عمرو موسى: الدستور استعاد روح مصر.. وجدول أعمال الرئيس الجديد «ثقيل جدا»

رئيس الهيئة الاستشارية بحملة السيسي يؤكد لـ {الشرق الأوسط} أن الجمهورية الثالثة تبدأ في ظروف صعبة

عمرو موسى
عمرو موسى
TT

عمرو موسى: الدستور استعاد روح مصر.. وجدول أعمال الرئيس الجديد «ثقيل جدا»

عمرو موسى
عمرو موسى

عشية الانتخابات الرئاسية المصرية، جمعنا في القاهرة نقاش مطول مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ورئيس الهيئة الاستشارية بحملة المشير عبد الفتاح السيسي ورئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، عمرو موسى.
النقاش مع عمرو موسى، على هامش انتخابات مصيرية لمستقبل الحكم في مصر، لم يكن نقاشا عاديا، فالرجل بخبرته الطويلة، وتجربته من داخل أروقة الدولة وأجهزة صنع القرار، وبنظرته الثاقبة بصفته، قبل كل شيء، مواطنا مصريا «فوق العادة»، تطرق إلى كل المواضيع التي تشغل الرأي العام في مصر وخارجها.
نقاش، تحول حوارا سياسيا أكد خلاله عمرو موسى أن رئيس مصر المنتخب سيكون لديه جدول أعمال ثقيل جدا وأجندة مليئة بالأولويات، داخلية وأخرى إقليمية أو خارجية، حتى تخرج مصر من أزمتها.
موسى أكد أن الرئيس وحده لا يستطيع منفردا أن يحقق ما يريده هو أو ما يريده الشعب المصري، وأن مهمته تقتضي منه أن يقود ويوجه، وأن يدير مؤسسات الدولة، طبقا لسلطاته الدستورية، مع التركيز على الإصلاح الشامل. رئيس الهيئة الاستشارية بحملة السيسي شدد على وجود «غضب كبير جدا» من الإخوان المسلمين داخل المجتمع المصري: «لسوء حكمهم وعنف سياستهم». وقال إن دستور عام 2014 لم يعزل أو يمنع أحدا، وأن الباب مفتوح للجميع للمشاركة في العملية السياسية شرط الاعتراف بهذا الدستور، والتوقف عن ممارسة العنف، والإقرار بالشرعية الجديدة.
وفيما يلي أهم ما جاء في النقاش المفتوح مع عمرو موسى:

* ما أولويات الرئيس المصري المقبل: ملف الأمن أم الملف الاقتصادي؟
- بات معروفا أن الأجندة تحتوي الكثير من المواضيع المتعلقة بتحقيق الأمن والإصلاح والبناء. وتشتمل الأولوية على أكثر من ملف في الوقت نفسه، لأن خللا كبيرا جدا وقع في مصر. ومن ثم، فإن مهمة إعادة البناء مهمة شاملة وأولوياتها متعددة. أولويات سياسية، واقتصادية، وتنموية، وعدالة اجتماعية. وهناك أولويات داخلية وأخرى إقليمية أو خارجية.
الحقيقة أنه سيكون لدى الرئيس الجديد جدول أعمال ثقيل جدا. وأثق بأن المشير عبد الفتاح السيسي على وعي بهذا كله. ومن ثم، أتصور أنه سيكون لديه شغل وانشغال كبيران. والكثير يتوقف أيضا، على الفريق الذي سوف يكلف تنفيذ كل هذا أو متابعته.
وبالتأكيد، سيكون هناك فرق عدة وليس فريقا واحدا فقط.
* المشير تحدث عن الأولويات وجدول الإعمال والأميال التي يجب قطعها لزيارة دول كثيرة. لكن الفريق الذي سيعمل مع الرئيس سيلعب دورا كبيرا، وسيكون لقوته تأثير كبير أيضا؟
- الرئيس وحده لا يستطيع منفردا أن يحقق ما يريد أو ما نريد. لكن مهمته تقتضي منه أن يقود ويوجه، وأن يدير مؤسسات الدولة من مختلف الزوايا، طبقا لسلطاته الدستورية، مع التركيز على الإصلاح الشامل. وهذا مهم جدا، لأن مصر لا تستطيع أن تمضي بالشكل الذي كانت عليه. لقد تعرضت مصر لهزة قوية، لسبب رئيس هو سوء إدارة الحكم بشكل متراكم حكومة بعد حكومة. وهكذا ولفترة طويلة، وعهدا بعد عهد، لم نشهد إلا سوء إدارة الحكم، ومن ثم نتائج سلبية في عمومها. وعليه، لا بد من تحقيق جودة الحكم وكفاءة إدارته. مصر في الواقع، تبدأ جمهوريتها الثالثة في ظروف صعبة. وهذه ليست جمهورية محمد نجيب، أو جمال عبد الناصر، أو محمد أنور السادات، وقطعا ليست جمهورية مرسي، إنما هي الجمهورية الثالثة، وهي مختلفة جذريا في دستورها، وفي المشاكل التي تواجهها، وفي الزمن الذي تعيش فيه، وأسلوب التعامل مع المشاكل.
* هل تعد الدستور خطوة كبيرة لمصر؟
- إي نعم، هو خطوة كبيرة جدا، ويجب أن نعمل على تطبيقه وتنفيذه. وهذا ما ننتظره من البرلمان المقبل، أن يصدر القوانين المكملة والمنفذة لتوجيهات والتزامات الدستور. ثم إن الدستور لا يطبق في ذاته، القضاة يطبقون القانون، والقانون هو الذي يتبع الدستور ويطبق مبادئه. هناك زخم كبير جدا الآن. الناس اختلفت، والشعوب استيقظت، ولن تقبل أن يخرج على إرادتها حاكم أو رئيس. ورغم التحديات الصعبة، فإننا نريد للجمهورية الثالثة أن تنجح. الناس منتظرة وهي تعرف طريقها، وتعرف، أيضا، ما تريد. الفشل الذي صاحب الحكومات السابقة أدى إلى زيادة الفقر، واضطراب الخدمات، وتراجع المؤشرات. وما نشهده حاليا، أمر مختلف. فقد عبرت الجماهير عن حبها للمشير السيسي وثقتها به. ورأى المواطنون فيه أنه رجل منهم، ووقفته معهم ضد حكم الإخوان المسلمين كانت حاسمة. وهو يعتزم العمل بعزمه كاملا لإعادة البناء، لأن مصر وصلت إلى مرحلة سيئة جدا في مختلف المجالات. وهنا، لا بد أن يتعرض الرئيس الجديد والحكم الجديد، لمواضيع الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والطاقة والتعليم والصحة، والاهتمام بالمواطن المصري في ذاته بصفته إنسانا. أي كل شيء تقريبا. ولست أعتقد أن في ذلك استحالة أبدا. والأمر المطلوب هو حسن الإدارة، إذ لدينا متخصصون في كل المجالات، وكذلك وجود خطة سليمة وعزيمة وإرادة قوية، وهي موجودة أيضا. وبذلك، يمكن تحقيق نتائج على أرض الواقع، وإلا فسيكون رد الفعل صعبا.
* كيف يمكن تحقيق نمو اقتصادي في ظل التحولات السياسية التي يشهدها البلد؟ وكيف يمكن خلق فئات سياسية فاعلة بأحزابها، في مقابل التركيز على إحياء الاقتصاد مجددا والتوفيق بين العملين؟
- أولا، إحياء الاقتصاد مسألة أسياسية. وسوف تسير وفق خطط العمل التي يسعى الرئيس والحكومة إلى تنفيذها. على سبيل المثال، هناك مشاريع كثيرة جدا. يمكننا التفكير في محور قناة السويس على الأقل، وإنشاء منطقة صناعية كبرى تشمل الصيانة، وصناعة السفن، ومنطقة تجارة حرة، واستصلاح أراض، ونهضة سياحية. وكلها أمور تفتح آفاقا كبيرة جدا. معروف أن نصف تجارة العالم يمر من قناة السويس.
لو جرى إنجاز هذا كله، فسيؤدي بالضرورة، إلى طوفان من البشر يتدفق إلى منطقة قناة السويس للعمل والحياة. مدن قناة السويس لا تتحمل حاليا مثل هذا الطوفان، مما يستوجب بناء مدن وقرى ومصانع ومزارع ومنتجعات. هذه الحركة تتضمن كما من المشاريع في المقاولات، والبناء، والزراعة، والصناعة. وهذه الخطة سوف تجلب الكثيرين، وهي تتناسب مع متطلبات القرن الـحادي والعشرين بمقاييسه ومتطلباته ومعاييره - والطريق الغربي (فكرة فاروق الباز)، والطاقة المتجددة للشمس في الصحراء الغربية، وهذه كلها موجودة في برنامج المشير. وكذلك سوف يجري تغيير حدود كل محافظات الصعيد بشكل أفقي - على سبيل المثال، في الأقصر، لم يكونوا يعرفون سوى السياحة. ستكون لديهم كيلومترات عدة على البحر، لإقامة مشاريع مختلفة، مثل شركات الأنشطة البحرية، أو بناء قرى وطرق جديدة. وهذا يفتح آفاقا أرحب. المطلوب هو الإدارة الصحيحة. الدستور تحدث عن أنواع جديدة من الإدارة. فنص على وجوب انتخابات تجرى على كل المستويات، في مجالس القرى ومجالس المدن والمحافظات. هذا تغير جذري في إدارة الأمور، لو تحقق بنجاح فستسير مصر على طريق مختلف. وبالأرقام، يصل الأمر إلى نحو 54 ألف كرسي مطروحة للانتخابات المحلية، في ظرف نحو عام. إضافة إلى ذلك، وبالأمر الدستوري، 25 في الماةئ من الرقم السابق، يجب أن يكون من بين النساء، ولهن نحو 14 ألف مقعد. وتكون هناك نسبة أخرى مماثلة للشباب تحت سن الـخامسة والثلاثين، ونسب أخرى للعمال والفلاحين والمسيحيين.. إلخ.
إذن، هناك حركة انسيابية يستطيع أي قائد استثمارها لتحريك كل هذه الأنشطة وقيادتها. وهذا من شأنه أن يخلق تحريكا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وسياسة جديدة تطبق من خلال الممارسة البرلمانية. ومن خلال مناقشة المشاكل الاقتصادية وغيرها في البرلمان، سوف تخلق التيارات اللازمة، سواء مع الحكومة أو ضدها. وأنا أتصور أن المدرسة السياسية سوف تتشكل من داخل البرلمان.
* ذكرت أن الدستور يؤكد استعادة روح مصر. كيف؟
- فعلا، الدستور يستعيد روح مصر. فمبادئ الشريعة الإسلامية أساس التشريع، وشرائع المسيحيين واليهود تنظم أحوالهم. كما يؤكد الدستور أن مصر جزء من الأمة العربية وجزء من القارة الأفريقية. والدستور يفصل في حسم حقوق المواطنين وحرياتهم. ويحدد سلطات مؤسسات الدولة، ويدخل مفهوم اللامركزية.. إنه لا يستعيد روح مصر وحسب، وإنما يرسم مستقبلها أيضا.
* مصر انكفأت إلى الداخل ثلاث سنوات بسبب الظروف التي مرت بها؟
- لا، ليس بسبب ظروف مصر، وإنما كان نتيجة تقييم خاطئ لظروف البلد. ثم جاء الانكفاء في بدايات هذا القرن، وتجذر خلال السنوات الخمس الأخيرة - وكان للرئيس مبارك نظرية «إني الباب اللي يجي لك منه الريح سده واستريح». كانت منطقة الشرق الأوسط تغلي من شدة التطورات. وخلال تلك السنوات، جاءت نظرية الفوضى الخلاقة، وجرى الحديث عن شرق أوسط جديد. ثم نشطت حركات التواصل الاجتماعي، والارتباط بالكثير من الشبكات العالمية. وكانت النتيجة، ما شهدناه من انغلاق لتجنب رياح التغيير، فعصفت رياح التغيير. مصر لا تستطيع أن تغلق الأبواب على نفسها.
