«داعش» تتخذ إجراءات بالرقة لمنع الناخبين من المشاركة في «مهزلة الانتخابات»

التنظيم يصادر أراضي زراعية ويشترط على أصحابها «دفع الزكاة» لاستعادتها

«داعش» تتخذ إجراءات بالرقة لمنع الناخبين من المشاركة في «مهزلة الانتخابات»
TT

«داعش» تتخذ إجراءات بالرقة لمنع الناخبين من المشاركة في «مهزلة الانتخابات»

«داعش» تتخذ إجراءات بالرقة لمنع الناخبين من المشاركة في «مهزلة الانتخابات»

أعلن ناشطون سوريون، أمس، أن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، اتخذ قرارا في الرقة بمنع سكان المدينة من الخروج منها للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية السورية، في وقت يحشد فيه النظام السوري الناخبين في المناطق التي يسيطر عليها، ويتمم الإجراءات الإدارية قبل ثلاثة أيام من موعد الانتخابات بعد غد (الثلاثاء).
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «داعش» منع الدخول والخروج من معقله في مدينة الرقة، حيث «أقام السواتر الترابية والحواجز بالقرب من الجسر الشمالي قرب الصوامع»، في إجراء يهدف إلى «منع المواطنين من الذهاب إلى المهزلة الانتخابية في المدن الأخرى».
ويتوقع ناشطون أن يقيم النظام السوري مراكز اقتراع في مناطق يسكنها العرب في محافظة الحسكة، كما في مناطق لا تزال تخضع لسيطرته في محافظتي دير الزور وحلب، فيما يعد فتح مراكز اقتراع في الرقة مستحيلا، كونها المدينة الوحيدة في سوريا الخارجة كليا عن سيطرته، ويسيطر عليها تنظيم «داعش» منذ الخريف الماضي.
وقال ناشط لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم داعش أصدر في السابق فتوى تحرم المشاركة في «مهزلة الانتخابات الرئاسية السورية»، وتوعد بمعاقبة السكان الخاضعين لمناطق نفوذه بشمال وشرق سوريا، في حال شاركوا أو انتخبوا الرئيس السوري بشار الأسد.
ويسيطر التنظيم المتشدد على كامل مدينة الرقة وقسم كبير من المحافظة، كما يسيطر على قسم كبير من محافظة دير الزور شرق البلاد، وعلى أربع مدن أساسية في ريف حلب، أهمها الباب ومنبج.
وستنظم الانتخابات فقط في المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا وليس في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، نظرا لاستحالة افتتاح مراكز اقتراع في مناطق واسعة تسيطر عليها المعارضة، أهمها في أرياف حلب وإدلب وحماه (شمال البلاد)، وريف دمشق، وريف درعا (جنوبا).
وبدأ النظام السوري بتنفيذ الإجراءات الإدارية الآيلة لإجراء الانتخابات، إذ أدى رؤساء وأعضاء لجان المراكز الانتخابية في دمشق أمس اليمين القانونية أمام اللجنة القضائية الفرعية بالمحافظة في مدينة الفيحاء الرياضية، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا».
وأوضحت رئيسة اللجنة الفرعية للانتخابات بدمشق المستشارة ميساء المحروس أن الانتخابات ستجري في 1563 مركزا موزعا على مؤسسات ووزارات الدولة إضافة لأحياء المدينة.
وقال عضو اللجنة القاضي أنس الخطيب إن توزيع المراكز الانتخابية بجميع أحياء المدينة جاء لتسهيل الاقتراع.
وفي سياق متصل بإجراءات «داعش» في الرقة، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بأن التنظيم صادر أراضي زراعية في القرى الشمالية من ناحية عين عيسى في ريف محافظة الرقة (شمال سوريا)، واشترط على أصحابها «دفع الزكاة» للتنظيم شرطا لاستعادتها. وكان تنظيم الدولة الإسلامية أصدر منذ أكثر من شهر بيانا شمل محافظة الرقة يتعلق بجمع أموال الزكاة، ألزم بموجبه الفلاحين بدفع مبالغ مالية للتنظيم عن المحاصيل الزراعية التي يبيعونها.
والقرى الشمالية لناحية عين عيسى، ذات الأغلبية الأرمنية، هي قرى متدنية الدخل يعتمد سكانها، الذين يبلغ تعدادهم نحو 20 ألف نسمة، على الزراعة بشكل رئيس. ونزح قسم من سكان المنطقة منذ أحكم تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على مدينة الرقة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم