البرازيل تخشى من عصبية نيمار على حلم الفوز بكأس العالم

تكررت خلال الأسابيع الأخيرة اللحظات التي شعر خلالها النجم البرازيلي نيمار أنه مخنوق ومهان. في الواقع، يعتبر هذا جزءاً أصيلاً من كون اللاعب محل رقابة لصيقة من لاعبي الخصم، ونتاجاً ثانوياً للمواهب التي يتمتع بها داخل الملعب. إلا أن نيمار لم يصمت واختار الرد وبقوة. وقد وجد نفسه في مثل هذا الموقف نهاية الشهر الماضي، عندما كان يشارك في صفوف فريق باريس سان جيرمان ضد مرسيليا، وجاءت النتيجة في صورة بطاقة حمراء في الدقيقة 87، أما هذه المرة، فكانت خلال مشاركته مع منتخب البرازيل أمام اليابان الجمعة، بمدينة ليل الفرنسية، عندما طرد في الدقيقة 55 وفريقه متقدم 3 - 0.
بيد أن المصادفة - أو ربما لم تكن مصادفة - أن غريمه في هذه اللحظة كان المدافع هيروكي ساكاي الذي يلعب في صفوف نادي «مرسيليا» وكان في ملعب «فيلدروم» عندما تعرض نيمار للبطاقة الحمراء. أما في ليل، فقد اشتبك نيمار في صراع على الكرة مع ساكاي الذي أبى السماح له بالمرور، ما دفع نيمار نهاية الأمر للاعتداء عليه بضربة من يده على مؤخرة رأسه. بالتأكيد لم تكن ضربة موجعة، لكن هذا لم يمنع ساكاي من رفع يده لتحسس المكان الذي وقعت عليه يد نيمار. وأعقب ذلك توقف المباراة لفترة جرى خلالها تفحص تسجيل الفيديو المعاون للحكم، ذلك أن الحكم بينوا باستيان خرج من الملعب لتفحص الشريط المصور للمباراة خلف لوحة الإعلانات وبعد عودته أخرج بطاقة صفراء لنيمار. وبدت على اللاعب البرازيلي علامات الذهول وكأنه يقول في نفسه كيف جرؤ الحكم على ذلك، ثم ابتسم مثلما فعل في أعقاب طرده في مرسيليا، وأوضح أمام الجميع اعتقاده بأن مثل هذه الأمور لا ينبغي أن تحدث لعناصر الصفوة من اللاعبين.
في الحقيقة، يبدو هذا الغرور جزءًا من الجاذبية التي يتمتع بها نيمار. ومع هذا، تبقى الحقيقة أن أغلى لاعب بالعالم أبدى مؤشرات خلال الفترة الأخيرة توحي بأنه يواجه خطر الانزلاق إلى سلوك شرس ومتغطرس.
أمام اليابان، التي نجحت البرازيل في الفوز عليها بنتيجة 3 – 1، تعمد نيمار النظر إلى باستيان مع وقوع أبسط احتكاك بينه وبين لاعب خصم وبدا أنه في انتظار الحصول على ركلة حرة. وقد حصل على هذا بالفعل بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى لم يحدث ذلك، لكن بوجه عام بدا وكأنه يتصرف كما لو كان مساعداً إضافياً للحكم.
من ناحية أخرى، بدأ العد التنازلي لبطولة كأس العالم، وعليه يخضع كل لاعب برازيلي لتفحص دقيق لسلوكه ومزاجه العام. أما المهمة الرئيسة للمنتخب البرازيلي، فقد تحددت منذ فترة بعيدة: الثأر من الهزيمة المذلة التي منوا بها على يد المنتخب الألماني بنتيجة 7 - 1 في دور قبل النهائي ببطولة كأس العالم لعام 2014، ويبدو هذا التفحص الدقيق لسلوك اللاعبين واضحاً للغاية مع نيمار الذي يعيش في قلب دائرة الضوء بعالم كرة القدم العالمية.
من ناحيته، يدرك تيتي، مدرب منتخب البرازيل، أنه ليس باستطاعته تحمل تبعات خروج نيمار عن نطاق السيطرة والانضباط في روسيا، وعندما تناول المدرب الضغوط التي يتعرض لها اللاعب أبدى تعاطفه معه، مع حرصه على تذكيره بمسؤولياته.
وقال تيتي: «وقع نيمار في بعض الأخطاء بسبب ردود أفعاله وهو يعي تماماً أن هذا خطأ. وسأتحدث عن آخر بطاقة حمراء تلقاها (مع باريس سان جيرمان). لقد اشتبك مع أحد لاعبي الخصم لاستخلاص الكرة، ودخل في اشتباك جديد في غضون ثواني. الواضح أن الجميع يحاولون عرقلته عبر ارتكاب مخالفات في حقه، لكن ليس بمقدوره الاستجابة لذلك. وقد تحدثت إليه بالفعل حول هذا الأمر».
وأضاف: «كان الحكم محقاً في البطاقة الصفراء التي أصدرها بحق نيمار أمام اليابان. وأعتقد أن الاعتماد على تكنولوجيا الفيديو سيكون أمراً جيداً لأنه سيكفل إصدار قرارات أكثر إنصافاً».
وأوضح أنه: «عندما نتحدث عن لاعبين مثل نيمار وويليان وفيليبي كوتينيو وغابرييل خيسوس، فإن الواضح أنهم سريعين للغاية، لذا يسعى المدافعون دوماً لإيقافهم. في مواجهة اليابان، كانت هناك سلسلة من المخالفات بحق غابرييل، لكنني أخبرته: «اذهب إلى منتصف الملعب، وركز على اللعب فحسب». وهنا تحديداً مربط الفرس».
في الواقع، إذا قدمت البرازيل أداءً مشابهاً لما اعتادت تقديمه تحت قيادة تيتي، سيكون من السهل وصولها لنهائي بطولة كأس العالم. جدير بالذكر أنه عندما تولى تيتي تدريب المنتخب البرازيلي خلفاً لدونغا في يونيو (حزيران) 2016، حصد المنتخب تسع نقاط فقط خلال أول ستة مباريات في تصفيات كأس العالم. وجاء البرازيل في المركز السادس على مستوى أميركا اللاتينية، الأمر الذي أثار حالة من الذعر والهستريا حول إمكانية عدم التأهل للنهائيات. إلا أن تيتي نجح في تحقيق استقرار في سفينة المنتخب. وفي ظل قيادته، حصد المنتخب 35 نقطة من إجمالي 36 محتملة ليضمن التأهل لبطولة كأس العالم بفارق مطمئن. ونظراً لأننا هنا نتحدث عن البرازيل، فقد تحولت الدفة إلى الاتجاه المقابل تماماً وثمة قناعة قوية بين مشجعي المنتخب اليوم بأنهم في طريقهم نحو حمل كأس العالم.
وفي هذا الصدد، قال ويليان بينما حمل وجهه ابتسامة: «لسنا المرشح الأوفر حظاً للفوز بالبطولة، لكننا نترك هذا الأمر لكم أنتم باعتباركم عاملين في الحقل الإعلامي. أما الحقيقة فهي أننا مستعدون للبطولة، وأعتقد أننا في حالة جيدة».
من ناحية أخرى، من بين رموز التحول الذي نجح تيتي في تحقيقه داخل المنتخب البرازيلي، بولينيو الذي سبق له العمل تحت قيادة تيتي في نادي «كورينثيانز» عندما فاز النادي ببطولتي كأس ليبرتادوريس وكأس العالم للأندية عام 2012، وانتقل بولينيو إلى «توتنهام» عام 2013، حيث أخفق في ترك بصمة مميزة له، ثم انتقل إلى «غوانغو» الصيني الذي كان يشارك به عندما ضمه تيتي إلى صفوف المنتخب، الأمر الذي كان بمثابة مفاجأة للاعب.
في المقابل، سجل بولينيو الذي يشارك في مركز لاعب خط وسط، ستة أهداف خلال مباريات التأهل، بينها ثلاثية أهداف أمام أوروغواي في مباراة انتهت بنتيجة 4 - 1 في مونتيفيدو. وفي الصيف الماضي، انتقل إلى «برشلونة».
وبوجه عام، نجح تيتي في إعادة صياغة شكل الفريق وبث روح من الثقة والمسؤولية الجماعية في صفوفه، خاصة مع إقراره سياسة تدوير شارة القائد من مباراة لأخرى. إلا أنه داخل الملعب، يبقى العبء الأكبر على عاتق نيمار، الذي يبدو أنه تضرر جراء توتر علاقاته بمدرب باريس سان جيرمان، أوناي إمري، وزميله بالفريق إدنسون كافاني، وإن كان تيتي من ناحيته ينفي حدوث ذلك.