رسالة روسية إلى الإسرائيليين بأن ميليشيات إيران لن تهدد أمنهم

تضم 70 ألفاً من «الحرس» و«حزب الله» والأفغان

TT

رسالة روسية إلى الإسرائيليين بأن ميليشيات إيران لن تهدد أمنهم

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، جانبا من النقاشات التي تدور بين إسرائيل وكل من روسيا والولايات المتحدة، بخصوص اتفاق التهدئة في جنوب سوريا، الذي تعتبره إسرائيل لا يكترث بمصالحها وطلباتها. وقالت إن روسيا حاولت طمأنة إسرائيل بالقول إنها تسعى لإقناع إيران بألا تستخدم قواتها في سوريا، البالغ تعدادها 70 ألف مقاتل، كمنطلق لعمليات عسكرية ضدها.
وأضافت هذه المصادر أن التوافق بين الدولتين العظميين، روسيا والولايات المتحدة، بخصوص سوريا، وعلى فتح صفحة جديدة في العلاقة بينهما، يقلق إسرائيل التي تخشى من أن حلا سياسيا سيبقي في سوريا قوات معادية يمكنها بعد فترة العمل ضدها. إذ هي تشعر بأن موافقة الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، على أنه «يجب على كل القوات الأجنبية مغادرة سوريا»، ليست مقنعة. فحسب التفاهمات، روسيا ستعمل مع الرئيس بشار الأسد من أجل أن يأمر القوات الأجنبية التي تعمل إلى جانبه مثل إيران و«حزب الله» على ترك الدولة، والولايات المتحدة ستعمل مع الأردن من أجل إبعاد الجهاديين، ومن بينهم مقاتلو جبهة النصرة وميليشيات راديكالية سنية أخرى. ومع أن إسرائيل غاضبة على الرئيسين، فإنها فضلت توجيه سهامها نحو روسيا وحدها.
وأكدت المصادر أن إسرائيل تواصل ضغوطها لتعديل الاتفاق، خصوصا أنه في هذه الأثناء ما زال «مجرد اتفاق مبادئ لا يرسم خرائط نهائية». وهي تريد أن يكون أكثر حزما ووضوحا بشأن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا. وتعلن أنها ترفض التعايش مع بقاء هذه القوات لفترة طويلة.
وبحسب المصادر، فإن روسيا حاولت طمأنة إسرائيل بالقول إنها «نجحت في التأثير على القيادة الإيرانية لإبعاد القوات الإيرانية عن المنطقة الآمنة الجنوبية إلى الشمال والشرق قليلا، وهي تسعى الآن لإقناعها بالامتناع عن أي عمل حربي ضد إسرائيل من الأراضي السورية».
وقالت إن التقارير الإسرائيلية تفيد بأن مجمل عدد القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في سوريا، يتجاوز 70 ألف مقاتل، نحو نصفهم من الجنود النظاميين (نحو 8 آلاف حتى 10 آلاف من رجال الحرس الثوري ونحو 5 آلاف إلى 6 آلاف من جنود الجيش النظامي الإيراني)، ونحو 20 ألفا من رجال الميليشيات الشيعية التي جاءت من العراق، ونحو 12 - 15 ألفا من رجال الميليشيات الأفغانية الذين جندتهم إيران، و7 - 10 آلاف مقاتل من «حزب الله»، و5 – 7 آلاف مقاتل باكستاني وفلسطيني. ويقف على رأس هذه القوات الجنرال جعفر الأسدي، الذي عين في منصبه بعد القائد السابق حسين همدان، الذي قتل في 2015.
وتعمل القوات الإيرانية تحت قيادة مشتركة تنسق نشاطاتها مع الجيش النظامي السوري في أربع جبهات. مقر هذه القيادة يوجد قرب مطار دمشق ويترأسها القائد سيد رضا موسوي، المسؤول أيضا عن التنسيق اللوجستي لقوة القدس في الحرس الثوري الإيراني برئاسة قاسم سليماني. وتوجد في منطقة الزبداني، شمال غربي دمشق، قاعدة الشيباني التي استخدمتها قوات الحرس الجمهوري السوري وانتقلت إلى سيطرة إيران. وتشير التقديرات إلى أنه يوجد فيها نحو 3 آلاف جندي يقومون بمهمات في وسط سوريا. وكذلك «حزب الله» وميليشيات أفغانية.
وتشرف قيادة المنطقة الجنوبية لهذه القوات على مناطق درعا والسويداء والقنيطرة، وقاعدتها المركزية توجد في المنشأة رقم 18.000، التي تقع على بعد 60 كلم عن جنوب دمشق في طريق درعا، وليس بعيدا عنها توجد قاعدة اليرموك التي استخدمتها قوات «حزب الله»، في حين أن قاعدة أزرع قرب بلدة شيخ مسكين، تستخدم كقاعدة لوحدة الصواريخ من طراز «سام 1». وأما في الجبهة الشرقية الشمالية فيشغل الإيرانيون قواتهم في منطقة الحسكة، الرقة، القامشلي والمطار العسكري قرب حمص. يوجد تحت تصرف هذه القوات مطار «تي 4» الذي يبعد نحو 50 كلم عن مدينة تدمر. ويوجد فيه حسب تقديرات مصادر المعارضة الإيرانية ألف جندي تقريبا. وهناك نحو ألف جندي من حرس الثورة الإيراني يوجدون في منطقة اللاذقية وطرطوس التي يسيطر عليها الجيش السوري.
ويرى إسرائيليون أن هذا الانتشار يصعب عليهم توجيه ضربة قاصمة لهذه القوات، تنهي الوجود الإيراني في سوريا. ويقول الروس لإسرائيل إن هذا الانتشار هو برهان على نقاط ضعف الجيش السوري، وعلى أنه يحتاج إلى مساعدة إيران. حتى الآن هذه المساعدة وجدت تعبيرها في المعارك المحلية ومنها احتلال حلب. ولكنها لا تشير حتى الآن إلى نية السيطرة على مناطق في سوريا من أجل إقامة جيوب إيرانية فيها. لكن مصادر في المعارضة السورية قالت في تقاريرها إن جنودا ومواطنين إيرانيين منشغلون ليس فقط بالحرب، بل بشراء العقارات، ولا سيما في المدن الكبرى. ولكن أيضا في هذا لا يوجد ما يكفي لأحداث تغيير ديموغرافي استراتيجي يمكنه أن يغير طابع سوريا.
ومع ذلك فإن روسيا لم تفلح في طمأنة إسرائيل، لذلك فإن قادتها يفتشون عن أدوات ردع لإيران بالاعتماد على قدراتها الذاتية. وهي اختارت التهديد بضرب عسكري، كما قال وزير الدفاع، أفيغدور لبرمان، في مطلع الأسبوع. فإسرائيل لن تقبل بتموضع قوات إيرانية في هضبة الجولان والمنطقة القريبة منها. وهي تحاول أن توضح لإيران وروسيا أنه إذا قررت إسرائيل الهجوم، كما يهدد لبرمان، فإن هجومها لن يكون محدودا، ومن شأنه أن يتسع ويصل إلى قصر الرئيس السوري وإلى أهداف استراتيجية أخرى، وإلى لبنان أيضا ضد «حزب الله»، ولن يكتفي بمهاجمة الأهداف الإيرانية. فهكذا سيتم إيجاد ميزان ردع بين إسرائيل وسوريا وإيران، يكون فيه تهديد إسرائيل لإيران حقيقيا في هضبة الجولان أكثر من تهديد إيران لإسرائيل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».