حرب: حل الأزمة بتسوية تسحب «حزب الله» من أزمات المنطقة

طالب في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» بحل الميليشيات تنفيذاً لاتفاق الطائف

الوزير السابق بطرس حرب
الوزير السابق بطرس حرب
TT

حرب: حل الأزمة بتسوية تسحب «حزب الله» من أزمات المنطقة

الوزير السابق بطرس حرب
الوزير السابق بطرس حرب

لا يرى الوزير السابق والنائب الحالي بطرس حرب حلاً للأزمة اللبنانية الحالية إلا بحياد لبنان عن الصراعات الإقليمية، على أن يكون ذلك واضحاً في أي اتفاق أو تسوية جديدة ويتكرس عملياً في سياسة كل الأفرقاء، وتحديداً في انسحاب «حزب الله» من التدخل في أزمات المنطقة، وإلا سيكون لبنان أمام مصير مجهول.
وفي حين استبعد حرب رجوع رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته، لفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأنظار تتجه الآن إلى ما بعد عودته إلى بيروت وتقديم استقالته، بحيث يفترض العمل على إيجاد حلول للأسباب الواضحة الواردة في نص الاستقالة وهي الناتجة عن ممارسة سياسية مرفوضة أدت إلى وضع لبنان في محور إقليمي ضد الآخر، وهو ما يتعارض مع سياسة هذه البلاد التقليدية وبعيدا عن كل ما التزمت به الحكومة لناحية احترام الحيادية والنأي بالنفس».
وأيّد حرب أهمية أن تكون استقالة الحريري من الأراضي اللبنانية، منتقدا في الوقت عينه «تجاوز مضمونها ومحاولة البعض رفض الاعتراف بالأسباب التي أدّت إلى وصول لبنان إلى هذه المرحلة». من هنا يرى حرب أن الكرة اليوم أصبحت في الطرف المعني الأساس وهو حزب الله، بحيث بات المطلوب الآن العودة للبحث بالمبادئ الأساسية والإعلان عن تسوية جديدة واتفاق واضح المعالم لا يكتنفه أي غموض ولا يحتمل أي تأويل بالتأكيد على حياد لبنان الإيجابي عن أي صراع، مع الالتزام بالقضية الفلسطينية وما يجمع عليه الموقف العربي».
وفي حين، أعاد التذكير بموقفه الرافض منذ البداية للتسوية الرئاسية التي أدت إلى وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية وهو الذي لم يصوّت له في الانتخابات، طالب حرب بالعودة إلى احترام الدستور واتفاق الطائف الذي دعا إلى حلّ الميليشيات، معتبرا في الوقت عينه أن قرار حزب الله ليس بيده، مضيفاً: «قراره في مكان آخر، وهذا ما يعترف به هو لجهة أنه يتبع ولاية الفقيه. وتابع: «من هنا أرجح في ظل هذا الوضع عدم تجاوب الحزب مع الطرح الذي قدّمه الحريري بدعوته إلى التمسك بسياسة النأي بالنفس، لأن لإيران مصالح في المنطقة، وحزب الله هو الوسيلة الوحيدة لتوسيع نفوذها عبر سلاحه».
وعبّر حرب عن قناعته بأن الحريري لن يتراجع عن استقالته، سائلا: «ما الذي يضمن التطبيق في وقت مرّت سنة على التسوية التي نصت أيضا على النأي بالنفس ولم يتقيّد بها حزب الله؟»، وأكد أن «الحل لن يكون إلا ببيان وزاري جديد واضح لا لبس فيه». وعما سيكون عليه الوضع بعد الاستقالة، قال حرب: «من المفترض أن يدعو رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية، وبعدها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد سنكون أمام أزمة حكم حقيقية وتبقى حكومة تصريف الأعمال، وهو ما سيضع لبنان أمام المجهول الذي سيؤدي إلى صراع نتمنى أن لا يكون عسكريا أو أمنيا.
وفي حين حمّل «أي جهة ستعرقل تكريس الحياد مسؤولية أي ضرر يصيب لبنان»، اعتبر أن اللعب بالسلم الأهلي وانعكاساته لن يقتصر علينا بل سيطال دولا إقليمية عدة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم