فشل مشروعا قرارين متنافسان أميركي وروسي من أجل تمديد مهمة الخبراء الدوليين الذين يحققون حول استخدام أسلحة كيماوية في سوريا لمدة عام، ذلك خلال جلسة عاصفة لمجلس الأمن الدولي الخميس، ما دفع اليابان إلى تقديم حل وسط بين المشروعين.
وطرحت اليابان بعدها مشروع قرار يمدد مهمة «آلية التحقيق المشتركة» بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لـ30 يوما ريثما يتم التوصل إلى تسوية، كما يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يقدم في غضون 20 يوما «مقترحات بشأن هيكلية ومنهجية عمل» آلية التحقيق.
واستخدمت روسيا حق النقض (فيتو) للمرة العاشرة في مسألة متعلقة بسوريا ضد مشروع قرار أميركي وافقت عليه 11 دولة وعارضته اثنتان هما روسيا وبوليفيا بينما امتنعت دولتان هما الصين ومصر عن التصويت.
خلال جولة تصويت ثانية، سقط مشروع القرار الروسي بعد أن حصل على تأييد أربع دول فقط ومعارضة سبع وامتناع أربع أخرى. وكان لا بد من الحصول على غالبية من تسعة أصوات لتبني النص من دون أن تستخدم أي من الدول الخمس الدائمة العضوية الفيتو.
يقول دبلوماسيون إن مهمة المحققين تنتهي الجمعة وليس الخميس كما كان أعلن سابقا وكان من المفترض أن يدرس مجلس الأمن الاقتراح الياباني أمس.
وشهدت جلسة مجلس الأمن تلاسنا غير معهود وتبادل اتهامات بـ«الغش» و«الخيانة» و«عدم الأمانة»، بينما ندد السفير المصري بـ«استعراض أمام الإعلام» بينما أشار نظيره البوليفي إلى جلسة «غير مألوفة».
إثر الفيتو الروسي، قالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي إن «روسيا قتلت آلية التحقيق التي حظيت بدعم عام في هذا المجلس»، مشددة على أن «الرسالة واضحة: روسيا تقبل باستخدام أسلحة كيماوية في سوريا».
من جهته، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن مهمة المحققين تشوبها «نواقص أساسية» وهناك شكوك حول الشهادات التي جمعتها كما «أن روسيا لم يكن باستطاعتها التصويت على المشروع الأميركي والجميع كانوا يعلمون ذلك».
وأشارت دول عدة إلى عزلة روسيا أحد أبرز حلفاء النظام السوري وألقت كل من الدول الكبرى مسؤولية فشل مجلس الأمن على الأخرى.
وقال السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر فرنسا تشعر بالأسف لهذه النتيجة الناجمة عن الفيتو الروسي، فيما اعتبر السفير البريطاني ماثيو ريكروفت أن «روسيا فشلت في تعزيز السلام في سوريا» عندما «رفضت اتخاذ موقف بناء».
ومع التصويت بات مجمل نظام منع الانتشار الذي أقامته الأمم المتحدة لحظر استخدام الأسلحة الكيماوية في العالم على المحك.
يختلف المشروعان الأميركي والروسي إلى حد كبير ولا يلتقيان سوى في نقطة واحدة هي تمديد مهمة المحققين لمدة عام. وطلب المشروع الروسي مراجعة مهمة المحققين وتجميد تقريرهم الأخير الذي يتهم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالمسؤولية في هجوم بالأسلحة الكيماوية أوقع أكثر من 80 قتيلا في خان شيخون في 4 أبريل (نيسان) الماضي.
لكن واشنطن عارضت ذلك وطالبت في المقابل بدعم من الأوروبيين فرض عقوبات على المسؤولين عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا.
قبل ساعة من التصويت، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجلس الأمن الدولي إلى تمديد مهمة المحققين بشأن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا لمنع نظام الأسد من ارتكاب جرائم جديدة.
وتمديد مهمة المحققين في صلب خلاف حاد مستمر منذ أسابيع بين واشنطن وموسكو حول التقرير الأخير لهؤلاء الخبراء ولمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وكان التقرير اتهم في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) سلاح الجو السوري بقصف بلدة خان شيخون التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة إدلب (شمال) بغاز السارين في 4 أبريل الفائت، ما أوقع أكثر من 80 قتيلا. ومنذ ذلك الحين، تندد موسكو بالتقرير الذي أشرف عليه أدموند موليه وتقول على غرار دمشق إن الهجوم مرده انفجار قذيفة على الأرض.
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية إن آلية التحقيق الدولية المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة، الخاصة بتحديد المسؤولين عن الهجمات باستخدام سلاح كيماوي في سوريا، قد «انتهى وجودها اعتباراً من تاريخ اليوم». وحملت في نص «بيان من الخارجية الروسية» نشرته على موقعها الرسمي مساء أمس الولايات المتحدة المسؤولية عن ذلك. وجاء في البيان: «خلال المناقشات يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري في مجلس الأمن الدولي حول مصير آلية التحقيق المشتركة، رفضت الولايات المتحدة ومؤيديها نص مشروع القرار الروسي - الأميركي الذي عرضته بوليفيا على المجلس حول تمديد وتعزيز ولاية الآلية. ونتيجة مثل هذه التصرفات غير المسؤولة فإن الآلية التي تم تأسيسها منذ أكثر من عامين لمصلحة تحديد المسؤولين عن الجرائم الكيماوية في سوريا، فإن الآلية اعتباراً من تاريخ اليوم (17 نوفمبر) انتهى وجودها». ورأت الخارجية الروسية في بيانها «الدعوات الرنانة التي أطلقتها المندوبة الأميركية في مجلس الأمن لتمديد ولاية الآلية، حملت طابع النفاق»، واتهمت واشنطن بأنها «لا تريد تمديد ولاية وتعزيز عمل الآلية، بل تريد الحفاظ عليها دون تغيير، كأداة لتحقيق الأهداف القومية على محور السياسة الأميركية في سوريا».
الخارجية الروسية: آلية التحقيق بالكيماوي السوري انتهت
الخارجية الروسية: آلية التحقيق بالكيماوي السوري انتهت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة