تقارير أممية جديدة تؤكد ارتكاب جرائم بحق الروهينغا

اعتبرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن ما تعرضت له أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار من انتهاكات واستخدام الجيش العنف الجنسي ضد نساء الأقلية المسلمة يرتقي إلى جرائم ضد الإنسانية. وتزامن تقرير المنظمة الدولية، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، مع تقرير آخر نشرته أمس منظمة «فورتيفاي رايتس» غير الحكومية في الولايات المتحدة أدان «اعتداءات واسعة ومنهجية» مورست ضد الروهينغا على دفعتين، بين 9 أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) 2016 ومنذ بداية 25 أغسطس (آب) 2017.
وقالت سكاي ويلر، الباحثة في حقوق المرأة في «هيومان رايتس» التي أعدت التقرير، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، إن «الاغتصاب كان ملمحا واضحا ومدمرا لحملة التطهير العرقي التي ينفذها جيش ميانمار ضد الروهينغا». وأضافت في بيان: «أعمال العنف الهمجية للجيش ألحقت الأذى بعدد يُعد ولا يحصى من النساء والفتيات وتركتهن في حالة صدمة». ودعت المنظمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فرض حظر على تصدير السلاح على ميانمار وعقوبات تستهدف قادة الجيش المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك العنف الجنسي. ويستند التقرير المؤلف من 30 صفحة والمعنون بـ«حاولوا قتلنا جميعا» على أكثر من مائتي مقابلة مع ناجيات وشاهدات عيان.
وكانت قد وصفت الأمم المتحدة العمليات العسكرية الممنهجة لجيش ميانمار بأنها أكبر مثال على الشكل الكلاسيكي للتطهير العرقي. واستخدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمة «إبادة» في وصفه لما يتعرض له أبناء الروهينغا.
وقالت الصحافة الفرنسية، نقلا عن تقرير منظمة «فورتيفاي رايتس»، إن «قوات الأمن في ميانمار ومدنيين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وقاموا بحملة تطهير إثني» في موجتي العنف ضد الروهينغا. «الأدلة على أن هذه الأفعال تشكل إبادة بحق الروهينغا في تزايد مستمر».
وأجبر نحو 600 ألف من أفراد الروهينغا، أكثر من نصف سكان ولاية راخين، على الفرار إلى بنغلاديش المجاورة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
ونشر جيش ميانمار تقريرا يوم الاثنين الماضي ينفي فيه كل الاتهامات الموجهة إلى قوات الأمن من اغتصاب وقتل، وذلك بعد أيام من استبعاد الجنرال المسؤول عن العملية العسكرية التي دفعت الروهينغا إلى الفرار إلى بنغلاديش.
وأوضح تقرير «فورتيفاي رايتس» أن هذه العمليات تعد «آلية لارتكاب فظائع جماعية». وتابع أن «قوات الأمن الحكومية فتحت النار على المدنيين الروهينغا من الأرض والجو. الجنود والمدنيون المسلحون بالسكاكين ذبحوا رجال ونساء وأطفال الروهينغا». وأشار التقرير إلى أن محققي المنظمة سافروا إلى ولاية راخين ومنطقة الحدود بين بنغلاديش وميانمار، التي لجأ إليها الروهينغا. ونقل عن شهود عيان حدوث عمليات قتل جماعي في ثلاث قرى في أواخر أغسطس الماضي.
بدوره استند تقرير «هيومان رايتس ووتش» أمس (الخميس) إلى مقابلات مع ضحايا ومنظمات إنسانية ومسؤولين في قطاع الصحة في بنغلاديش. وأكدت 28 ضحية من أصل 29 تم التحدث معهن تعرضها للاغتصاب بأيدي عسكريين اثنين على الأقل. وقالت المنظمة إن كل هذه الحالات باستثناء حالة واحدة تعرضت لاغتصاب جماعي.
