مقاتلات أميركية تقصف معاقل «داعش» في ليبيا

TT

مقاتلات أميركية تقصف معاقل «داعش» في ليبيا

شنت مقاتلات أميركية غارة جوية على مواقع لتنظيم داعش في صحراء ليبيا فجر أمس، وذلك للمرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وقتلت «عدداً من عناصره»، وسط تساؤلات حول مدى تنسيق الولايات المتحدة من عدمه مع السلطات الليبية قبل تنفيذ هذه الغارة.
ونقلت شبكة «فوكس نيوز» أمس عن مصدر بوزارة الدفاع الأميركية، أن طائرة دون طيار نفذت ضربة جوية في صحراء بوسط ليبيا، وقتلت عدداً من عناصر «داعش»، وسط توقعات من مسؤولين أميركيين بأن تتواصل الضربات الجوية على ليبيا.
وكانت الولايات المتحدة قد نفذت العام الماضي أكثر من 500 ضربة جوية ضد «داعش» في مدينة سرت، وألحقتها بغارة في سبتمبر الماضي أدت إلى مقتل 17 من مقاتلي «داعش». وبهذا الخصوص قال السياسي الليبي المستقل سليمان البيوضي إن «أي استهداف أرضي أو جوي للتراب الليبي دون تنسيق مع السلطات الشرعية والمؤسسة العسكرية الوطنية الليبية يعتبر انتهاكاً سافراً لسيادة وهيبة الدولة الوطنية».
وأضاف البيوضي لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم الفوضى التي تعيشها البلاد بفعل الانقسام السياسي، فإن اختراق الأجواء أمر مرفوض وغير مقبول، ولن يمنع الليبيين مهما طال الزمن من المطالبة بمحاكمة من استباح أرضهم وفتح مجالها دون وجه حق»، مشدداً على أن «التعامل مع ليبيا كدولة وطنية، وباحترام هيبتها وحقها في السيادة على أجوائها وأرضها، وفي إطار الشراكة والتعاون الدولي ضد قوى الإرهاب، هو ما يجب أن يكون... وبعض الأطراف المؤدلجة، المدعومة دولياً للوجود كسلطة أمر واقع تسببت في تدمير ليبيا».
إلى ذلك، خصصت الحكومة الفرنسية 430 ألف يورو لصندوق الأمم المتحدة الاستئماني للتبرعات (UNVTF)، وذلك بهدف دعم الأعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب في مدينة مصراتة (200 كيلو متر شرق طرابلس).
وقالت البعثة الأممية للدعم في ليبيا إنه بفضل مساهمة الحكومة الفرنسية، استجابت دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام لطلب المركز الليبي للأعمال المختصة بالألغام ومخلفات الحروب (LibMAC)، بخصوص تدمير ما يقارب 200 طن من مخلفات الحرب القابلة للانفجار، توجد قرب مناطق سكنية في مصراتة، مشيرة إلى أن هذه «العملية ستحمي المدنيين والعمال الإنسانيين، وستمنع سرقة هذه المخلفات غير المستقرة».
وقالت أنياس ماركايو، مديرة دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، في بيان نشره موقع البعثة الأممية لدى ليبيا، مساء أول من أمس، إنه «بالشراكة مع الحكومة الفرنسية ستواصل دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تقديم الدعم التقني والمشورة للجهات الليبية، العاملة في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام، من أجل تدمير مخلفات الحرب القابلة للانفجار في مصراتة»، مضيفة أن «التحديات في ليبيا جسيمة، لكن بإمكاننا تحقيق أمن وحماية واستقرار ملموس مع وجود دعم مناسب من المانحين، وأشكر فرنسا على ثقتها في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام».
وذهبت البعثة إلى أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تواصل تقديم الدعم للسلطات الليبية، عبر إدارة المخزون الضخم للأسلحة والذخيرة المضبوطة منها وغير المضبوطة، لافتة إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى «إزالة المخلفات القابلة للانفجار حتى لا تمثل خطراً على السكان، ومن أجل تعزيز سلامة الليبيين، من خلال توعيتهم بمخاطر المخلفات المنتشرة والأسلحة الصغيرة والخفيفة». يأتي ذلك فيما لا تزال 700 جثة لمقاتلي «داعش» محفوظة داخل حاويات مبردة في مصراتة، دون تسليمها إلى ذويهم.
وقتل هؤلاء المسلحون في سرت، المعقل السابق للتنظيم، الذي سيطر على المدينة في يونيو (حزيران) 2015، قبل أن تتمكن قوات «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة الوفاق الوطني من استعادتها في ديسمبر (كانون الأول) 2016 بإسناد جوي أميركي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.