واشنطن تؤكد هوية الانتحاري «أبو هريرة الأميركي»

يدعى منير أبو صالحة وتدرب شهرين في حلب

صورة مأخوذة من شريط فيديو بثته «جبهة النصرة» للانتحاري الأميركي المعروف بـ«أبو هريرة» الذي فجر نفسه في سوريا (أ.ف.ب)
صورة مأخوذة من شريط فيديو بثته «جبهة النصرة» للانتحاري الأميركي المعروف بـ«أبو هريرة» الذي فجر نفسه في سوريا (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تؤكد هوية الانتحاري «أبو هريرة الأميركي»

صورة مأخوذة من شريط فيديو بثته «جبهة النصرة» للانتحاري الأميركي المعروف بـ«أبو هريرة» الذي فجر نفسه في سوريا (أ.ف.ب)
صورة مأخوذة من شريط فيديو بثته «جبهة النصرة» للانتحاري الأميركي المعروف بـ«أبو هريرة» الذي فجر نفسه في سوريا (أ.ف.ب)

أعلن مسؤولون أميركيون أول من أمس أن مواطنا أميركيا يقاتل إلى جانب مجموعة إسلامية متطرفة نفذ هجوما انتحاريا في سوريا، في الحادث الأول من نوعه في هذا النزاع.
ويأتي التأكيد الأميركي وسط مخاوف متزايدة إزاء الأجانب الذين يتوجهون للقتال في النزاع الذي بدأ قبل ثلاث سنوات في سوريا وأسفر عن مقتل 162 ألف شخص تقريبا وملايين المهجرين في الداخل وفي الخارج.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي في بيان أن «المواطن الأميركي المتورط في التفجير الانتحاري في سوريا هو منير أبو صالحة على ما يبدو»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. ويشتبه في أن أبو صالحة هو من نفذ تفجيرا انتحاريا، مستخدما شاحنة ضد قوات النظام الأحد في محافظة إدلب بشمال سوريا. وكان لقبه «أبو هريرة الأميركي». وأقرت بساكي بأن الحادث هو الأول الذي يتورط فيه أميركي على ما يبدو منذ بدء النزاع في 2011.
وتتراوح التقديرات حول عدد المقاتلين الأجانب الذين أتوا إلى سوريا في السنوات الثلاث الأخيرة بين تسعة آلاف و11 ألفا تقريبا وغالبيتهم من دول مجاورة.
ولم يكن بوسع بساكي إعطاء رقم محدد لعدد الأميركيين الذين توجهوا للقتال في سوريا. إلا أن صحيفة «نيويورك تايمز» أوردت أن مائة أميركي تقريبا انتقلوا إلى سوريا خصوصا للانضمام إلى المقاتلين المسلحين الذين يحاربون نظام بشار الأسد.
وكان تسجيل فيديو نشره أنصار جبهة النصرة الإسلامية التي تقاتل في سوريا أظهر أن «أبو هريرة الأميركي» نفذ هجوما انتحاريا في إدلب. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في القضاء الأميركي أن الأميركي في العشرين من العمر وأصله من الشرق الأوسط وكان يقيم في ولاية فلوريدا (جنوب). ويبدو أنه أمضى شهرين في معسكر للتدريب في حلب وكان يقوم برحلته الثانية إلى سوريا التي زارها قبل عام، بحسب صحيفة «يو إس ديلي».
وجرى تحديد هوية أبو صالحة بالاستعانة بشهود وأقارب، إلا أن مسؤولين أميركيين قالوا إنه قد يستحيل التعرف عليه، نظرا لقوة الانفجار، حسبما نقلت عنهم صحيفة «نيويورك تايمز».
وكان مقاتل من جبهة النصرة يطلق على نفسه اسم أبو عبد الرحمن أعلن لصحيفة «نيويورك تايمز» عبر «فيسبوك» أن أبو صالحة عربي أميركي وأن لغته العربية ضعيفة إلا أنه كان ملتزما بقضية الجبهة.
وتابع المصدر: «كان رجلا كريما وشجاعا وقويا، دائما على الخطوط الأمامية للنزاع». وقال: «عندما حان دوره للقيام بعملية انتحارية كان في غاية السرور لأنه سيلقى الله بعد ذلك».
وأعربت الدول الغربية عن قلقها من توجه بعض مواطنيها إلى سوريا للقتال ضد نظام بشار الأسد وأن بعضهم انضموا إلى مجموعات متطرفة وقد يعودون إلى بلادهم الأصلية لتنفيذ هجمات فيها.
وصرحت بساكي: «نعمل بشكل وثيق الصلة مع شركائنا وحلفائنا ونراقب عن كثب التزايد المقلق لعدد المقاتلين الأجانب (في النزاع السوري) وازدياد التطرف»، وذلك بعد اقتراح الرئيس الأميركي باراك أوباما الأربعاء تشكيل صندوق مالي بقيمة خمسة مليارات دولار لمكافحة الإرهاب.
وكانت تقارير تشير منذ أيام إلى تورط أميركي في التفجير في إدلب وطبقا لشريط فيديو نشره أنصار «جبهة النصرة» الإسلامية التي تقاتل في سوريا، فإن أميركيا يقاتل تحت اسم «أبو هريرة الأميركي» نفذ هجوما انتحاريا بشاحنة مفخخة في مدينة إدلب في شمال سوريا. وأظهر الفيديو الذي رصده موقع «سايت» الخاص بمراقبة المواقع الجهادية، انفجارا كبيرا وصورة لشاب ملتح يحمل قطة قال إنه الانتحاري.
من ناحية ثانية، قالت الشرطة البريطانية إنها اعتقلت شابا (19 سنة)، في مطار هيثرو بلندن أمس بشبهة «الإعداد لأعمال إرهابية» تتعلق بسوريا. وأضافت شرطة العاصمة في بيان أن الرجل احتجز في مركز أمني في لندن وجرى تفتيش منزل بشمال المدينة. وحسب وكالة «رويترز»، نفذ عملية الاعتقال ضباط من وحدة قيادة مكافحة الإرهاب، لكن الشرطة قالت إن ذلك لم يكن ردا على أي خطر أو تهديد فوري. وتابعت الشرطة أن عملية الاعتقال «لها علاقة بسوريا» لكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.