مباحثات سودانية ـ أميركية لحذف الخرطوم من قائمة رعاة الإرهاب

واشنطن اشترطت الالتزام بكفالة الحريات الدينية ومقاطعة كوريا الشمالية

جانب من المباحثات السودانية ـ الأميركية التي شهدتها الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
جانب من المباحثات السودانية ـ الأميركية التي شهدتها الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

مباحثات سودانية ـ أميركية لحذف الخرطوم من قائمة رعاة الإرهاب

جانب من المباحثات السودانية ـ الأميركية التي شهدتها الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
جانب من المباحثات السودانية ـ الأميركية التي شهدتها الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة السودانية مباحثات سودانية أميركية رفيعة، اتفق خلالها الطرفان على «خطة مسارات جديدة» لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مقابل التزامه باحترام الحريات الدينية، وكفالة حقوق الإنسان ومقاطعة كوريا الشمالية.
ويتيح حذف اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، الاستفادة من مبادرة إعفاء الديون «هيبك»، والانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
ووصل نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفان إلى العاصمة الخرطوم أمس، في زيارة رسمية تستغرق يومين، تعد امتدادا للحوار السوداني - الأميركي، الذي يجري منذ أشهر.
واعتبر وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور زيارة الوفد الأميركي إلى بلاده «ضربة البداية للمرحلة الثانية من الحوار السوداني - الأميركي»، وقال في تصريحات صحافية أعقبت جلسة المباحثات التي أجراها مع سوليفان أمس، إن السودان أكد للوفد الأميركي أنه يعتبر خطة المسارات الخمسة «أجندة وطنية»، مبرزا أن انشغالات السودان في المرحلة الجديدة من الحوار السوداني - الأميركي، تتعلق بحذفه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأن حكومته تعتبر الحذف من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب استحقاقاً، فضلاً عن إعفاء ديونه، ومساعدته في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
وأوضح غندور أن المسؤول الأميركي أبدى استعداده للتعاون مع السودان في مجالات مكافحة الإرهاب، وأكد التزام إدارته بوضع خريطة طريق جديدة توصل إلى حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مبرزا أن الجانب الأميركي أبدى انشغاله بتعاون حكومته مع كوريا الشمالية، وقال بهذا الخصوص: «أكدنا لهم عدم وجود تعاون اقتصادي أو تجاري أو عسكري مع كوريا الشمالية»، باعتبار أن الأمر التزام بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، موضحا أن نائب وزير الخارجية الأميركي تحدث عن قضية الحريات الدينية وكفالة حقوق الإنسان، وأن السودان أبدى استعداده لسماع كل ما يخص هذه الجوانب التي «نعتبرها التزامات دستورية»، حسب تعبيره.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال غندور إن الجانب الأميركي أبدى استعداده للتعاون مع السودان بعد رفع العقوبات، موضحا أن شركات أميركية دخلت مجال الاستثمار في السودان، وتابع موضحا: «لقد أكد الوفد الأميركي التزام البنوك الأميركية بالتعاون مع السودان، واستعداده لدعم السودان في تعاون البنوك العالمية معه».
وكان غندور قد أعلن قبل نحو أسبوع خطة لبدء الحوار مع الولايات المتحدة، تبدأ في غضون 3 أسابيع، وعلى رأس أجندتها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال وزير الخارجية السوداني في كلمته لافتتاح المباحثات أمس، إنها مواصلة للحوار المستمر بينهما منذ 16 شهراً، ووصفها بأنها «ممتازة وشفافة» تهدف للتطبيع الكامل بين البلدين.
من جانبه، قطع سوليفان بمواصلة الإدارة الأميركية الجديدة للحوار مع السودان، وقال إن بلاده رفعت العقوبات عن السودان، وتعهد بمواصلة الحوار معه حول عدد من القضايا المشتركة.
ورفعت الإدارة الأميركية في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقوبات اقتصادية وتجارية فرضتها على السودان منذ 1997، واعترفت بأن السودان اتخذ «إجراءات إيجابية» بشأن خطة المسارات الخمسة.
لكن القرار أبقى على السودان ضمن قائمة وزارة الخارجية للدول «الراعية للإرهاب»، المدرج عليها منذ 1993، وهو ما تبذل الخرطوم جهوداً حثيثة لإزالته من تلك القائمة التي تحول دون تطبيع العلاقات مع واشنطن.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.