تعليمة حوثية بمنع نشر صور جثث المجندين الأطفال

خطاب مسرّب يكشف الاستغلال المسيء للقُصّر من جانب الميليشيات

TT

تعليمة حوثية بمنع نشر صور جثث المجندين الأطفال

وجه زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي خطاباً إلى أتباعه يأمرهم فيه بعدم تصوير جنوده من الأطفال وهم قتلى، وذلك في محاولة لطمس الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات في حق الطفولة. ويعد هذا دليلاً جديداً على تورط الميليشيات الحوثية في تجنيد الأطفال والزج بهم في جبهات القتال المشتعلة في أنحاء اليمن. وجاء في الخطاب المسرب الذي أرسلته «اللجنة الثورية العليا» إلى «مؤسسة الشهيد»، واطلعت «الشرق الأوسط» عليه: «بحسب توجيهات عبد الملك الحوثي قائد المسيرة القرآنية، يمنع طباعة صور الشهداء الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما».
وتعليقا على هذا الخطاب، قال وزير حقوق الإنسان اليمني الدكتور محمد عسكر إن الوزارة ستستند إلى الخطاب، في الملفات التي تقدمها إلى المنظمات الدولية حول انتهاكات الميليشيات الحوثية ضد حقوق الأطفال وتوضيح استغلال الحوثيين للأطفال في الأعمال العسكرية. وأضاف عسكر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن الميليشيات يعتقدون أن منع نشر الصور سيسهم في تخفيف الانتقادات ضدهم.
وحول موقف المنظمات الدولية من هذه التجاوزات، أوضح عسكر، أن الكثير من هذه المنظمات تحركها أجندات سياسية، وهي تركز على جهات وانتهاكات محددة، من أجل تحقيق مصالح معينة، لافتاً إلى أن بعض المنظمات الدولية الكبرى التي جرت مناقشتها حول تركيزها على ضربات الطيران، وتجاهلها القصف المستمر على مدار عامين ونصف مات خلالها العشرات من النساء والأطفال، أجابت بأن عملية رصد الطيران سهل، في حين يصعب رصد الضرب العشوائي الذي يحتاج إلى كثير من التفاصيل حول نوعية السلاح والجهة التي ضربت المناطق السكنية.
وتطرق إلى أن الوزارة رصدت وتابعت نحو 4 آلاف حالة لأطفال جرى تجنيدهم، ضمن عينة لعدد الأطفال المقاتلين في صفوف الميليشيات، وبناء على تعدد الجبهات وما فيها من الأطفال، توصلت إلى أن إجمالي عدد الأطفال المقاتلين في الجبهات كافة يقدر بنحو 20 ألف طفل.
وتنتشر في المدن التي تسيطر عليها الميليشيات، مئات القصص لأطفال لم تتجاوز أعمارهم 12 عاماً اقتيدوا بقوة السلاح، أو التحقوا بالقتال بعد دفع أموال لذويهم الذين يعيشون حالات معيشية صعبة نتيجة نهب ممتلكاتهم وأموالهم. وبعد مضي شهر من نقل الأطفال إلى التدريب يجري ترحيلهم إلى الجبهات الرئيسية التي يتراجع فيها عدد المقاتلين الحوثيين.
إلى ذلك، أكد عبد الحفيظ الحطامي، الناشط الحقوقي، أن الوثيقة المسربة بعد نشر صور صغار السن الذين يقتلون في جبهات القتال، يعد اعترافا صريحاً من قيادة ميليشيات الحوثي وصالح بأنهم يجندون الأطفال، وأنهم مستمرون في ارتكاب هذه الجرائم بحق الطفولة في اليمن.
وأشار إلى أن الميليشيات تستخدم الأطفال وقودا للحروب التي أشعلوها ضد الشعب اليمني وشرعيته وحريته وكرامته وخدمة لأجندة إيرانية، موضحاً أن ميليشيات الانقلابيين تسعى للتخلص من الانتقادات الدولية بتجنيد الأطفال بحل مثير للسخرية. واعتبر أن هذا يؤكد استمرار الميليشيات في إزهاق أرواح الأطفال دون رادع من دين أو ضمير وفي تحد سافر للانتقادات الدولية، وقوانينها التي تجرّم تجنيد الأطفال والزج بهم في الحروب والصراعات، لافتاً إلى أن هذه الوثيقة المسربة وسّعت من دائرة الغضب الشعبي والحقوقي في الداخل اليمني. وقال الحطامي، أن ما جرى رصده خلال الفترة الماضية لعدد الأطفال الذي قتلوا في صفوف الميليشيات وصل إلى نحو 600 طفل، وجرح أكثر من ألف آخرين، فيما تتباهى قيادات الميليشيات بنشر الكثير من صور هؤلاء الأطفال وهم مدججون بالسلاح وأحزمة الموت في الجبهات وفي مناطق مختلفة أو أثناء التجنيد وعروضها العسكرية أو في عمليات المداهمات والاعتقالات.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.