* أشرفت على الجامعة العربية فترة من الزمن. وترددت أحاديث كثيرة حول إصلاح الجامعة. وحتى اليوم لم نشهد أي إصلاح؟
- مع عدم المساس بالجامعة العربية، من المهم أن نتحدث عن حركة التغيير العربية، أو ما سماه الغربيون «الربيع العربي»، حيث لا بد أن تنتج عن ذلك حركة تغيير في النظام الإقليمي. ومن الضروري أن نبحث في ماهية النظام الإقليمي الأكثر فاعلية. قبل أيام، خلال زيارتي إلى واشنطن اتصالا بالتغيير، تحدثت مع جميع من قابلتهم. وقلت في مداخلاتي العلنية، إن زمن سايكس - بيكو انتهى، ولن يستطيع وزير أو اثنين، أو حتى خمسة، أن يقرروا مصير الشرق الأوسط، لأن ثورة رفض سوف تحدث. أقصد أنه لا يمكن مثلا، لكل من سيرغي لافروف وجون كيري وحدهما، أن يقررا مصير الشرق الأوسط، كما فعل سايكس وبيكو عام 1914. يجب أن يكون لنا - نحن العرب - كلمة وموقف وقرار.
* هناك أكثر من حرب أهلية في المنطقة. ومن الصعوبة بمكان الاتفاق على عمل شيء لمنع هذه الحروب، فالخلافات متجذرة. كيف ترى ذلك؟
- هي خلافات كثيرة، لكن عندما نجلس معا في إطار الجامعة العربية، يصبح من الممكن تسويتها أو بعضها على الأقل. وسبق أن التقينا هنا، في منزلي، عندما كنت أمينا عاما للجامعة، وتوصلنا إلى حلول لبعض المواقف والمشاكل العربية، من خلال النقاش الهادئ، والتفاهم على حدود دنيا وقصوى، وعلى أساليب عمل. وهذا كله يقتضي أن نعمل على خلق نظام إقليمي جديد، نستعد له بالفكر والتصور والتخطيط، لنتفق على ما هو النظام الموفق. وهناك عناصر جديدة لا بد أن نضعها في الاعتبار.
أولها، أن المغرب العربي لم يعد الشقيق الأصغر، إذ لا ننسى أنه لعب دورا في مسارات التغير التي حدثت وتحدث حاليا، من تونس إلى ليبيا. أقصد من هذا، أن يؤخذ رأي المغرب العربي بجدية.
ثاني تلك العناصر، هو أن نقبل بالتنوع الذي يستوعب الأمازيغ والأكراد والمسيحيين، ومختلف المذاهب الإسلامية. وأن نخرج عن نطاق القومية العربية بمعناها الرومانسي التقليدي السابق. وأن يستفيد العالم العربي من كل الروافد التي في داخله.
والأمر الثالث، هو ضرورة أن نعي أسباب تخلفنا، وطريقة إدارة الأمور، ومختلف ملفات المجتمع، وعلى رأسها، وضع نظام تعليم يوفر لنا الكوادر التي تتناسب وطبيعة المرحلة، لأن التعليم مرتبط بالاقتصاد، حتى يمكن إنتاج سلعة تنافس في الأسواق العالمية.
والأمر الرابع، هو الديمقراطية، وإلغاء فكر التوريث نهائيا، والدخول الجدي في نظام ديمقراطي بمعناه الواسع والعاقل والراقي.
* هذا يقودنا إلى الملف السوري، ووجود خلاف حول التسويات التي يجب أن تفرض؟
- الملف السوري حوله خلاف كبير ويعاني عجزا مشينا.
* بحكم طبيعة عملك كنت على صلة بالرئيس حافظ الأسد وسوريا. كيف ترى الأمور اليوم؟
- سوريا دينامو العروبة، وسقوطها أو تقسيمها أو دمارها، يؤثر سلبا في حاضر العرب ومستقبل المنطقة. وهنا، أذكر أيضا الديمقراطية، التي من دونها، ستبقى المشاكل إلى ما لا نهاية. وأرى الطريق المتبع حاليا غير فاعل، وصيغة جنيف صيغة خادعة لا فائدة منها. وأعتقد أن الحل يجب أن يكون إقليميا في أساسه وتوجهه، على تفصيل ليس هذا مكانه.
* هل تتوقع وضع قانون أو دستور نموذجي ضامن لاحتياجات الناس ومصالحهم، في ظل تعقيدات الواقع الذي يفرض نفسه على صياغة الدستور والقانون؟
- ممكن. لكن، يجب أن نثق بالشعب الجديد الذي يغضب ويثور ويرفض. ورأينا نموذج «الإخوان» عندما ركزوا في أساس أولوياتهم، على تمكينهم من الحكم على حساب مواضيع ذات أولوية لدى الناس، مثل منع الفقر ومحاربته. وعندما غضب الناس أسقطوا حكم «الإخوان» ودستورهم. نعم لا توجد مثالية، ولكن يوجد أمر واقع، هو أن الناس لم يعودوا يطيقون سوء إدارة الحكم، وتجاهل مصالحهم واحتياجاتهم، وكذلك لا يحتملون الإهانة والاستهزاء بهم. من هنا، نأتي بقوة الدستور وضماناته وحمايته.
أما من يقول بأننا سنعيد تجربة فلان أو علان، فهو يعبر عن عجز كبير، لأننا في العصر الجديد، لا يمكن أن نعيش بمقاييس القرن العشرين، وضروري أن نعيش ظروف هذا القرن بفكره وتداعياته. لن تكون هناك عودة لأي نظام سابق، فتلك نظم أثبتت فشلها، فكيف نعود إليها مرة أخرى؟
* ماذا عن دعم الاقتصاد المصري وتجارب الآخرين، خاصة تجربة البرتغال التي أشار إليها المشير السيسي في حواري معه؟ وما حجم صلاحيات رئيس الحكومة؟
- الدستور حدد صلاحيات رئيس الوزراء، بأنه شريك في رسم السياسة والمشرف على تنفيذها. وهنا، لا محل للاجتهاد. أما الرئيس، فله القيادة وسدة الحكم والتوجيه. أما الحكومة، فلها الإشراف على التنفيذ وقيادته. وإذا أردنا أن نختار مثالا، أو نموذجا لحركة إعادة البناء، فالمثال أو النموذج، في رأيي، هو البرازيل. برازيل الرئيس لولا.
* تقصد إصلاح العملة؟
- ديمقراطية سياسية واقتصاد حر، لكنه مراقب ومتابع بدقة، حتى يحقق الفرعين: التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. هذه نظرية الرئيس لولا.
* بات لكلمة خصخصة معنى سلبيا في المنطقة العربية، كيف ترى الأمر؟
- نعم، كلمة خصخصة كلمة غريبة. لكن 75 في المائة من الاقتصاد المصري يقوم به القطاع الخاص. ومن ثم يمكن مناقشة الكلمة والمعنى. وتكفي الإشارة إلى السنوات الثلاث من 2011 وحتى 2013: عجلة الإنتاج توقفت، والاحتياطي أنفق، لكن بقيت صناعات يقوم بها القطاع الخاص تعمل، محققة نسبة كبيرة من العمالة والدخل والإنتاج، في إطار المشروعات المتوسطة والصغيرة، مع قلة من المشروعات الكبيرة.
* هل أنت متفائل؟
- إجابتي دائما، هي أن لدي القليل من التفاؤل. لكن أمامنا صعوبات كبيرة جدا. مع ذلك، فإن مهمة الإصلاح وإعادة البناء ليست مستحيلة.
* ماذا عن موضوع الشباب في الدستور، ومشاركتهم في حركة التغيير بالمنطقة العربية؟
- الدستور، كما سبق أن أوضحت، يعطي نسبة للشباب في الحكم المحلي والمحافظات، تصل إلى 25 في المائة من المقاعد. وهذا يعني نحو 14 ألف مقعد منتخب. وهذا أمر كبير، وقد دخلوا في العملية السياسية والأحزاب. وفي قانون مجلس النواب، سيكون مدرجا في كل قائمة، ثلاث نساء، وثلاثة مسيحيين، واثنان من الشباب، وواحد من المعاقين، وواحد من المصريين في الخارج. أي إنه أصبح للشباب، مقاعد مضمونة في العملية التشريعية. هذا بالإضافة إلى السياسة التدريبية في إطار مناصب السلطة التنفيذية، وطبعا الأساس هو ضمان جودة التعليم وآفاق المعرفة مهم.
* كيف ترى موضوع «الكوته» هذه، هل تتوافق مع العملية الديمقراطية؟
- هذه الكوته جزئية، محصورة في 120 كرسيا بمجلس النواب المقبل، والهدف منها، هو ضمان حد أدنى لوجود النساء والشباب في المجلس، ولكن تبقى الحرية كاملة لانتخاب النساء على مستوى المجلس ككل، وممارسة الشباب والنساء داخل البرلمان سوف تساهم في توفير الخبرة، ومن ثم مشاركتهم في الأحزاب الجديدة، والتحالفات التي سوف تظهر. ومن ثم سوف تتضاعف أعداد النساء والشباب المنخرطين في العمل السياسي والتنموي، ويتطور موضوع الكوته.
* كان «الإخوان» في السابق، يمررون مرشحيهم. هل يفعلونها هذه المرة؟
- هناك غضب كبير جدا من «الإخوان» داخل المجتمع المصري، لسوء حكمهم وعنف سياستهم. ولو فكر «الإخوان» في الاستفادة من الوضع الدستوري الجديد، المختلف عن دستورهم، الذي عزلوا به مئات من الشخصيات السياسية من مسؤولي النظام السابق، وحرمانها من الحقوق السياسية لعشر سنوات - لفهموا أن دستور عام 2014 لم يعزل أو يمنع أحدا، وأن الباب مفتوح للجميع للمشاركة في العملية السياسية. لكن، عليهم الاعتراف بهذا الدستور، والتوقف عن ممارسة العنف، وإعلان ذلك وأن يعلنوا هذا الكلام، ويقروا بالشرعية الجديدة.
* كيف سيتعاطى الإسلاميون في مصر مع الوضع، في وجود أنظمة إسلامية بمناطق أخرى؟
- الإسلاميون وصلوا إلى الحكم في مصر، وفشلوا في ظرف سنة. لم يقصهم أحد، إنما هم الذين أوصلوا أنفسهم إلى ما حدث لهم. يجب أن يؤخذ هذا في الاعتبار. إنهم حكام غير أكفاء وغير أذكياء. وإدارتهم كانت سيئة. لذلك، سقطوا. وقد أثر هذا السقوط في موقفهم جذريا. والعودة إلى مثل هذه التجربة غير ممكن. وقد يستغرق الأمر سنوات، وربما عقودا حتى يعدلوا من فكرهم، ويفهموا أنه عندما يصل فريق إلى الحكم، يجب أن يعمل على تحقيق مصالح الناس واحترامهم، وتطبيق الديمقراطية، وهذا ينطبق على الجميع.
* كيف سيتعامل المشير السيسي مع الدول التي أخذت موقفا سلبيا مما جرى في مصر؟
- هو يفهم تماما حقيقة الوضع الداخلي والإقليمي والدولي. وأن ثمة إمكانية لفتح صفحة جديدة وتحقيق متطلبات القرن الحادي والعشرين. إنها الجمهورية الثالثة، التي تتطلب فتح صفحات مختلفة عما سبق. وهذا ما قلته في أميركا: مطلوب إطار جديد للعلاقة المصرية مع دول العالم الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ولن يسمح الوضع الجديد بسياسة تحقيق مطالب للخارج بإملاءات عبر الهاتف. فيما يتعلق بمصر واحترامها لنفسها، لا أرى أن شخصية السيسي من النوع الذي سيقول «حاضر» لأحد. فهو يناقش، ويعود إلى مؤسسات الدولة. وقد يقول «نعم» إذا ارتأى أن الأمور مقبولة. وهنا، تطبق مصر أسس النظام الديمقراطي.
* ماذا عن العلاقة مع قطر وتركيا؟
- أدعو قطر وتركيا إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة مع مصر. هناك جمهورية جديدة في مصر، وعملية بناء شاقة لكنها ضخمة، فلن يكون للصفحة القديمة مكان.
* ماذا عن تكوين رجال الدولة ونقل الخبرات إليهم، من قبل دبلوماسيين يتمتعون برؤية مميزة في المنطقة؟
- حتى تصنع رجل دولة، فالأساس هو حسن التعليم وجودته، وكذلك تنمية القدرة على الاطلاع والمتابعة المستمرة للتطورات، ثم الممارسة قريبا من الحكومة ومن مراكز صناعة القرار، أو ما هو تابع لها. وأن يكون رجل الدولة واعيا بالعصر الذي يعيش فيه، مستوعبا لمتطلباته، ولا يكون مشدودا إلى عصر سابق مضى راغبا في العودة إليه والعيش فيه، نظرا لأنه خيار سهل. التاريخ لا يعود، بل قد يعيد نفسه، أحيانا، ولكن بأشكال مختلفة، ورجل الدولة هو رجل العصر وليس رجل الماضي.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.