تونس تجتاز أزمة اختيار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

TT

تونس تجتاز أزمة اختيار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

في أول امتحان لها نجحت الترويكا السياسية الجديدة بتونس في تجاوز أزمة اختيار رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خلفا لشفيق صرصار المستقيل منذ التاسع من شهر مايو (أيار) الماضي.
وتمكنت أحزاب النداء (56 مقعدا برلمانيا) وحزب النهضة (68 مقعدا) والاتحاد الوطني الحر (11 مقعدا) من حسم معركة رئاسة هيئة الانتخابات بالتوافق حول محمد التليلي المنصري، القادم من سلك المحاماة.
وأعلنت قيادات الأحزاب السياسية الثلاثة على دعمها لترشح المنصري لهذا المنصب الهام قبل فترة قليلة من إجراء الانتخابات البرلمانية الجزئية حول ممثل للجالية التونسية في ألمانيا (من 15 إلى 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل)، والانتخابات البلدية (25 مارس/آذار 2018)، والإعداد المبكر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية لسنة 2019.
وتأجلت أمس انطلاقة الجلسة البرلمانية لساعات بسبب حضور 38 نائبا برلمانيا، وهو ما جعل عبد الفتاح مورو، نائب رئيس البرلمان، يرفع الجلسة في انتظار التحاق أكثر من 109 نواب يمثلون الأغلبية المطلقة الضرورية لاختيار رئيس لهيئة الانتخابات.
لكن في مقابل التوافق السياسي الذي طبع مواقف الترويكا السياسية الجديدة، هدد أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالاستقالة الجماعية في حال انتخاب المنصري، المدعوم من قبل حركة النهضة، رئيسا لها.
وصوت 7 من بين 9 أعضاء يمثلون إجمالي أعضاء الهيئة الانتخابات على ضرورة سحب التليلي المنصري ترشحه لرئاسة هيئة الانتخابات، وهو ما قد يزيد من شرخ الانقسامات داخل هذه الهيئة الدستورية المؤتمنة على مختلف المحطات الانتخابية في تونس.
وعلى الرغم من إقرار جميع الفرقاء السياسيين بحيادية هيئة الانتخابات، وابتعادها عن التجاذب السياسي، فقد كان انتخاب رئيس جديد لها بمثابة اختبار سياسي لقوة تأثير كل طرف على المشهد السياسي، خاصة بالنسبة لحزبي النداء والنهضة.
وتنافس على رئاسة هيئة الانتخابات خمسة مرشحين، هم فاروق بوعسكر، ونجلاء براهم، وأنيس الجربوعي، والأنور بن حسن، ومحمد التليلي المنصري، فيما انسحب نبيل العزيزي من السباق.
وفشل البرلمان في أربع مناسبات سابقة في منح الأغلبية المطلقة من الأصوات (109 من إجمالي 217) لمرشحين لرئاسة هيئة الانتخابات. وكانت آخر دورة انتخابية قد عقدت في 30 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولم يحصل خلالها المرشحين محمد التليلي المنصري ونجلاء إبراهم على عدد الأصوات الكافية لحسم «معركة هيئة الانتخابات».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.