بروكسل: اعتقال مشتبه به بالإرهاب أثناء كمين أمني

بلجيكا: قرارات بإبعاد 80 شخصاً تورطوا في جرائم مختلفة ومنها أنشطة إرهابية

TT

بروكسل: اعتقال مشتبه به بالإرهاب أثناء كمين أمني

قال متحدث باسم شرطة مدينة أنتويرب شمال بلجيكا، إن عملية أمنية نفذتها الشرطة خلال عطلة نهاية الأسبوع في محيط منطقة «شخيبرز» وسط المدينة، أسفرت عن اعتقال 27 شخصا من بينهم شخص مطلوب في ملف له صلة بالإرهاب، وآخر مطلوب لتنفيذ عقوبة بالسجن، وعدد من المقيمين بشكل غير شرعي في البلاد.
وقال الإعلام البلجيكي نقلا عن المتحدث الأمني، إن الحملة الأمنية شملت توقيف 500 شخص في المنطقة ومطالبتهم بإظهار بطاقات الهوية أو الإقامة، وتبين وجود 16 شخصا من المقيمين بصورة غير قانونية في البلاد وجرى اعتقال أربعة أشخاص منهم لإعادتهم إلى أوطانهم الأصلية، كما جرى القبض على شخص مطلوب لتنفيذ عقوبة بالحبس صدرت ضده. وفي وقت سابق كان قد جرى استدعاء شخصين للتحقيق معهما في ملفات خطيرة أحدهما جرى عرضه على قاضي التحقيقات بالفعل وهناك شخص آخر مطلوب في ملف يتعلق بالإرهاب.
وقالت الشرطة إن العملية الأمنية جرت بعد تعدد الشكاوى من أشخاص، تفيد بتعرضهم لعمليات سرقة بالإكراه بالقرب من المكان. وأضافت بأنها تتوقع أن تكون هذه الحوادث قد تكررت بشكل كبير ولكن هناك عدد منهم لم يتقدموا بشكوى للشرطة بشكل رسمي، ولمح إلى أن عناصر من إدارة شؤون الأجانب قد شاركت إلى جانب قوات الأمن في العملية الأمنية. ويأتي ذلك بعد أن أصدر وزير شؤون الأجانب في الحكومة البلجيكية ثيو فرنكين، قرارات بإلغاء الإقامة القانونية، وإبعاد أشخاص تورطوا في جرائم مختلفة ومنها المشاركة في أنشطة إرهابية، وهناك لائحة تضم 52 شخصا صدرت قرارات بشأنهم في هذا الصدد وهناك لائحة جديدة سيتم الإعلان عنها قريبا وتضم 27 شخصا.
وذلك حسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية في بروكسل، التي أضافت أن مثل هذه القرارات أصبحت قابلة للتنفيذ منذ اعتماد البرلمان البلجيكي في مايو (أيار) الماضي لتعديلات تشريعية ذات الصلة بهذا الأمر، وفي أعقاب جدل في الأوساط التشريعية والحزبية، حول مصطلح «أشخاص يشكلون خطرا على المجتمع» التي وردت في مبررات الحكومة لإجراء التعديل التشريعي.
وذكرت صحيفة «ستاندرد» اليومية البلجيكية أنها اطلعت على أسماء وجنسيات لما يزيد على نصف العدد الموجود في القائمة التي تضم 52 شخصا وتبين أن الأمر يتعلق بسبعة أشخاص يحملون الجنسية المغربية وأشخاص يحملون جنسيات أخرى من هولندا والجزائر وتونس وروسيا وغينيا، بواقع شخصين من كل جنسية بالإضافة إلى أشخاص من جنسيات مثل إيطاليا وسورينام وغانا وبلغاريا والدومينكان وليبريا وسلوفاكيا وإسبانيا بواقع شخص واحد من كل جنسية، ونقلت الصحيفة عن مصادر من داخل مكتب وزير شؤون الأجانب قولها إن اللائحة التي يجري إعدادها حاليا وتضم 27 شخصا، تتعلق بثلاثة عشر شخصا قرر الوزير إبعادهم في أغسطس (آب) الماضي وأربعة عشر شخصا صدر قرار بإبعادهم في نهاية الأسبوع الماضي.
وأضافت المصادر نفسها أن ستة أشخاص على الأقل لهم صلة بالإرهاب سواء بتقديم المساعدة أو المشاركة في أنشطة جماعة إرهابية، كما أشارت المصادر أيضا إلى أن ستة أشخاص على الأقل ممن شملهم قرار الإبعاد ولدوا بالفعل على التراب البلجيكي وهناك أيضا أشخاص لديهم أطفال من مواليد بلجيكا وأنه بالنسبة للأشخاص الذين لا تتوفر لديهم جوازات سفر من البلد الأصلي، الذي سيتم إبعاده إليه ستتكفل السلطات البلجيكية باستخراج وثيقة مؤقتة له تكفل إجراءات إبعاده إلى وطنه الأصلي. وأوضحت الصحيفة أن قرار الإبعاد يشمل الأشخاص الذين تكرر مشاركتهم في جرائم متنوعة مثل السطو المسلح والسرقة بالإكراه والاغتصاب وجرائم خطرة أخرى تهدد المجتمع وسيتم إبعادهم إلى وطنهم الأصلي فور انتهاء فترة عقوبة السجن في بلجيكا.
وقبل أسابيع قليلة أعلنت السلطات البلجيكية، أنها قررت سحب أوراق الإقامة القانونية من شاب من أصول إسلامية يبلغ من العمر 18 عاما، للاشتباه في تورطه بملف له علاقة بالتطرف والدعوة لقتل الغربيين، وهو نجل الشيخ العلمي عاموش الهولندي من أصل مغربي الذي اتهمته السلطات في بروكسل بأنه يدعو إلى الكراهية، كما أعلنت بعدها سحب أوراق الإقامة من إمام المسجد الكبير في بروكسل عبد الهادي سويف المصري الجنسية وبررت ذلك بأنه يعتبر خطرا على الأمن العام والمجتمع بسبب خطابه المتشدد.


مقالات ذات صلة

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )
الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)

ما نظارات «ميتا» التي استخدمها مهاجم نيو أورليانز للاستكشاف قبل عمله الإرهابي؟

نظارات «ميتا» هي أجهزة بها كاميرا مدمجة ومكبرات صوت وذكاء اصطناعي، يمكن التحكم فيها بصوتك وبأزرار، والتحكّم بها كذلك ببعض الإيماءات.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز (الولايات المتحدة))

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