حملة صباحي لـ «الشرق الأوسط»: لم نتقدم بطعن ولكن قدمنا مذكرة اعتراضية على بعض التجاوزات

الحكومة شكرت الجيش والشرطة لتأمين الانتخابات.. و«العليا للرئاسة» تستعد لإعلان اسم الرئيس

حملة صباحي لـ «الشرق الأوسط»: لم نتقدم بطعن ولكن قدمنا مذكرة اعتراضية على بعض التجاوزات
TT

حملة صباحي لـ «الشرق الأوسط»: لم نتقدم بطعن ولكن قدمنا مذكرة اعتراضية على بعض التجاوزات

حملة صباحي لـ «الشرق الأوسط»: لم نتقدم بطعن ولكن قدمنا مذكرة اعتراضية على بعض التجاوزات

نفت حملة المرشح الرئاسي حمدين صباحي أمس، تقدمها بأي طعن على نتائج انتخابات الرئاسة المصرية التي لم تصدر رسميا بعد، وذلك على خلاف ما أشيع في الكثير من وسائل الإعلام المحلية في البلاد أمس. وكشف عن ذلك حامد جبر، عضو اللجنة القانونية في حملة صباحي، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «نحن لن نطعن على النتيجة النهائية للانتخابات»، وأضاف: «لم نتقدم بطعن.. وما تقدمنا به أمس هو مذكرة اعتراضية على بعض التجاوزات التي شابت العملية الانتخابية».
يأتي هذا في حين توجه مجلس الوزراء، برئاسة المهندس إبراهيم محلب، بالشكر لرجال القوات المسلحة والشرطة على الجهود التي بذلوها في تأمين العملية الانتخابية، قائلا في بيان له أمس: «قمتم بمجهود شاق لتأمين مقار الانتخابات، ما أسهم في سير العملية الانتخابية بأمان كامل، وكان مثار إعجاب وتقدير جموع الشعب»، وقال مصدر مسؤول في مجلس الوزراء لـ«الشرق الأوسط»، إن «محلب أكد أن الإجراءات الأمنية التي وضعت بالتعاون بين الشرطة والجيش كانت كفيلة بنجاح الاستحقاق الرئاسي». ووفقا للجدول الزمني للانتخابات الرئاسية في مصر، الذي وضعته اللجنة العليا، تنتهي اليوم (الأحد) الفترة الزمنية لتلقي الطعون من المرشحين قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي والقيادي اليساري حمدين صباحي على نتائج الانتخابات، التي أظهرت مؤشراتها الأولى اكتساح السيسي بأكثر من 96.7% من نسبة الأصوات. وقال مصدر مسؤول في اللجنة العليا للانتخابات إنه «من المقرر عقد مؤتمر صحافي خلال هذا الأسبوع للإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، وإعلان اسم الرئيس، وذلك خلال خمسة أيام بحد أقصى ابتداء من اليوم (الأحد)، وذلك وفق قرارات اللجنة السابقة»، مضيفا أن «اللجنة انتهت من تسلم جميع النتائج وأعمال الحصر والأوراق الخاصة باللجان الانتخابية العامة والفرعية من محافظات مصر كافة، وأن الأمانة العامة للجنة الانتخابات الرئاسية تعكف حاليا على إجراء عملية فحص دقيقة ومراجعة كافة البيانات والأوراق الخاصة بالانتخابات في المحافظات كافة».
ومن المقرر أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية النتائج قبل الخامس من يونيو (حزيران) الحالي، لتنتهي بذلك ثاني خطوات «خارطة المستقبل» التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي لم يتبق منها سوى الانتخابات البرلمانية بعد إقرار الدستور مطلع العام الحالي.
وانتهت الأربعاء الماضي الانتخابات الرئاسية، عقب تصويت دام ثلاثة أيام. وأظهرت نتائج نهائية (غير رسمية)، تفوقا واضحا للمشير السيسي على منافسه الوحيد صباحي، وحصل السيسي على قرابة 23 مليونا و426 ألفا و741 صوتا بنسبة 96.7 في المائة من الأصوات الصحيحة، و791 ألفا و258 صوتا لصباحي بنسبة 3.4 في المائة. بينما بلغت الأصوات الباطلة التي مليونا و174 ألفا و352 صوتا بنسبة خمسة في المائة.
وعقب إعلان النتيجة رسميا من اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، سيحلف الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية بضاحية المعادي (جنوب القاهرة)، نظرا لعدم وجود مجلس للنواب (برلمان).
وتردد أمس تقدم حملة صباحي بطعن على نتائج الانتخابات للجنة العليا للانتخابات؛ لكن توقع مراقبون «عدم تقدم أي من المرشحين بطعون على النتائج، خاصة بعدما أقر صباحي في مؤتمر صحافي بخسارته واعترافه بالنتيجة النهائية للانتخابات»، وقال حامد جبر، وهو المستشار القانوني لصباحي وعائلته، إنه «أجرى اتصالا بالمرشح الرئاسي صباحي الليلة قبل الماضية، وأكد له المرشح الرئاسي أنه لن يطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات».
وأضاف جبر، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، أن «اللجنة القانونية للحملة لن تطعن على قرار اللجنة العليا للانتخابات الخاص بإعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية»، مؤكدا احترام الحملة لإرادة الشعب المصري.
وتابع أن «ما تقدمت به الحملة أمس مذكرة اعتراضية على بعض التجاوزات والسلوكيات التي شابت عملية الاقتراع في اللجان الفرعية وأثبتت في محاضر الحصر العددي باللجان العامة، كما جرى الاعتراض على مد الاقتراع لليوم الثالث وعلى عدم الشفافية والنزاهة والتعسف في بعض القرارات».
وحول ما إذا كان يتوقع أي قرارات من اللجنة العليا على المذكرة، قال جبر: «أي قرار تصدره اللجنة لا يجوز الطعن عليه أمام اللجنة القضائية». وتعد قرارات اللجنة العليا نهائية غير قابلة للطعن أمام القضاء، ولا يجوز لأحد أن يطعن على نتيجة الانتخابات أمام اللجنة سوى المرشح للرئاسة قبل صدور النتيجة، باعتبار أنه صاحب المصلحة ويحق له الطعن دون غيره.
في السياق ذاته، قال المستشار عبد العزيز سالمان الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية أمس، إنه «تلاحظ تداول بعض المواقع الإلكترونية صور بطاقات إبداء رأي مستخدما بعض منها لصالح المرشح صباحي، ملقاة في داخل دورة مياه، وإذ قامت اللجنة بفحص تلك البطاقات، تبين أنها ليست بطاقات إبداء الرأي المعتمدة من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية، حيث إن ظهر البطاقة خال من أي بيانات أو علامات تأمينية، في حين أن البطاقة الأصلية مدون عليها بعض البيانات، فضلا عن شعاري الجمهورية، ولجنة الانتخابات الرئاسية».
وأهاب سالمان، بوسائل الإعلام والمواطنين، توخي الدقة والحذر، قبل نشر أو تداول أي صور أو بيانات، حرصا على مصلحة الوطن.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.