد اللازمة للغسيل قبل نفادها، لا سيما في ظل الحصار على مدينة تعز، وفي ظل عدم التعزيز بموازنة الهيئة بما في ذلك المخصص لمستلزمات ومواد الغسيل الكلوي ليستمر المركز في أحيان كثيرة يقدم خدماته لجميع مرضى الفشل الكلوي حتى أولئك المسجلين في مستشفيات أخرى حين تتوقف أقسام الغسيل الكلوي فيها للسبب نفسه الذي يواجهه المركز حالياً والمتمثل في عدم توفر كميات كافية من مستلزمات ومواد الغسيل الكلوي».
وأصبح الوضع الصحي في تعز حرجاً جداً ويزداد سوءاً يوماً بعد آخر، مع انهيار المنظومة الصحية فيها، حسب ما يؤكده أطباء لـ«الشرق الأوسط»، وهو الأمر الذي يهدد حياة من يعانون من الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى علاج دائم. يقول الدكتور صادق الشجاع، أمين عام نقابة الأطباء في تعز، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «الوضع الصحي في تعز ما زال على حاله بعد مضيّ أكثر من سنتين ونصف السنة من الحرب والحصار اللذين تشنهما ميليشيا الانقلاب الحوثي على مدينة تعز، حيث إن المستشفيات الحكومية العاملة في المدينة على قلتها تعمل بالحد الأدنى، فكثير من الأقسام ما زالت مغلقة، والكادر الطبي لم يستلم راتبه منذ أكثر من 10 أشهر، وأكثر من 70% منهم نازح خارج المدينة، بالإضافة إلى أن سوق الدواء مغلقة».
وأضاف: «بدأت الحياة تدب في المدينة بعودة بعض النازحين إلى المدينة ولم تقابلها عودة للخدمات الطبية بالشكل المطلوب، حيث إن الموازنة التشغيلية لكل المستشفيات لم تُصرف منذ أكثر من سنة، مما أدى إلى تدهور الخدمات الصحية في المستشفيات ومنها أقسام الفشل الكلوي التي تعاني الأمرّين مثلها مثل أقسام الجراحة والباطنية والقلب ومرضى السكري والأمراض النفسية والعصبية وأمراض النساء والتوليد، ولا ننسى أيضاً معاناة أمراض الأورام السرطانية خصوصاً في ظل انعدام الأدوية والمستلزمات الطبية». وتابع: «جرحى تعز بلغ عددهم أكثر من 17 ألف جريح كثير منهم من يحتاج إلى مراكز متخصصة خارج اليمن. وهذا كله غيض من فيض».
وأكد شجاع أن «هناك استغاثات متكررة ومن أكثر من مستشفى حول الجرحى ومرضى الفشل الكلي والأورام، وأيضاً حاجة المستشفيات إلى المشتقات النفطية، ولكن الاستجابة غالباً لا تكون بالمستوى المطلوب».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.