معصوم يرفض إرسال قوات كردية إلى طوزخورماتو

توجه لحل مجلس إدارة «كركوك»

TT

معصوم يرفض إرسال قوات كردية إلى طوزخورماتو

كشف النائب شوان الداودي نائب رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني بمجلس النواب العراقي، عن رفض رئيس الجمهورية فؤاد معصوم إرسال قوات رفض مقترحا من قيادة «الاتحاد الوطني» بإرسال جزء من الفوج الخاص بحماية مقرات رئيس الجمهورية إلى طوزخورماتو، وهي قوة كردية من البيشمركة حتى يطمئن الكرد النازحون هناك بوجود قوات تحميهم مما سيساعد على عودة هؤلاء النازحين وتأمين سلامتهم.
وعزا الرئيس رفضه إرسال تلك القوات إلى أنه «لم يستشر بهذا الأمر، وثانياً لأنه يخشى حصول فراغ كبير في حماية مقراته ومكاتبه».
ويبدو أن الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) يتجهان لحل مجلس إدارة محافظة كركوك على خلفية الأحداث التي وقعت خلال الأسابيع الماضية والتي انتهت بسيطرة القوات الاتحادية على المحافظة وكامل المناطق المتنازع عليها. فبحسب نائب كردي ينتمي إلى مدينة كركوك «يستعد مجلس المحافظة لعقد اجتماع بناء على دعوة رئيسه ريبوار طالباني عن كتلة الاتحاد الإسلامي في ناحية قرة هنجير التي تبعد بحدود 25 كيلومترا عن مركز المحافظة، ويتوقع أن يجري التصويت داخل الاجتماع المرتقب لحل المجلس، مما سيؤدي إلى إحداث فراغ إداري كبير على مستوى المحافظة».
وقال الداودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن قائمة (التآخي) المؤلفة من أعضاء الحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، بصدد تقديم مقترح لحل مجلس المحافظة في غياب الكتلتين العربية والتركمانية، حيث من المتوقع أن يعقد اجتماع المجلس يوم الثلاثاء أو الخميس على أبعد تقدير، ويجري طرح المقترح عبر ثلث أعضاء المجلس حسبما ينص على ذلك القانون، عندها سيتمكن الحزبان بثلث أعضائهما من إلغاء المجلس، وهذا سيؤدي إلى تفاقم الخلافات، خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقة الكردية مع المكونات الأخرى بالمحافظة».
وكان مسؤول المكتب التنظيمي للاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك حذر من مغبة نقل جلسات مجلس الإدارة إلى خارج المحافظة، وقال: «نرفض تماماً عقد جلسة مجلس المحافظة خارج حدودها الإدارية، وفي حال أصرت الأطراف الكردية على ذلك، فإن المكونين التركماني والعربي سوف لن يشاركان في الاجتماع».
وأعرب ئاسو مامند عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني ومسؤول مكتبه بكركوك عن استغرابه من إصرار أعضاء المجلس من حزب بارزاني بمقاطعة جلسات مجلس محافظة كركوك، وقال: «لماذا يشارك أعضاء هذا الحزب في اجتماعات مجلس محافظة نينوى، ويعود نوابهم إلى جلسات البرلمان العراقي ببغداد، ولكنهم يرفضون حضور أعضائهم لجلسات محافظة كركوك، في وقت نحن نضمن سلامتهم وحمايتهم في حال العودة؟».
وحول الأوضاع الأمنية بالمحافظة، قال نائب رئيس كتلة الاتحاد الوطني بمجلس النواب: «الأوضاع الأمنية هادئة نسبيا، ولكن هناك تحركات ومناوشات تحدث بين فينة وأخرى، ولكن على العموم فإن شرطة المحافظة التي تتبع الشرطة الاتحادية تقوم بمهامها بشكل جيد، والمشكلة الأمنية تكمن خارج حدود مركز المحافظة، تحديدا في قضاء طوزخورماتو التي ما زالت أوضاعها الأمنية غير مستقرة، وما زال النازحون يعانون بسبب انعدام فرص العودة أمامهم رغم حلول فصل الشتاء؛ مما يصعب عليهم حياتهم اليومية»، ويفسر ذلك مقترح «الاتحاد الوطني» على الرئيس معصوم إرسال جزء من قوات الرئيس والذي قوبل بالرفض.
لكن الداودي أكد بالقول: «لقد عالجنا هذه المشكلة أيضا ونسقنا مع آمر اللواء الكردي المسؤول عن حماية تلك المقرات وتم ترتيب الوضع بشكل لن يحدث فراغاً في حال إرسال مجموعات منهم إلى طوزخورماتو وستظل هناك قوات كافية لحماية مقرات ومكاتب الرئيس، ولكن حتى الآن لم تظهر من الرئيس أية بادرة لحل هذه المشكلة التي تهدد حياة كثير من العوائل الكردية النازحة من القضاء المذكور».
وبسؤاله عن البديل المتاح في حال استمر رئيس الجمهورية برفض إرسال قواته، قال النائب الكردي: «ليس أمامنا حل آخر، حينها ستبقى تلك العوائل تحت رحمة برد الشتاء بلا ملجأ وستتعاظم معاناتهم الإنسانية، لذلك نتطلع إلى أن تحل هذه المشكلة بأسرع ما يمكن لطمأنة العوائل الكردية وضمان عودتهم إلى ديارهم».
وفي السياق الأمني، أكدت مصادر أمنية بمحافظة كركوك تعرض القوات الاتحادية الموجودة هناك إلى سلسلة من الهجمات من قبل مجموعات مسلحة غير معروفة بدأت تنشط حديثا في المدينة، فقد أطلقت مجموعة مسلحة نيرانها على القوات العراقية التي توجد داخل أحد مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني عند مخارج المدينة باتجاه الطريق العام الرابط بين كركوك وأربيل، فيما هاجمت مجموعة أخرى القوات الاتحادية عند مفرق كركوك - السليمانية، ولم تشر المصادر إلى الخسائر التي تكبدتها القوات العراقية في الهجومين، إلا أنها أشارت إلى أن قوات مكافحة الإرهاب سارعت بالانتشار في المنطقة ونصبت سيطرات تفتيش مؤقتة على الطرق العامة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.