ويتزايد الغضب الدولي تجاه العنف ومزاعم الإبادة الجماعية. ووصفت السيدات أيضا كيف يقوم الجنود بضرب رؤوس أطفالهن في الشجر وإلقاء الأطفال وكبار السن في المنازل المحترقة وقتل أزواجهن.
وتأتي هذه التقارير الحقوقية غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي لميانمار، حيث قال هناك إن واشنطن «قلقة للغاية حيال التقارير الموثوق بها عن ارتكاب الجيش فظائع على نطاق واسع». وحث تيلرسون ميانمار على قبول تحقيق مستقل في هذه المزاعم.
ويرفض الجيش وحكومة الزعيمة أونغ سان سو تشي، الحائزة جائزة نوبل للسلام، هذه التقارير كما يرفضان السماح بدخول محققين تابعين للأمم المتحدة للتحقيق في مزاعم التطهير العرقي. وخلص تقرير منظمة «فورتيفاي رايتس» إلى أن «من دون تحرك عاجل، فإن هناك مخاطر بتفجر مزيد من الفظائع الجماعية في ولاية راخين وعلى الأرجح في أي مكان آخر في ميانمار».
ومن جانب آخر، أدانت النجمة السينمائية أنجلينا جولي العنف الجنسي. وقالت جولي، وهي مبعوثة خاصة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون للاجئين، لوفد من بنغلاديش في مدينة فانكوفر بكندا، إنها تعتزم زيارة ضحايا العنف الجنسي من الروهينغا. وأفاد بيان لوزارة الخارجية في بنغلاديش أمس (الخميس)، بأن جولي «تحدثت... عن العنف الجنسي الذي واجهته كل أنثى تقريبا من الروهينغا فرت إلى بنغلادش، وأدانت الصراع المسلح في ميانمار».
أرجأت محكمة في ميانمار أمس (الخميس)، محاكمة ثلاثة صحافيين كانوا في مهمة خاصة بمحطة تلفزيونية تركية رسمية، وتم سجنهم لانتهاكهم القانون بسبب قيامهم بالتصوير بطائرة من دون طيار، بحسب ما قاله محامي الدفاع عنهم. وكان قد تم الشهر الماضي اعتقال صحافيين، هما لاو هون مينغ من سنغافورة، وموك تشوي لين من ماليزيا، يعملان في قناة «تي آر تي وورلد» الناطقة باللغة الإنجليزية، عندما حاولا استخدام طائرة من دون طيار للتحليق بالقرب من البرلمان في ميانمار. كما تم احتجاز أونغ ناينغ سو، وهو صحافي محلي ودليل كان يقوم بمساعدة الصحافيين الأجنبيين، بالإضافة إلى السائق هلا تين. وقال خين ماونغ زاو، وهو محام لثلاثة من المتهمين الأربعة، لوكالة الأنباء الألمانية: «أرجأ القاضي المحاكمة حتى يوم الاثنين، حيث نأمل أن يتم استبعاد جميع التهم». وقد تم اعتقال عدد من الصحافيين في ميانمار خلال العام الجاري، حيث حذرت جماعات حقوقية من التراجع في حرية الصحافة تحت إدارة مستشارة الدولة، أون سان سو تشي، التي تعد الزعيمة الفعلية للبلاد.
ومن جانب آخر، قالت وزارة الخارجية الصينية، أمس (الخميس)، إن وزير الخارجية وانغ يي سيزور ميانمار وبنغلاديش مطلع الأسبوع المقبل. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية قنغ شوانغ للصحافيين إن وانغ سيتوجه إلى بنغلاديش وميانمار مطلع الأسبوع المقبل، حيث سيجتمع مع نظيريه، وسيتبادل وجهات النظر عن العلاقات الثنائية والقضايا الباعثة على القلق في المنطقة. وأضاف قنغ أن وانغ سيحضر يومي الاثنين والثلاثاء اجتماعا لوزراء خارجية آسيويين وأوروبيين في نايبيداو عاصمة ميانمار.