إجراءات صارمة ضد قنوات تبث {أحاديث تثير الفتنة}

«الأعلى للإعلام المصري» يقصر الفتوى على 50 عالماً

TT

إجراءات صارمة ضد قنوات تبث {أحاديث تثير الفتنة}

في محاولة لضبط المشهد الإفتائي في بعض القنوات الفضائية بمصر، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المسؤول عن الفضائيات، قائمة بأسماء 50 عالما فقط مصرحا لهم بـ«الفتوى»، إذ قال الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن «القائمة صدرت بعد مشاورات مع الأزهر، وتم الاتفاق على احترام مسألة حرية الرأي والتعبير في القضايا الدينية، على أن يكون هذا بعيدا عن نشاط الإفتاء»، فضلا عن التنبيه على القنوات الفضائية بالابتعاد عن أي أحاديث إعلامية تثير الفتنة، أو تنشر الطائفية أو تدعو إلى العنف.
وتعاني مصر من ظاهرة الفتاوى العشوائية، بعد أن كثر المفتون في الفضائيات ووسائل الإعلام‏، ولم تعد البرامج الدينية و«التوك شو» وقفا على الحديث في أمور السياسة والعبادات والأخلاق؛ بل تصدى دخلاء ممن لا تتوافر فيهم شروط الفتوى إلى القضايا الكبرى والفتاوى المصيرية.
وقال رئيس المجلس الأعلى للإعلام، في مؤتمر صحافي أمس: «فوجئنا بسيل من فوضى الفتاوى خلال الفترة الماضية... فأصدرنا قائمة بالعلماء الذين لهم الحق في الإفتاء، لحين صدور قانون متكامل من البرلمان المصري، يُعالج أوجه القصور في قضايا الإفتاء الديني، التي أصبحت مثار فوضى عارمة»، مشيرا إلى أنه في ختام مشاورات مكثفة مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ودار الإفتاء، ممثلة في مفتي البلاد الدكتور شوقي علام، بحكم مسؤولية المجلس الأعلى المباشرة على المحتوى القيمي والأخلاقي والمهني لوسائل الإعلام كافة، توافقت الآراء على عدد من القرارات، بحيث تقتصر الفتوى الدينية على العلماء الذين شملتهم القائمة، ويكون من حق الأزهر ودار الإفتاء أن يُضيفا قوائم إلى هؤلاء العلماء، ومن يرونه جديرا بالفتوى من خلال خطاب رسمي من الجهتين.
ومن بين الأسماء المصرح لها بالإفتاء مفتي مصر، وعلي جمعة المفتي السابق، ونصر فريد واصل المفتى الأسبق، وعباس شومان وكيل الأزهر، وسعيد عامر الأمين المساعد بمجمع البحوث الإسلامية.
وشدد مكرم محمد أحمد على جميع الشاشات خاصة وعامة الالتزام التام بهذه القائمة لحين صدور قانون يدخل في مسؤولية «الأعلى لتنظيم الإعلام» مباشرة المحتوى القيمي والأخلاقي والمهني، لافتا إلى أن المجلس الأعلى سوف يُعمل جميع سلطاته إزاء أي مخالفات تجعل الإفتاء أمرا مباحا لغير المتخصصين، مؤكدا في السياق ذاته أن «الجزاءات على الفضائيات سوف تكون في إطار لائحة المجلس التي تمنع الظهور الإعلامي لأسباب واضحة ومحددة، دون الإخلال بالحق القانوني للمضارين الذي تفرضه اللوائح والقوانين».
وحول المواقع التي تم حجبها، أشار مكرم إلى أن أغلب تلك المواقع تنتمي لجماعة «الإخوان»، التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيما إرهابيا، موضحا أنه لا يوجد صحافي واحد معتقل لرأي أو فكر، لافتا إلى أن الحرية «ليست متمثلة في (الإخوان)»... وللأسف فإن الجماعات الغربية ما زالت تتصور أن حرية الرأي هي جماعة «الإخوان»، وإذا وصل الأمر إلى التخريب والقتل من جانب تلك الجماعة، فالأمر ليست له علاقة بحرية الرأي، وما نسعى إليه هو ضبط المهنة في ضوء التأكد من المعلومات المنشورة.
وحجبت مصر في مايو (أيار) الماضي 21 موقعا إلكترونيا داخل البلاد لتضمنها محتوى يدعم الإرهاب والتطرف، ويتعمد نشر الأكاذيب، أبرزها المواقع الإلكترونية لقناة «الجزيرة» القطرية، ومنها أيضا مواقع «مصر العربية، وعربي 21، والشعب، وقناة الشرق، وكلمتي، والحرية بوست، وحسم، وحماس، وإخوان أونلاين، ونافذة مصر، وبوابة القاهرة». في السياق ذاته، يستعد مجلس النواب (البرلمان) خلال الفترة المقبلة لمناقشة قانون لتنظيم الفتوى، والقضاء على ظاهرة قيام أشخاص بإصدار بعض الفتاوى الشاذة أو المتطرفة، التي انتشرت في المجتمع وتسببت في ضجة إعلامية.
وقال النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، إن «هناك عدة أسباب تقود لانتشار مثل هذه الفتاوى المثيرة في الفضائيات، منها أنها تصدر من شخص غير مؤهل، وليست له قدرة على فهم النصوص الدينية، كما أن هناك من يتعمد استغلال السرعة التي تتم بها عملية إطلاق الفتاوى الفضائية للسؤال عن قضايا عديمة الجدوى لتحقيق أغراض سيئة، بحيث تثار الإجابات عن هذه الأسئلة بوصفها فتوى دينية إسلامية، سعيا إلى تشويه سماحة الدين الإسلامي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.