جيسيكا عازار: الحياد في تعابير الوجه مؤشر على موضوعية مقدم نشرة الأخبار

شهرتها حققتها «إم تي في».. وترى نفسها «ذكية» حين تنفذ تقارير ميدانية

جيسيكا عازار: الحياد في تعابير الوجه مؤشر على موضوعية مقدم نشرة الأخبار
TT

جيسيكا عازار: الحياد في تعابير الوجه مؤشر على موضوعية مقدم نشرة الأخبار

جيسيكا عازار: الحياد في تعابير الوجه مؤشر على موضوعية مقدم نشرة الأخبار

باتت مقدمة نشرة الأخبار في قناة «إم تي في» الإعلامية جيسيكا عازار وجها مألوفا منذ انطلاقتها على الشاشة. يتوقف الناس عند جمالها، وعفويتها، وقدرتها على قراءة الأخبار السياسية بحيادية واضحة، وتفاعلها مع الخبر الإنساني، فضلا عن أدائها. لا تنفي أن الجمال له انطباعه الأساسي، لكنه لا يُعول عليه في تقديم النشرة التي تعتبرها حلما تحقق.
لا تزال عازار على قناعة بأن المراسل يصنع الخبر، وتصف نفسها بالذكية حين تعمل كمراسلة، ذلك أن المراسل «يصنع الخبر ولا يقرأه فقط». وعلى هذا الأساس، تنزل إلى الميدان وتنفذ تقاريرها، إلى جانب قراءتها لنشرة الأخبار.
تجربتها الإعلامية كمراسلة ومقدمة لنشرات الأخبار، تتحدث عنهما جيسيكا عازار في هذا الحوار.
* هل تعتبرين نفسك محظوظة لتقديم نشرة الأخبار بدلا من برنامج يعرض مرة في الأسبوع؟
- منذ البداية، نشرة الأخبار كانت بمثابة حلم لي، وحين دخلت مراسلة إلى «إم تي في» كنت أنوي التقدم لأصبح مقدمة نشرة أخبار، وطورت قدراتي على هذا الأساس.
* لكنك ما زلت تحبين موقعك كمراسلة؟
- بالتأكيد. حين أعمل الآن كمراسلة ميدانية، أقول لمديرية الأخبار إنني اشعر بأنني ذكية.
* لماذا؟
- المراسل يصنع الخبر، وينقل الحدث الذي يحتاج إلى جهد، رغم أن تقديم الخبر هو مسؤولية أيضا. حين أعمل مراسلة، أشعر بأنني صنعت الخبر ولم أقرأه فقط. بالإضافة إلى أن نشرة الأخبار تقوم على المراسلين.
* لكن المذيع يستطيع أن يصنع الخبر أيضا بطريقة أدائه؟
- مسؤولية المذيع أن ينقل الخبر بكل موضوعية، وبأمانة، تقديرا لتعب المحررين في غرفة الأخبار، واحتراما للمشاهد ولعمل المراسل وسائر طاقم الأخبار.
* هل تستطيعين أن تكوني محايدة؟
- في كثير من الأوقات أنا محايدة، ولا تظهر علامات التفاعل على وجهي تأييدا أو معارضة لحدث سياسي.
* إلا في قراءة الخبر الميداني السوري؟
- حين يتضمن الخبر دماء يظهر علي التأثّر، لأنني في النهاية إنسانة، والمشاهد يتأثر في منزله، كما أنني أبتسم إذا كان الخبر مفرحا. أما بخصوص التقارير الميدانية السورية فإنني أتفاعل معها لأنه لا يمكن لأحد ألا يتفاعل مع مشاهد أطفال قتلى، كما أن أي شخص لا يحب أن يسمع أصوات حرب. أتفاعل مع التقرير الميداني السوري كما أتفاعل مع الميداني من غزة وغيرهما.. ولا تنس حجم تأثير التطورات السورية على الداخل الميداني.
* برأيك، متى تتحول مقدمة نشرة الأخبار إلى نجمة؟
- عدة عوامل تسهم في ذلك، أهمها المحطة التي تطل عليها المقدمة. ونشرة الأخبار في حد ذاتها تساعد، بالإضافة إلى أسلوب المقدمة في قراءة النشرة، وهو ما يُصطلح على تسميته «كاراكتر».
* لماذا استثنيت الجمال والأداء؟
- «الكاراكتر» يتضمن الجمال والأداء والشكل والتصرف أمام الكاميرا. الجمال يلفت النظر في أول انطباع، لكن شخصية المقدم والتصرف أمام الكاميرا والتفاعل معها، هي مهارات تصنع النجم.
* لو كنت مقدمة على شاشة أخرى، هل كنت لتحصلي على الشهرة التي حصلت عليها على «إم تي في»؟
- لا، لو كنت على محطة لبنانية أخرى، لما حصلت على الشهرة التي حصلت عليها هنا.
* والشهرة العربية؟
- سيكون المشاهدون من نمط مختلف، ولو كنت على محطة عربية لكانت اختلفت نوعية المشاهدين.
* مقدمو نشرات الأخبار على القنوات العربية يعتبرون أنفسهم مظلومين رغم أن حجم المشاهدة أكبر..
