«العفو الدولية»: حصار النظام السوري للمدنيين جريمة حرب

مجزرة بغارة على مدينة الأتارب شمال حلب

بعد غارة على مدينة الأتارب في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على مدينة الأتارب في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

«العفو الدولية»: حصار النظام السوري للمدنيين جريمة حرب

بعد غارة على مدينة الأتارب في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على مدينة الأتارب في ريف حلب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت منظمة العفو الدولية، الاثنين، أن حصار النظام السوري للسكان المدنيين قبل التوصل إلى اتفاقات «مصالحة» مع المعارضة، يشكل جرائم ضد الإنسانية و«جرائم حرب».
وفي تقرير حمل عنوان «نرحل أو نموت»، قامت منظمة العفو الدولية بتحليل أربعة اتفاقات محلية، تقول المنظمة الحقوقية إنه قد سبقتها عمليات حصار غير مشروعة وقصف، بهدف إجبار المدنيين على ترك منازلهم.
وقال التقرير: «عمليات الحصار والقتل غير المشروع والترحيل القسري من قبل القوات الحكومية، هي جزء من هجوم ممنهج وواسع النطاق على السكان المدنيين، وبالتالي فإنها تشكل جرائم ضد الإنسانية».
وجاءت اتفاقات «المصالحة» التي عقدت بين أغسطس (آب) 2016 ومارس (آذار) 2017، بعد عمليات حصار دامت لوقت طويل، هاجمت خلالها قوات النظام وأيضا قوات المعارضة المدنيين من دون تمييز.
وأورد التقرير أن «الحكومة السورية، وبدرجة أقل جماعات المعارضة المسلحة، فرضت حصارا على مناطق مكتظة سكنيا، وحرمت المدنيين من الطعام والدواء وحاجات أساسية أخرى، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي».
ومثل هذه الأعمال من قبل النظام السوري في داريا ومضايا وشرق مدينة حلب وحي الوعر في حمص، تشكل جرائم حرب.
وقد وجد أيضا أن نفس التكتيكات استخدمتها جماعات المعارضة التي حاصرت كفريا والفوعة، وقامت أيضا بارتكاب جرائم حرب، من خلال هجماتها التي لم تميز بين المدنيين والعسكريين.
ووثقت منظمة العفو الدولية 10 هجمات في شرق حلب بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول) 2016، زعمت أن النظام استهدف خلالها أحياء «بعيدة عن خطوط الجبهات، ومن دون أي هدف عسكري ظاهر في محيطها».
ووثق التقرير أيضا ما مجموعه ثماني هجمات شنتها قوات المعارضة في غرب مدينة حلب وشمالها، بين أغسطس ونوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، واستخدمت فيها أسلحة وصفت بأنها «مدافع جهنم» ضد المدنيين.
وقالت المنظمة الحقوقية إنها اعتمدت في بحثها على الصور عبر الأقمار الصناعية وتسجيلات الفيديو، إلى جانب مقابلات مع 134 شخصا، منهم سكان ومسؤولون في الأمم المتحدة بين أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) هذا العام.
وناشدت منظمة العفو المجتمع الدولي إحالة القضية في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية، وطلب حق دخول غير مشروط لهؤلاء الذين يحققون في انتهاكات حقوق الإنسان.
إلى ذلك, قتل مدنيون بقصف لم يعرف ما إذا كان من الطيران الروسي أو من قاذفات النظام، على مدينة أتارب غرب مدينة حلب شمال سوريا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن «انفجارات عنيفة هزت مناطق في الريف الغربي لحلب، ناجمة عن قصف من قبل طائرات لا يعلم ما إذا كانت روسية أم أنها تابعة للنظام، والتي استهدفت سوق بلدة الأتارب، ما تسبب بوقوع عشرات الشهداء والجرحى، تأكد استشهاد أكثر من 10 منهم حتى الآن، فيما شهدت السوق دماراً كبيراً».
وأضاف: «لا تزال أعداد الشهداء مرشحة للارتفاع، بسبب وجود عشرات الجرحى والمفقودين في منطقة القصف».
جدير بالذكر أن منطقة الأتارب شهدت الأحد اجتماعاً للمجالس المحلية بريف حلب الغربي، مع ممثلين عن «هيئة تحرير الشام» توصلوا من خلاله لوقف إطلاق نار بين «الهيئة» و«حركة نور الدين الزنكي» بعد 6 أيام من الاقتتال في ريف حلب الغربي.
من جهتها، قالت شبكة «الدرر الشامية» إن «الطيران الروسي ارتكب مجزرة مروعة في مدينة الأتارب غرب مدينة حلب في الشمال السوري؛ أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى». وأفاد مصدر ميداني لـ«شبكة الدرر الشامية» بسقوط «30 قتيلاً وعشرات الجرحى - بينهم إصابات خطيرة - إثر استهداف الطيران الروسي لسوق الأتارب بثلاث غارات ارتجاجية»، مرجحاً ارتفاع حصيلة القتلى والجرحى. وأضاف أن القصف «ألحق أضراراً بالغة بالسوق؛ ما أدى إلى خروجه تماماً عن الخدمة، فضلاً عن تضرُّر مقر (الشرطة الحرة)»، مبيناً أن الدفاع المدني وفرق الإسعاف هرعت إلى السوق لإسعاف الجرحى وانتشالهم من تحت الأنقاض.
يُشار إلى أن مقر الشرطة في الأتارب يوجد به عناصر من «الشرطة الحرة» التابعة لفصائل «الجيش الحر».
إلى ذلك، قصفت قوات النظام أماكن في منطقة المنصورة الواقعة في الريف الغربي لحلب، ما خلف أضراراً مادية، دون معلومات عن إصابات إلى الآن، فيما كانت قوات النظام قد قصفت صباح الاثنين مناطق في بلدة كفر داعل بالريف ذاته، بحسب «المرصد».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.