مسيحيو «14 آذار» يتصدون لـ«التشويش» على أسباب استقالة الحريري

«القوات»: التركيز على شكل الاستقالة يغطي مخطط المشروع الإيراني

TT

مسيحيو «14 آذار» يتصدون لـ«التشويش» على أسباب استقالة الحريري

عكست تصريحات المسؤولين المسيحيين المنضوين في تكتل «14 آذار»، تكتلاً سياسياً يساند تيار «المستقبل» في مواجهة «التشويش» على أسباب استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، بمقابل إصرار «التيار الوطني الحر» على تجنب الحديث عن الدوافع، وحصر الملف بقضية عودة الرئيس الحريري لتقديم استقالته في لبنان.
وفي مقابل تصريحات رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه التي حصرت الأزمة بعدم تقديم الحريري استقالته في لبنان، وتشديد عون أمس دعوته لعودة الحريري من الرياض، بدا أن هناك انسجاماً بين أحزاب مسيحية وشخصيات مستقلة حول موقف موحد، أظهرته تصريحات مسؤولي حزب «القوات اللبنانية» و«الكتائب» وشخصيات مستقلة تنتمي إلى قوى «14 آذار»، تتلاقى مع موقف رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي دعا أمس إلى التمسك بتطبيق الدستور.
وعبر الرئيس السابق ميشال سليمان، عن قلقه من الخروج الكامل عن الدستور في تغريدة له عبر «تويتر»، قال فيها: «أخشى ما أخشاه أن يتمزق الدستور جراء صراعات المحاور أو أن تحترق أوراقه بنيران الحرب المشتعلة... الدستور يحررنا إذا حميناه، ويحمينا متى حررناه».
وبعد تأكيد الزعيمين المسيحيين في قوى 14 آذار، رئيس حزب الكتائب السابق أمين الجميل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن استقالة الحريري ليست ناتجة إلا عن تعاظم دور حزب الله في الحروب الدائرة في المنطقة، اعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم، أن «من يحاول التعمية على أسباب استقالة الرئيس الحريري ويصر على مناقشة شكل الاستقالة ومكانها ووقتها، يغطي مخطط المشروع الإيراني في لبنان ويساعده». وأشار في تصريح له «إلى ضرب الحياد الذي تم التفاهم عليه منذ انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة، وبنتيجة ضرب الحياد، تمت الاستقالة»، لافتاً إلى أن «الحكمة اليوم بتسوية الحياد والعودة إليه».
وتبنت الشخصيات المستقلة في 14 آذار الموقف نفسه، فاعتبر النائب السابق فارس سعيد أنه ومنذ صدور القرار 1559، الذي صدر في 2 سبتمبر (أيلول) 2004، «نحاول من خلال سياسة الجبن السياسي أن نتجنب طرح موضوع سلاح حزب الله في لبنان».
وسأل سعيد: «هل هناك مصلحة مارونية ومسيحية في أن يكون المسيحيون هم الطائفة الوحيدة في هذا البلد التي تؤمّن الغطاء الشرعي لهذا السلاح؟ لذا نحن أصبحنا في أزمة معقدة أكثر وأكثر»، مؤكداً أن الحل يكون بالعودة إلى الأصول والعودة إلى الدستور اللبناني «الذي لا يقول بوجود جيشين ومرشد للجمهورية، ننتظر ماذا سيقول، أكثر مما ننتظر ما سيقوله رئيس الجمهورية». ورأى سعيد أنه «لا يمكن أن تكون هناك ضمانة لـ5 ملايين لبناني على فريق واحد من اللبنانيين، لأن هذا الفريق عندما يربح يربح لوحده، وإذا خسر يخسر كل لبنان معه ويدفع جميع اللبنانيين بكل تلاوينهم الثمن، ولن يكون أحد بمنأى عن دفع هذا الثمن»، مشدداً على ضرورة العودة إلى الشرعية والتمسك بالشرعية الدولية أيضاً، وتنفيذ قرار 1559 و1701.
ودعا سعيد إلى التمسك بالشرعية العربية «لأننا لن نستطيع الخروج من محيطنا العربي، لا بل بالعكس علينا أن نعيش وجودنا في هذا المحيط».
من جهته، أكد رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض، على ضرورة وجود وحدة وطنية حول مبدأ عودة «حزب الله» الطوعية إلى لبنان تحت سقف الدستور والدولة اللبنانية.
وأضاف أنه «منذ عام أو أكثر كنا نطالب حزب الله بأن يخرج من سوريا ويعود إلى لبنان. اليوم لا زلنا نطالبه بالعودة إلى لبنان، لكن ليس فقط من سوريا، إنما من سوريا والعراق واليمن والكويت والبحرين، ومن السعودية ومصر وبلغاريا والأرجنتين والبرازيل وغيرها، حتى إنه وصل إلى مشاركة الحوثيين بإطلاق صاروخ باليستي على الرياض».
واعتبر معوض أنه تجب قراءة استقالة سعد الحريري، مشدداً على أنها «رسالة واضحة بأن الدول التي يتم التعدي عليها لم تعد تقبل بمنطق تفهم خصوصية لبنان». وأضاف: «هذه الدول تقول لنا بوضوح إذا أردتم الاعتداء على سيادتنا وأمننا، فسنعتبر أن لبنان تحول إلى دولة عدوة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم