مهرجان القاهرة الدولي السينمائي... غياب مصري وحضور عربي وحيد

في سابقة هي الأولى من نوعها، تغيب شمس الأفلام المصرية عن الدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان القاهرة الدولي السينمائي، والمقرر انطلاق فعالياتها خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدما أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي (أهم مهرجانات المنطقة العربية)، غياب الأفلام المصرية عن المشاركة هذا العام، وهو أمر اختلف النقاد على توصيفه... فمنهم من اعتبره فضيحة سينمائية، ومنهم من وصفه بالقرار الشجاع، لكن مدير المهرجان، الناقد الفني يوسف شريف رزق الله، برر غياب الفيلم المصري بقوله: «لجنة اختيار الأفلام لم تجد فيلماً واحداً، يرتقي للمشاركة في المسابقة الرسمية». تصريحات رزق الله في ظاهرها الرحمة، لكن في باطنها العذاب، لأنها تكشف حقيقة تراجع السينما المصرية، بعد انخفاض إنتاج أعداد الأفلام سنوياً، وضعف مستوى كثير منها.
وقال الناقد الفني محمد عبد الشكور لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن نقول إنه لا توجد أفلام مصرية جيدة هذا العام، لكن نستطيع أن نقول إن صناع هذه الأفلام اختاروا عرضها في مهرجانات أخرى، وهذا حقهم». وأضاف: «أؤيد عدم اختيار أفلام مصرية ضعيفة لمجرد تمثيل مصر فقط، لأن المهرجان يستقبل أفلاماً عالمية جيدة ويشارك فيه ضيوف ونقاد من دول كثيرة»، موضحاً أن «اختيار بعض الأفلام المصرية السيئة في الدورتين الماضيتين قد أضر بسمعة السينما المصرية»، وتابع: «لو لم يتم عرض فيلم (الشيخ جاكسون) في مهرجان الجونة، كان سيكون فيلماً مناسباً لعرضه في مهرجان القاهرة، لكن صناع الفيلم اختاروا الجونة، مثلما اختار المخرج محمد حماد، عرض فيلمه (أخضر يابس) العام الماضي في دبي بدلاً من مهرجان القاهرة السينمائي».
بدوره، قال الناقد الفني طارق الشناوي، إن «قرار إدارة المهرجان بعدم مشاركة فيلم مصري بالمهرجان، هو أشجع قرار اتخذته، رغم أنها تعد فضيحة سينمائية، ولكنها البديل الأفضل عن أن تقبل فيلماً متواضعاً فتكون الكارثة أكبر في حق السينما المصرية». وأضاف: «وارد جداً عدم حصول السينما المصرية على جائزة في مهرجان القاهرة السينمائي، لكن غيابها عن المهرجان المصري، هي سابقة لم تحدث طوال تاريخ المهرجان، بل ولم تحدث في أي مهرجان دولي من قبل».
في السياق ذاته، فسرت الناقدة الفنية ماجدة موريس، عدم وجود أفلام مصرية في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بـ«قلة إنتاج عدد الأفلام المصرية»، مشيرة إلى «أن مشاركة أفلام مصرية في مهرجان الجونة، ودبي، لم يُبقِ لمهرجان القاهرة فرصة لاختيار أفلام جديدة ومهمة». وأوضحت في تصريحات صحافية أن «نسبة الأفلام المصرية تقل سنة بعد سنة، ويرجع السبب إلى أن الدولة لا تدعم السينما».
من جانبها، أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي منح الممثل الكوميدي سمير غانم جائزة «فاتن حمامة للتميز» في دورته المقبلة، وقالت ماجدة واصف رئيس المهرجان: «سوف يتم تكريم 3 نجوم بهذه الجائزة، وهم ماجد الكدواني، وهند صبري، وسمير غانم. وتُمنح الجائزة بناء على مبادرة من أسرة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، مع كل دورة جديدة، للشخصيات السينمائية التي أسهمت، وما زالت، في الارتقاء بالفن السينمائي». ويذكر أيضاً أنه تم نقل حفلي الافتتاح والختام، من المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، إلى قصر المؤتمرات بالتجمع الخامس.
وعن أهمية مهرجان القاهرة السينمائي، قال الكاتب الصحافي جمال زايده، رئيس مهرجان شرم الشيخ للسينما الأوروبية: «مهرجان القاهرة هو أقدم مهرجان سينمائي، وينتمي إلى الفئة الدولية (A) المعترف بها من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام، وهو المهرجان الدولي الوحيد في العالم العربي وأفريقيا والشرق الأوسط، وهو ضمن أهم 15 مهرجاناً دولياً على مستوى العالم». ولفت إلى «أهمية دعم الدولة لقطاع السينما لضعف تمويل الأفلام الجادة من قبل المنتجين المستقلين»، مشيراً إلى أن «السينما كانت ركناً أساسياً من الثقافة والمجتمع والاقتصاد منذ عهد طلعت حرب باشا الذي افتتح استوديو مصر، عام 1935، لدعم تقدم السينما المصرية من خلال شركة مصر للتمثيل والسينما».
يشار إلى أن مهرجان القاهرة هذا العام سوف يقدم 175 فيلماً من 53 دولة موزعة على عدد من الفئات: «المسابقة الدولية، والاختيار الرسمي، وخارج المسابقة، والبانوراما العالمية»، إضافة إلى عدد من الندوات والجوائز والنشرات والبرامج الموازية. ويفتتح المهرجان الفيلم الأميركي (The Mountain Between US) «الجبل الذي بيننا»، وهو فيلم للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، ويقوم بدور البطولة كيت وينسليت وإدريس إلبا. وتتضمن المسابقة الرسمية للمهرجان: الفيلم الإيطالي «فورتوناتا» الحائز على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان «كان»، والفيلم الفرنسي «موسم في فرنسا» لمخرجه محمد صالح هارون، أحد أهم مخرجي السينما الأفريقية، والفيلم البلجيكي «التورط في سوريا»، الذي تدور أحداثه في بيت في دمشق دمرته الحرب السورية، والفيلم التشيلي «لوس بيروس» للمخرج الشهير مارسيلا سعيد، وغيرها.
ويترأس لجنة التحكيم هذا العام الممثل المصري حسين فهمي، بعضوية جاك لي (منتج) من الصين، وسكوت هيلير (مدير تصوير) من أستراليا، وبيتر فاسلاف (مخرج) من التشيك، وخيري بشارة (مخرج) من مصر، وهاني أبو أسعد (مخرج) من فلسطين، وسمريتي كيران (مخرجة) من الهند، وفابيين باب (ممثلة) من فرنسا، وكندة علوش (ممثلة) من سوريا.
كما أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إهداء الدورة 39 للفنانة شادية، التي ترقد في مستشفى الجلاء، بعد تعرضها لأزمة صحية. ويكرم المهرجان هذا العام أيضاً، ذكرى المخرج الراحل محمد كامل القليوبي، والناقد السينمائي سمير فريد من مصر، والمخرج اللبناني جان شيمعون، والممثلة والمخرجة الفرنسية جون مورو.