- قد لا يحقق مقدم نشرات الأخبار على قناة عربية النجاح والشهرة ذاتهما اللذين يحظى بهما في محطة محلية، بسبب امتداد الجمهور وتنوعه وبعده عن موقع المحطة نفسها. أنا كلبنانية أستطيع أن ألتمس التفاعل وردود الفعل على الساحة اللبنانية بسرعة، لأنني على تواصل مباشر معهم، لكن كل محطة لها وقعها. على «الجزيرة» و«العربية» مثلا، ستجد أسماء كبيرة جدا في تقديم الأخبار.
* هل يستطيع مقدم يتمتع بتجربة صغيرة لا تزيد على أربع سنوات أن ينافس هؤلاء النجوم الكبار على المحطات الفضائية؟
- لا أعتقد ذلك. هم مخضرمون ويمتلكون خبرة كبيرة، كما أن شاشتهم استمرت أكثر منا، حيث إن «إم تي في» توقفت عن البث سبع سنوات. شخصيا، أنا ما زلت في أول الطريق، وفي بداية عمري المهني، وأشكر الله أنني حتى هذا الوقت أحاول ألا تكون عندي انطباعات سلبية. بالنسبة لي، أنا راضية عن نفسي وتجربتي.
* ما هي أهم عوامل الاستمرارية؟
أن يهتم الإعلامي بعمله، ويمنحه أولوية. بالنسبة لي محبتي لهذه المهنة هي الأساس، لذلك آتي إلى العمل مرتاحة وسعيدة، لأن الإعلامي إذا لم يكن مرتاحا في مهنته والمؤسسة التي يعمل فيها فإنه لن يتمكن من العطاء أكثر، والاستمرار في عمله. أنا أبذل الكثير من الطاقة لأحسّن وضعي وأتطور في المهنة، ولا أكتفي بما أتمتع به من ملكات، كما أنني لا أبخل في المواظبة على تقديم المزيد والتمتع بمهارات إضافية.
* هل تستطيعين أن تصفي ما الذي يعنيه أن يكون الصحافي ناجحا؟
- محبة المهنة هي أساس النجاح. يجب على الإعلامي أن يقدم للمهنة ما بوسعه، على الرغم من أن مهنة الصحافة هي مهنة مرهقة نسبيا. إلى جانب ذلك، يجب أن يكون موضوعيا. وبرأيي، النجاح يتمثل في أن يبقى المذيع محايدا ولا يتفاعل مع الخبر، بل يترك للجمهور أحقية التفاعل معه. والحياد هنا يتمثل في إبقاء تعابير وجهه عادية، دون أن يظهر الرأي السياسي في طريقة تقديم الخبر.
* من هو قدوتك في الإعلام في لبنان؟
- أقدّر الإعلاميين اللامعين والبارزين، وأتابعهم، وهم ليسوا قدوة لي وحدي، بل قدوة لكل الناس وكل الصحافيين، مثل الإعلامي جورج غانم الذي تفتقد إليه الساحة الإعلامية اللبنانية، كذلك الإعلاميين وليد عبود ومي شدياق اللذين تتلمذتُ على أيديهما، فضلا عن الإعلاميين مارسيل غانم ودوللي غانم وسعاد قاروط العشي. وبرأيي، كان رياض شرارة أيضا الظاهرة اللبنانية التي قلبت مقاييس الإعلام في لبنان في التسعينات، نظرا لقربه من الناس وملامستهم.
* ما هي ملاحظاتك على أدائك الشخصي؟
- في البداية، كنتُ أجد صعوبة في لفظ كلمة تتضمن حرفي (قاف) مثل حقق، أو تحقيق أو.. هذه الكلمات كنتُ أخرجها بصعوبة بعد تركيز بالغ.
* هل تعتقدين أن للمذيعة عمرا محددا؟
- تقديم الأخبار يختلف عن تقديم البرامج، حيث يمكن لمذيع الأخبار أن يطول أمد ظهوره على الشاشة لأنه كلما تقدم في العمر أصبح يتمتع بمصداقية أكبر بالنسبة للمشاهدين، وجدية أكبر، فضلا عن أنه يمتلك خبرة أكبر على هذا الصعيد.
* بعد نشرة الأخبار، في أي موقع ستجدين نفسك؟
- ما زلت مكتفية في مكاني، وأحتاج وقتا لإثبات نفسي في هذا الموقع. لم أقدم كل ما أمتلكه في نشرة الأخبار، وأعتبر أنني أمتلك الكثير لأقدمه في هذا المجال. اليوم أطمح أن أكون على قدر الثقة التي منحتني إياها المحطة، وأن أحفر صوتي وصوتي في ذاكرة المشاهدين.
* جيسيكا، خارج إطار نشرة الأخبار، ماذا تشاهدين على التلفزيون؟
- البرامج الكوميدية مثل برنامج «ما في متلو»، والاجتماعية مثل برنامج «حديث البلد»، و«التوك شو» السياسي، وتحديدا برنامج «بموضوعية» الذي يقدمه الإعلامي وليد عبود.
* ما هي نصيحتك لطلاب الإعلام والصحافيين الشباب في بداية عملهم الإعلامي؟
- أن يهتموا بالمضمون الذين يقدمونه، والمتابعة الدائمة للأحداث، والمثابرة، فضلا عن الاطلاع الدائم على كل ما يجري، والقدرة على التمييز بين الحقائق والدعاية.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».