الراعي يزور السعودية اليوم وسط تفاؤل لبناني

البطريرك الراعي
البطريرك الراعي
TT

الراعي يزور السعودية اليوم وسط تفاؤل لبناني

البطريرك الراعي
البطريرك الراعي

وصف مسؤولون ورجال أعمال لبنانيون الزيارة التي سيقوم بها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للرياض اليوم، بـ«التاريخية» التي تؤكد انفتاح السعودية على الأديان، مشيرين إلى أنه من المتوقع أن يلتقي الراعي غداً خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، مع توقعات بأن يعقد اجتماعا مع رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري.
وقال السفير اللبناني لدى السعودية، عبد الستار  عيسى، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للمملكة، «تاريخية بكل ما تحوي الكلمة من معنى، لأنها زيارة لرجل دين رفيع المستوى غير مسلم»، مشيرا إلى أن ذلك يدلّ على أن السعودية ماضية في انفتاحها وتعزيز الحوار مع الأديان كافة في العالم.
ولفت عيسى إلى أن هذه الزيارة «تأتي من شخص يعد ممثلاً لكنيسة مشرقية تعدّ مؤسسة للبنان الحديث، وللبنان الكبير بشكله العصري في الشرق الأوسط، كما أنها مؤشر على حجم العلاقات المتينة بين لبنان والسعودية»، مشدداً على أن الزيارة غير مرتبطة بالوضع السياسي الحالي والأحداث الأخيرة، «إنما كانت مبرمجة منذ وقت سابق».
وأكد أن الزيارة ستزيد تعميق العلاقات بين البلدين والشعبين.
إلى ذلك، قال فادي قاصوف، الأمين العام لمجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «تنتظر الجالية اللبنانية بالسعودية بشوق زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للرياض، فهي زيارة تاريخية بكل المقاييس».
وأضاف قاصوف أن للزيارة دلالات كبيرة؛ إذ إنها «أفضل نموذج لترسيخ العلاقات بين مختلف الشعوب والديانات والثقافات، ونعول عليها كثيراً في تعزيز العلاقات بين البلدين وشعبيهما، خصوصاً في هذا الوقت الحساس من تاريخ العلاقات السعودية - اللبنانية».
وتطرق إلى أن «للبلدين تاريخا طويلا من التعاضد والتعاون والمحبة، يتوجه البطريرك بهذه الزيارة». وتابع: «الجالية اللبنانية لم تشعر خلال ما يصل إلى 60 عاما بأن هناك اغترابا لبنانيا في المملكة أو تفرقة بالدين أو بالعرق، فالإنسان في كل المملكة مكرّم، وهذه الزيارة رفيعة المستوى ستجمع البلدين والشعبين أكثر فأكثر».
وأعرب قاصوف عن تفاؤله بوجود «بادرة أمل لحدوث شيء من المباحثات على هامش الزيارة لمعالجة الوضع السياسي الحساس على خلفية استقالة الحريري؛ إذ إننا مررنا بظروف مماثلة أكثر من مرة وعبرناها بكل اقتدار، وهذا ما نتأمله في هذه الزيارة، ولذلك ستعود العلاقات بين الرياض وبيروت إلى سابق عهدها بأفضل ما كانت عليه».
واستدرك أمين عام مجلس العمل والاستثمار اللبناني بالمملكة، بأن الزيارة «ليست لها علاقة بالوضع الراهن، وإنما استجابة لدعوة الانفتاح التي يدعو لها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، تنفيذا لشعاره الذي رفعه بالانفتاح على كل أديان العالم؛ بل في المجالات كافة»، مشيراً إلى أنه لا يستبعد أن تلعب الزيارة دورا كبيرا في تهدئة الأوضاع السعودية - اللبنانية.
وأوضح أن أجندة زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للسعودية، ستبدأ بلقاء مع الجالية اللبنانية، مساء اليوم بالسفارة اللبنانية في الرياض، بالتعاون مع مجلس العمل والاستثمار اللبناني بالمملكة، على أن يلتقي غداً خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، مع احتمال أن يكون له لقاء أيضا مع سعد الحريري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.