طالب الرئيس السنغالي ماكي صال بضرورة مراجعة المنهجية المعتمدة في تسيير ونشر بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في القارة الأفريقية، وقال إن «المنهج الكلاسيكي لحفظ السلام (في القارة) لم يعد مناسباً»، جاء ذلك خلال افتتاح النسخة الرابعة من «منتدى دكار الدولي حول السلم والأمن في أفريقيا» أمس (الاثنين). وانطلقت النسخة الجديدة من منتدى دكار بحضور رئيس رواندا بول كاغامي، ورئيس مالي إبراهيم ببكر كيتا، ووزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، والوزير الأول التشادي، بالإضافة إلى ممثل عن الحكومة اليابانية، ويشهد المنتدى مشاركة أكثر من 700 مشارك، من ضمنهم فاعلون حكوميون وعسكريون، بالإضافة إلى الخبراء الأمنيين. وترفع هذه النسخة من منتدى دكار شعار «التحديات الأمنية الحالية في أفريقيا: من أجل حلول تكاملية»، وهي التحديات التي حاول الرئيس السنغالي في كلمته الافتتاحية أن يجرد أبرزها، حين قال إن «التحدي الأول هو تبادل المعلومات الاستخباراتية التي يبدأ منها كل شيء، فالاستخبارات هي عمل المحترفين الذين يميلون نحو الدقة والكتمان». وأضاف ماكي صال في سياق حديثه عن التحديات التي تواجه بلدان القارة الأفريقية، أن «التحدي الثاني هو دمج المخاطر المرتبطة بالدول المفلسة التي تقع فريسة لجميع شبكات المافيا بسبب غياب سلطة الدولة»، مشيراً إلى أن «التحدي الثالث يتمثل في المتابعة الدائمة للتعليم والتكوين وخلق فرص العمل، حتى نقف في وجه اكتتاب الشباب من طرف تنظيمات متطرفة، إنه تحدٍ أمني بالدرجة الأولى». وخلص إلى أن التحدي الأخير أمام الدول الأفريقية «هو تحدٍ تنموي يتعلق بالإنصاف والعدالة الاجتماعية التي تمثل شرطاً أساسياً لتحقيق الأمن والسلام في القارة».
وفي سياق حديثه عن بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في القارة الأفريقية، قال صال إنه من الضروري مراجعة المنهجية المعتمدة في تسيير ونشر هذه البعثات الأممية، وأضاف: «المنهج الكلاسيكي لحفظ السلام لم يعد مناسباً»، مشيراً إلى أن «لكل بلد تاريخه، وتجربته وخصوصيته التي يجب أن تراعيها هذه البعثات الأممية»، وفق تعبيره.
من جانبها، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، خلال افتتاح منتدى دكار، إن «منتدى دكار لا يتوقف فقط عند القارة الأفريقية، وإنما ينفتح على اليابان وبلدان الخليج العربي وأوروبا، وهذا الانفتاح يجسد أحد عناصر القوة التي يتمتع بها منتدى دكار»، وشددت الوزيرة الفرنسية على أهمية المنتدى بوصفه موعداً لتعميق النقاش حول التحديات الأمنية في القارة.
وأضافت أن المنتدى يقول: «اتركوا أفريقيا تتحدث عن نفسها، اتركوها تختار خياراتها بنفسها، وأن تجد الوسائل الذاتية لتضمن أمنها واستقرارها، وفي كلمات قليلة يتم العثور في أفريقيا على حلول لمشكلات وتحديات أفريقيا»، وأكدت بارلي أن «فرنسا انخرطت على الفور في منتدى دكار، ودعمت جميع المبادرات التي تنطلق منه، وقد جئت هذه المرة لأعلن أن هذا الموقف الفرنسي لم يتغير، فرنسا لا تتخلى عن شركائها، وستواصل دعم ومساندة جميع المبادرات الإيجابية من أجل السلام في أفريقيا»، وفق تعبيرها.
رئيس مجلس السلم والأمن الأفريقي موسى فقي محمد حاول تقديم وصفة لمواجهة التحديات الأمنية في القارة السمراء، وقال إن «أفضل رد على هذه التهديدات الأمنية هو تعزيز مستوى التعاون والتنسيق الأمني بين دول القارة، تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق العملياتي على الأرض أمور مهمة لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب»، وأضاف فقي أن الاتحاد الأفريقي شكل هيئات ومؤسسات تعمل على تعزيز هذه الاستراتيجية.
ولكن فقي عاد ليؤكد أن «التحديات المرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة لا تمكن مواجهتها على المدى البعيد بالخيار العسكري والأمني وحده»، مشيراً إلى أنها «تحديات تكون في الغالب أعراضاً لمشكلات أكثر عمقاً، على غرار الظلم الاجتماعي وانعدام الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان، وعوامل أخرى كثيرة»، وشدد فقي على ضرورة أن تعمل الدول الأفريقية وفق «استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد»، تقوم على إطلاق مشاريع تنموية وأمنية تستهدف القضاء على جذور هذه الأزمات. ومن المنتظر أن يستمر النقاش خلال يومين في العاصمة السنغالية دكار، حول أنجع السبل للوصول إلى «حلول تكاملية» تضمن الحد من مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة، خصوصاً في ظل تزايد التهديدات الإرهابية في عدة مناطق من القارة (القرن الأفريقي، الساحل والصحراء وبحيرة تشاد). ويؤكد القائمون على منتدى دكار أن هذه النقاشات ستسفر عن مبادرات وتوصيات ستتم صياغتها في خطط عملية من شأنها أن تسهل التبادل وتقاسم الخبرات والتعاضد، على المستوى الوطني وشبه الجهوي والجهوي مع الاتحاد الأفريقي أو الدولي مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة». وكان منتدى دكار الدولي قد ولد قبل 4 سنوات، إثر قمة انعقدت عام 2013 في قصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس، خصصت لمناقشة قضايا السلم والأمن في أفريقيا، وذلك بعد أشهر قليلة من التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي لطرد الجماعات الإرهابية التي سيطرت على كبرى المدن في شمال مالي.
8:17 دقيقة
منتدى دكار الدولي يفتح النقاش حول «الإرهاب» في القارة الأفريقية
https://aawsat.com/home/article/1083271/%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D8%AF%D9%83%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B4-%D8%AD%D9%88%D9%84-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9
منتدى دكار الدولي يفتح النقاش حول «الإرهاب» في القارة الأفريقية
دعوات لمراجعة منهج بعثات السلام الأممية ومطالب برفع مستوى التنسيق الأمني بين بلدان القارة
- نواكشوط: الشيخ محمد
- نواكشوط: الشيخ محمد
منتدى دكار الدولي يفتح النقاش حول «الإرهاب» في القارة الأفريقية
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة