الرئيس الأميركي يبدأ جولة أوروبية غدا

يطغى عليها الملف الأوكراني

الرئيس الأميركي يبدأ جولة أوروبية غدا
TT

الرئيس الأميركي يبدأ جولة أوروبية غدا

الرئيس الأميركي يبدأ جولة أوروبية غدا

يبدا الرئيس باراك اوباما يوم غد (الاثنين) جولة أوروبية تاريخية تطغى عليها الاضطرابات المفاجئة، التي هزت النظام السياسي والأمني وأعادت تشكيل سياسة واشنطن الخارجية.
وستهيمن المواجهة بين الغرب والشرق بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الاوكرانية، على كل محطة في جولة اوباما الى بولندا وبلجيكيا، حيث سيحضر قمة مجموعة السبع، وفي فرنسا، إذ سيشارك في احتفالات الذكرى السبعين ليوم الانزال في النورماندي اثناء الحرب العالمية الثانية.
وفي ساحة المعارك التي شهدتها فرنسا في تلك الحرب، سيضطر أوباما للحضور في المكان نفسه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي امضى الأول اشهرا في محاولة عزله بسبب أوكرانيا. وتصر واشنطن على انه لن تعقد قمة رسمية بين الزعيمين.
وسيلتقي اوباما ايضا الزعماء الذين ما زالوا يحاولون تقبل نتائج انتخابات برلمان الاتحاد الاوروبي التي شهدت انتقام الناخبين في العديد من الدول الاعضاء في البرلمان الاوروبي ودعمهم الاحزاب التي تشكك في فائدة الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
ويمكن ان يهدد الزلزال السياسي احدى اهم اولويات السياسة الخارجية لاوباما وهي التفاوض على اتفاق تجارة واستثمار هائل بين ضفتي الاطلسي.
كما يرغب أوباما في قيام اوروبا قوية وموحدة للإبقاء على تهديد فرض عقوبات أشد على موسكو عند الضرورة بسبب الأزمة الاوكرانية، وخفض التبعية الأوروبية للغاز الروسي.
ويهدف اوباما الى اغتنام الجولة لتجديد التطمينات الامنية الاميركية للدول الاعضاء في الحلف الاطلسي في اوروبا الشرقية، واعادة تنشيط الحلف الذي اكتسب مزيدا من الاهمية أخيرا بعد سنوات من بحثه عن دور له، إثر انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي وارسو سيشارك اوباما باحتفالات الذكرى الخامسة والعشرين لاول انتخابات بعد العهد الشيوعي في بولندا، والتي اكتسبت اهمية اكبر وسط أسوأ مواجهة بين الكرملين والغرب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
من جهته، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس إن "النظر الى تاريخ اكتساب الديمقراطية في بولندا لحظة قوية للغاية". واضاف ان الرئيس "سينظر كذلك الى اللحظة الحالية والى حاجة الولايات المتحدة واوروبا الى الوقوف معا للدفاع عن أمن أوروبا الشرقية، ودعم القيم الديمقراطية وجميع من يرغبون في تطبيق القيم الديمقراطية، كما شهدنا بقوة في اوكرانيا في الاشهر الاخيرة الماضية".
وفي وارسو سيعقد اوباما اول اجتماع له مع الرئيس الاوكراني المنتخب بيترو بوروشنكو قبل ايام من ادائه اليمين الدستورية، وسيؤكد على دعم الولايات المتحدة لجهوده للخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية، التي شهدت الإطاحة بالرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش ف يفبراير (شباط) الماضي.
وأطيح بالرئيس السابق وسط احتجاجات أثارها رفضه التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي بضغط من موسكو.
ومن المؤمل ان يرأس الرئيس أوباما المحادثات مع الدول التي كانت في حلف وارسو واصبحت الآن اعضاء في الحلف الاطلسي؛ ومن بينها بلغاريا وكرواتيا، وجمهورية تشيكيا واستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا.
كما انه من المرتقب ان يصل أوباما الى وارسو يوم الثلاثاء المقبل، لإجراء محادثات مع الرئيس برونيسلاف كوموروفسكي ورئيس الوزراء دونالد تسك. وسيتوجه الى بروكسل الاربعاء للمشاركة في قمة مجموعة السبع وعقد اجتماع ثنائي مع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون. كما سيتناول العشاء مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند في باريس الخميس، قبل ان يتوجه في اليوم التالي الى النورماندي لحضور احتفالات الانزال، وتناول الغداء مع عدد من القادة ومن بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.