مستشار الرئيس اليمني لـ «الشرق الأوسط»: لجنة وساطة جديدة للتفاوض مع الحوثيين

اغتيال ضابط استخبارات في محافظة لحج.. وبنعمر يلتقي هادي في زيارته الـ30 للبلاد

يمنيون مؤيدون للحكومة بأسلحتهم فوق قمة أحد الجبال في منطقة عمران أمس (رويترز)
يمنيون مؤيدون للحكومة بأسلحتهم فوق قمة أحد الجبال في منطقة عمران أمس (رويترز)
TT

مستشار الرئيس اليمني لـ «الشرق الأوسط»: لجنة وساطة جديدة للتفاوض مع الحوثيين

يمنيون مؤيدون للحكومة بأسلحتهم فوق قمة أحد الجبال في منطقة عمران أمس (رويترز)
يمنيون مؤيدون للحكومة بأسلحتهم فوق قمة أحد الجبال في منطقة عمران أمس (رويترز)

قال مستشار الرئيس اليمني الدكتور فارس السقاف إن الرئيس عبد ربه منصور بصدد الإعلان عن لجنة رئاسية جديدة، لوقف المعارك بين الجيش وجماعة الحوثيين الشيعية، في محافظة عمران، شمال البلاد، بعد فشل اللجنة السابقة، ووصولها إلى طريق مسدود، في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات العنيفة بين الجيش المسنود بمسلحين قبليين، وميليشيات الحوثي، ووصل فيه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى صنعاء، جمال بنعمر.
وذكر الدكتور السقاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللجنة تضم في عضويتها قيادات عسكرية، وأمنية رفيعة، إضافة إلى مندوب من مكتب الأمم المتحدة باليمن، للوصول إلى حل حاسم تجاه الأوضاع في عمران». وأشار السقاف إلى أن ما يجري في عمران هو محاولة «من قبل الحوثيين، للسيطرة على مواقع عسكرية تتبع وزارة الدفاع، وتمثل السيادة اليمنية»، مؤكدا أن الرئيس هادي «أوصل رسالة واضحة ودقيقة قبل أيام، إلى الحوثيين، وأكد لهم أن المبررات التي يسوقونها في حربهم على الجيش بعمران غير مقبولة». واتهم السقاف الحوثيين بتنفيذ «مخطط للسيطرة على مداخل العاصمة صنعاء، ومحاصرتها، من أجل الحصول على مكاسب سياسية».
وقال السقاف إن «ما قام به الحوثيون، بعد رسالة الرئيس إليهم، من تصعيد في عمران، هو رد فعل غير واع، وإن السيطرة على عمران تمثل انتحارا سياسيا لهم»، مشيرا إلى أن المواجهات الحاصلة في عمران هي «هروب من الاستحقاقات التي خرج بها مؤتمر الحوار، والتي تتضمن نزع السلاح الثقيل من الجماعات المسلحة، وتكوين الحوثيين لحزب سياسي».
وحذر مستشار الرئيس هادي من «اعتبار الحوثيين جماعة معرقلة للمرحلة الانتقالية، إذا استمروا في استخدام العنف، خاصة مع وصول المبعوث الأممي بنعمر صنعاء، إضافة إلى زيارة مرتقبة للجنة العقوبات التي شكلها مجلس الأمن، التي سترفع تقريرها خلال الاجتماع المقبل لمجلس الأمن»، متابعا «مثلما ننكر عنف تنظيم القاعدة الإرهابي، فإننا أيضا ننكر عنف الحوثيين».
ولفت السقاف إلى أن الحل العسكري في عمران قائم، ويتمثل في ما يقوم به اللواء 310، والوحدات العسكرية والأمنية المرابطة بالمحافظة، وأرسلت وزارتا الدفاع والداخلية تعزيزات لوحداتها لصد الحوثيين حديثا. مبررات الحوثي في قتاله للجيش مضللة، وغير صحيحة. هم يقاتلون الجيش، وقائد اللواء 310 تحت إمرة وزارة الدفاع ويتلقى الأوامر والتوجيهات منها».
واستطرد المستشار قائلا «الدولة ليست ضعيفة، ولا يمكن بكل الأحوال التغلب عليها، لكنها تحاول أن تعالج المشاكل المعقدة التي ورثتها بحكمة وبصيرة لصالح مستقبل اليمن الجديد»، داعيا جماعة الحوثي إلى «مراجعة حساباتهم، وإذا كانت لديهم مطالب فهناك طرق قانونية، ودستورية، ولجنة وساطة يمكنهم عبرها تقديم ما يريدون، فهم مكون سياسي يجب أن يستوعب، بالدولة المدنية الجديدة».
وفي السياق، قال الرئيس عبد ربه منصور هادي إن بلاده «تسير وفقا للبرنامج المرسوم من المرحلة الانتقالية، للوصول إلى عهد جديد ونظام حكم جديد يرتكز على العدالة».
واستقبل هادي أمس بصنعاء، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بنعمر، الذي يزور اليمن للمرة الـ30، وأكد هادي أن «اللجنة الدستورية في طريقها إلى إنجاز دستور اليمن الاتحادي وفقا لمخرجات الحوار، في إطار الدولة المدنية الحديثة وتوسيع المسؤولية والسلطة والثروة على مستوى الأقاليم والمركز». من جانبه، أكد بنعمر «اهتمام الأمم المتحدة بالعمل على إنجاح المرحلة الانتقالية في اليمن بصورة كاملة وفقا لمخرجات الحوار الوطني الشامل، والعمل مع اليمن حتى تحقيق النجاحات المنشودة وخروج اليمن من دوامة الأزمات إلى آفاق الأمن والاستقرار».
ميدانيا، تواصلت المعارك بين الجيش وميليشيات الحوثي، في أكثر من محور، واستخدمت فيها الأسلحة المتوسطة والدبابات. وهاجم الحوثيون، أمس، نقاطا أمنية، في سحب، والجميمة، والمحشاش، والجنات، والدقراري، ورواء، ورد الجيش بقصف بالدبابات والرشاشات من عدة مواقع، عسكرية، أهمها جبل ضين المطل على المحافظة من الجنوب.
ويقطن محافظة عمران الواقعة على بعد 50 كيلومترا، شمال العاصمة صنعاء، أكثر من 800 ألف نسمة، يشتغل معظمهم في الزراعة، وتحيط بها عدة محافظات أهمها صعدة معقل الحوثي.
وفي لحج، استمرت عمليات الاغتيال لعناصر الأمن اليمني، وشهدت المحافظة الواقعة جنوب البلاد اغتيال مسلحين ضابطا بجهاز الأمن السياسي (الاستخبارات). وقال مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط»: «إن حميد الطويل قتل برصاص مسلحين، كانوا على متن دراجة نارية»، متوقعا أن تكون عناصر «القاعدة» وراء هذه العملية.
وكشفت وزارة الداخلية، أمس، عن وصول أكثر من 2500 متسلل إلى السواحل اليمنية، خلال شهر مايو (أيار). وأوضحت الوزارة في بيان، نشره موقعها الإلكتروني، أن 1500 هم من إثيوبيا، بينهم 65 طفلا و150 امرأة، وقد وصلوا البلاد، عبر قوارب تهريب انطلقت من ميناء بصوصو الصومالي وموانئ صومالية أخرى.
وحذرت الداخلية من تسلل عناصر صومالية متشددة، لمناصرة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة في اليمن، ووجهت الأجهزة الأمنية بالتدقيق في هوية اللاجئين الصوماليين، وفرض رقابة شديدة على السواحل، بحسب البيان.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».