الصومال يتعهد هزيمة «الشباب»... و40 قتيلاً في الضربات الأميركية

اعتقال متطرفين كانوا يخططون لتنفيذ هجمات

صومالي يفر من موقع تفجير انتحاري وسط العاصمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
صومالي يفر من موقع تفجير انتحاري وسط العاصمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الصومال يتعهد هزيمة «الشباب»... و40 قتيلاً في الضربات الأميركية

صومالي يفر من موقع تفجير انتحاري وسط العاصمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
صومالي يفر من موقع تفجير انتحاري وسط العاصمة الشهر الماضي (إ.ب.أ)

جددت حكومة الصومال أمس، التزامها بهزيمة حركة «الشباب» وتنظيم داعش، وقالت إنها ستستخدم جميع الموارد المتاحة لذلك، بما في ذلك الدعم العسكري الأجنبي المقدم من شركائها الدوليين، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وقوات حفظ السلام الأفريقية «أميصوم».
ولقي شخص مصرعه وأصيب آخرون بجراح بعدما هاجمت سيارة ملغومة قافلة تابعة لمهمة لقوات «أميصوم» الأفريقية بضواحي العاصمة الصومالية مقديشو.
وعرضت السلطات المحلية التابعة لإقليم جذو عناصر من ميليشيات الشباب تم اعتقالهم مؤخرا، وقالت إنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية ضد المدنيين الأبرياء.
وقالت إدارة مديرية لوق التابعة للإقليم، إن قوات الجيش نجحت إثر عمليات أمنية في إلقاء القبض عليهم، مشيرة إلى أنهم اعترفوا بالتهم الموجهة إليهم «وأنهم كانوا يخططون لتنفيذ أعمال إجرامية».
من جهته، قال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن عثمان، إن جميع الضربات الجوية والعمليات الهجومية التي تجري في الصومال «مخططة بشكل جيد»، مشيرا إلى أن بلاده طلبت اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة قبل كل غارة جوية، في محاولة تجنب وقوع إصابات بين المدنيين.
وأشاد عثمان بدعم الشعب الصومالي للعمليات العسكرية ضد الإرهابيين، معتبرا أن «كسب قلوب وعقول شعبنا أمر أساسي لنجاح مكافحة الإرهاب في الصومال».
وقال عثمان إن حكومته ستواصل العمليات العسكرية بما في ذلك استخدام الضربات الجوية ضد حركة الشباب ردا على ما وصفه بـ«الهجمات الجبانة ضد المدنيين»، وكذلك على قوات الأمن الصومالية وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.
وأكد أن الجيش الوطني الصومالي، سيواصل بالتعاون مع الشرطة والوكالة الوطنية للاستخبارات والأمن، بالاشتراك مع بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وشركاء آخرين، السعي بنشاط إلى دحر معاقل حركة الشباب في جميع أنحاء البلد.
وارتفعت حصيلة الغارات الجوية التي أعلنت الولايات المتحدة أنها شنتها خلال الأربعة أيام الماضية في الصومال إلى 40 قتيلاً، جراء خمس غارات استهدفت حركة الشباب وعناصر من تنظيم داعش.
وقال العقيد روب مانينغ المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية في تصريح صحافي: «قتل 36 متطرفا من الشباب وأربعة مسلحين من تنظيم (داعش)».
وكانت القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) أعلنت عن أربع من هذه الغارات، حيث نفذت الغارة الأولى الخميس الماضي على بعد نحو 160 كيلومترا غرب مقديشو وتحدثت (أفريكوم) عن مقتل كثير من عناصر حركة الشباب، بينما نفذت الغارة الثانية بالقرب من جادود على بعد 400 كيلومتر إلى جنوب غربي مقديشو أدت إلى مقتل مقاتل في حركة الشباب.
وفجر الأحد الماضي استهدفت ضربة أميركية مقاتلين من الشباب في شبيلي وأخرى مسلحين من تنظيم (داعش) في البونت لاند (أرض اللبان) بشمال البلاد، والغارة الخامسة في منطقة شبيلي.
وكانت الولايات المتحدة شنت مطلع هذا الشهر أولى ضرباتها ضد تنظيم داعش في الصومال بعد أن كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر في شهر مارس (آذار) الماضي البنتاغون بشن عمليات جوية وبرية لمكافحة الإرهاب ودعم الحكومة الصومالية.
وتحاول حركة الشباب منذ عام 2007 الإطاحة بالحكومة الصومالية المدعومة من المجموعة الدولية.
وأعلنت الحركة في 2010 ولاءها لتنظيم القاعدة، وانضوت فيه رسميا في 2012 إلا أن عددا من مقاتلي الحركة أعلنوا مؤخرا انشقاقهم وولاءهم لتنظيم داعش حيث يتمركزون في منطقة البونت لاند (أرض اللبان) في شمال البلاد بقيادة الشيخ عبد القادر مؤمن، الذي وضعته وزارة الخارجية الأميركية في العام الماضي 2016 على قائمة الإرهابيين الدوليين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.