الجزائر: أحزاب السلطة مرشحة للفوز بأغلبية المقاعد

مصير 800 مليار دولار يطغى على نهاية حملة الانتخابات البلدية

TT

الجزائر: أحزاب السلطة مرشحة للفوز بأغلبية المقاعد

ينهي قادة أحزاب المعارضة والموالون للحكومة بالجزائر غداً (الأحد) حملة الانتخابات البلدية والولائية، التي دامت 21 يوماً، وتميزت بفتور لافت من جانب الجزائريين، الذين باتوا مقتنعين بأن مشاكلهم اليومية مثل السكن والتشغيل، لا يمكن أن يحلها المنتخبون المحليون لاقتناعهم بأن السلطة المركزية تحتكر سلطات القرار السياسي في المجال الاجتماعي.
ويوجد إجماع كبير في الأوساط السياسية والإعلامية على أن «حزبي السلطة» سيحصدان الأغلبية، وهما «جبهة التحرير الوطني»، حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، حزب رئيس الوزراء أحمد أويحي. والحزبان حصلا على أغلبية مقاعد 1541 مجلساً بلدياً و84 مجلساً ولائياً خلال انتخابات 2012، علماً بأن الاستحقاق البلدي سيجري يوم 23 من الشهر الحالي.
وخاض حملة الانتخابات 53 حزباً، أغلبها لا يملك تجربة في الانتخابات. وبدا صوت المعارضة في المنافسة الدعائية خافتاً، بمن فيها ذات الأوزان الثقيلة، وأهمها «حركة مجتمع السلم» (إسلامية)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني)، و«جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض)، التي ترافع لصالح تحقيق «إجماع وطني» بين السلطة والمعارضة، تكون نهايته الاتفاق على إنشاء «مجلس تأسيسي». لكن السلطة رفضت الفكرة من الأساس، بحجة أن أصحابها يريدون إعادة النظر في المنظومة المؤسساتية بكاملها، لأنها تفترض أنها غير شرعية.
وطغى مصير الحكم في 2019 (موعد انتخابات الرئاسة) على خطاب قادة الأحزاب خلال الحملة، إذ قال أمين عام «جبهة التحرير» جمال ولد عباس إن حزبه «الوحيد الذي يعرف من سيكون رئيساً بعد عام ونصف العام»، وعُد كلامه بمثابة إعلان غير مباشر عن رغبة بوتفليقة تمديد حكمه.
ومن جانبه قال أويحي عندما سئل من طرف صحافي إن كان سيترشح للانتخابات «لن أطلب لنفسي الرئاسة ما دام بوتفليقة في الحكم». واشتهر أويحي بجملة قالها قبل أعوام هي «الرئاسة موعد للشخص مع قدره». ومباشرة بعد ذلك قال مراقبون إن أويحي يعرف أنه لو أبدى رغبة في الحكم فإن بوتفليقة سيبعده عن الشأن العام نهائياً.
والشائع أن الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، يريد أن يكون رئيساً، بدليل أنه دائم الحضور في وسائل الإعلام بفضل نشاطه اليومي في النواحي العسكرية الست، في إطار ما يسمى «محاربة الإرهاب»، ونقل عنه قوله «لقد فعلها السيسي في مصر، فلم لا أنا أيضاً؟!».
وبدا حضور المعارضة ضعيفاً خلال الحملة الانتخابية، وركز قادتها خطابهم على «الإجراءات اللا شعبية» التي اتخذتها الحكومة في إطار قانون الموازنة لسنة 2018، خصوصاً ما يتعلق منها برفع أسعار البنزين، وهو قرار ستنجر عنها زيادة في أسعار الكثير من المنتجات، واستنكرت المعارضة وقوف برلمانيي الأحزاب الموالية للحكومة ضد مادة جديدة في قانون الموازنة تتعلق بفرض ضريبة على الأثرياء.
وهاجمت المعارضة رئيس الوزراء أويحي، وطالبته بـ«دفع الحساب» بخصوص مبالغ طائلة تم إنفاقها منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم، بلغت 800 مليار دولار.
فبالرغم من حجم هذه الموارد، يظل الاقتصاد الجزائري رهينة لسعر برميل النفط. واضطرت الحكومة بسبب شح الموارد المالية إلى وقف استيراد السيارات ومنتجات غذائية كثيرة، ما أفرز اختلالاً كبيراً في السوق. وكانت هذه العناصر مادة دسمة بالنسبة للمعارضة، التي حاولت إقناع الناخبين بعدم التصويت للأحزاب التي تتشكل منها الحكومة.
وبينما دعا وزير الداخلية نور الدين زرهوني رؤساء البلديات، الذين سيفرزهم صندوق الانتخاب، إلى عدم الاعتماد على برامج الإنفاق الحكومي، طالبت أحزاب المعارضة نفس الوزير بـ«ضمان حياد الإدارة في الانتخابات»، على أساس أن «التجارب الانتخابية السابقة أثبتت أن الحكومة تمارس التزوير لمصلحة المرشحين التابعين لها». وتقول أحزاب «الموالاة» إن المعارضة «تتهمنا بالتزوير للتغطية على عجزها عن إقناع الناخبين ببرامجها، وهي بذلك تبرر هزيمتها في الانتخابات قبل أن تخوضها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.