هيئة علماء السودان تستنكر شروط أميركا لتطبيع العلاقات

قوات «إيساف» تصل الخرطوم للمشاركة في تمرين «سلام الشرق»

TT

هيئة علماء السودان تستنكر شروط أميركا لتطبيع العلاقات

استنكرت هيئة دينية شروط أميركا لتطبيع العلاقات مع السودان، وأعلنت تمسكها وعدم تفريطها فيما أطلقت عليه «ثوابت الأمة» محل إجماع أهل القبلة كافة.
وأصدرت هيئة علماء السودان، وهي هيئة دينية غير حكومية، بياناً لتوضيح موقفها بشأن لقاء نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان مع رجال دين مسلمين ومسيحيين أول من أمس، أكدت فيه تمسكها بـ«ثوابت الأمة» محل إجماع أهل القبلة، رافضة التفريط فيها.
وقالت الهيئة، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن وسائل إعلام (لم تسمها) نقلت بعض المطالب التي تقدم بها سوليفان لتحسين العلاقات مع السودان، تناولت جوانب سياسية وتشريعية وقانونية، موضحة أنها متمسكة بثوابت الأمة، ومرتكزات قيمها التي تعتبر محل اجتماع بين أهل القبلة، و«لا سبيل للتفريط فيها... وحفظ حقوق الإنسان عامة، وحقوق أهل الأديان من صميم منهج الإسلام، ولم يعرف هذا البلد صراعاً دينياً وعقدياً، وقد عاش أهل الأديان في أمن وسلام منذ القدم».
ودعت الهيئة، في البيان، إلى حل ما سمته «المشكلات التي تنتج عن بعض الممارسات، وما ينجم عن ذلك من ظلم أو تعدي يرفضه الإسلام، وتجرمه القوانين، ونحن ندعو لرد الحقوق لأهلها، وفق منهج الحق والعدل وضوابط القانون».
كان سوليفان قد زار، أول من أمس، أحد أشهر مساجد أم درمان، أكبر مدن ولاية الخرطوم، وعقد اجتماعاً تناول أهمية الحريات الدينية والتعايش الديني في البلاد، واستمع إلى شرح مختصر عن تدريس العلوم الإسلامية في مساجد البلاد. كما أبدى في لقاء جمعه مع رجال دين وأئمة داخل المسجد انزعاج حكومته من وضع الحريات الدينية في البلاد.
من جهتها، نقلت وسائل إعلام محلية، أمس، عن أحد الأئمة الذين شاركوا في الاجتماع المغلق مع سوليفان قوله إن «الوزير الأميركي طرح خطة عمل وزارته للحريات الدينية، التي تتضمن تعديل القانون الجنائي السوداني وقانون الأحوال الشخصية».
من جهة ثانية، حطت أمس في مطار بورتسودان السوداني طلائع القوات المشاركة في التمرين التعبوي لـ«قوات شرق أفريقيا للتدخل السريع وعمليات حفظ السلام»، المعروفة اختصاراً بـ«إيساف»، ويقام التمرين في شرق السودان خلال الفترة بين 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي و6 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وقال بيان صادر عن الإعلام العسكري السوداني، حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن قوات كينية وأوغندية ورواندية وإثيوبية، إلى جانب مجموعة طلائع سكرتارية قوات «إيساف»، بقيادة العقيد جين ماري برومبشي، رئيس أركان المكون العسكري بمكتب التخطيط للقوات، وصلت بورتسودان أمس.
وأوضح البيان أن الاستعدادات لانطلاق التمرين، الذي يحمل اسم «سلام الشرق»، بمنطقة جبيت العسكرية بشرق السودان، اكتملت لبدء التدريبات التي تشارك فيها دول الإقليم العشر، وهي السودان وكينيا وإثيوبيا وأوغندا ورواندا وبورندي وسيشل والصومال وجزر القمر وجيبوتي.
يذكر أن القوات المسلحة السودانية قد وقعت، الثلاثاء الماضي، مذكرة تفاهم مع الجيش البريطاني لتقديم الخدمات الإدارية والتعبوية للتمرين، وقعها عن الجانب السوداني الفريق أول عماد عدوي، رئيس الأركان المشتركة، ومن الجانب البريطاني السفير مايكل أرون.
من جهة أخرى، أعلنت نيابة أمن الدولة السودانية، أمس، اكتمال التحقيقات مع 15 متهماً في جرائم تتعلق بالتهريب والاتجار بالبشر، جرى اعتقالهم خلال اشتباك مع قوات تابعة للجيش السوداني غرب مدينة دنقلا بشمال البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السودانية (سونا) أن جنديين تابعين لقوات الدعم السريع قتلا أثناء الاشتباك، وأن القوات التابعة للجيش السوداني حررت 60 من ضحايا الاتجار بالبشر من جنسيات مختلفة.
وقال وكيل نيابة أمن الدولة بابكر عبد اللطيف إن سلطات النيابة تعكف على تهيئة البلاغ لتقديمه للمحكمة، وفقاً لأحكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر 2014، ومواد أخرى للقانون الجنائي، تتضمن القتل العمد.
وأعلنت السلطات الأمنية السودانية، في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي، مقتل 17 من أفراد عصابة للتهريب والاتجار بالبشر، ومقتل رجلين من أفراد القوة الحكومية التي نفذت العملية على الحدود المصرية - الليبية.
والسودان من الدول التي تواجه صعوبات في السيطرة على التهريب والاتجار بالبشر، باعتباره مصدراً ومعبراً للمهاجرين غير الشرعيين، وأغلبهم من القرن الأفريقي، الذين يتجهون إلى أوروبا عبر ليبيا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.