تتجه «هيئة تحرير الشام» لإقصاء حركة «نور الدين الزنكي» من الريف الشمالي لمحافظة حلب، بعد 6 أيام من المعارك، بدأتها الهيئة المتشددة، وأسفرت عن طرد الحركة من معقلها في بلدة «دارة عزة»، فيما لم تنفع الوساطات والمبادرات لحل الخلافات بتهدئة التوتر.
وتستغل «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على قرارها «جبهة النصرة»، فقدان «الزنكي» لحصانات إقليمية ودولية، خسرتها بعدما أعلنت ولاءها للهيئة قبل 9 أشهر، بينما تقود «النصرة» هجومها للسيطرة على منطقة حيوية واستراتيجية بالنسبة لكل الأطراف المؤثرة على المشهد السوري، بالنظر إلى أن المنطقة تقع في نقطة جغرافية محاذية لمنطقة سيطرة الأكراد في عفرين، وقريبة من منطقة دير سمعان التي تنتشر قربها القوات التركية بموجب اتفاق آستانة، ويتطلع النظام إلى المنطقة بوصفها منطقة حيوية لمناطق سيطرته في غرب مدينة حلب.
وقالت مصادر بارزة مواكبة للتطورات في الشمال السوري لـ«الشرق الأوسط»، إن «النصرة» تعمل على «إقصاء الفصائل من مناطق حيوية، كي يتسنى لها احتكار المفاوضات مع الأطراف الدولية التي تضمن بنود اتفاق آستانة، وذلك بالانتشار في الشمال السوري»، قائلة إن العملية «بدأت بإقصاء أحرار الشام، ثم انتقلت إلى نور الدين الزنكي التي ستنتهي المعركة معها خلال يومين على أبعد تقدير بعد السيطرة على معقلها في عين جارة، وهي قرية مؤسس الزنكي»، مشيرة إلى مخاوف من أن تنتقل النصرة لإقصاء «فيلق الشام» في مرحلة ثالثة. وأضافت: «السهولة التي تتمتع بها المعارك، تعود إلى الانشقاقات في صفوف الفصائل لصالح النصرة، علما بأن هؤلاء المنشقين هم متشددون».
وقالت المصادر إن «النصرة» تسعى لاحتكار المفاوضات «بعد أن نجحت بالتفاوض مع القوات التركية في وقت سابق مما سهل انتشار القوات التركية في الشمال إثر الدخول التركي»، مشيرة إلى أن الفصائل لا تتدخل لنصرة أحد الفصائل المعرضة للهجمات «بسبب نقص الدعم لدى الفصائل وعدم قدرتها على مواجهة النصرة».
ودخل اقتتال «هيئة تحرير الشام» و«الزنكي» من كبرى فصائل حلب يومه السادس على التوالي، وتحول إلى معارك في ريف حلب الغربي، وتصاعد بعد منتصف ليل السبت - الأحد، وتركز في بلدة تقاد ومحاور قريبة منها في الريف الغربي لحلب، نتيجة هجوم لهيئة تحرير الشام، تسبب في وقوع مزيد من الخسائر البشرية من مدنيين ومقاتلين. توزعت الهجمات على مناطق تقاد والأبزمو وخان العسل وأورم الكبرى وكفرناها وعويجل والسحارة والسعدية وعرب فطومة ودارة عزة وتديل والفوج 111 بالشيخ سليمان وجمعية الكهرباء بريف حلب الغربي.
وكانت حركة نور الدين الزنكي وجهت اتهامات لهيئة تحرير الشام، تتعلق بتحركاتها في هذا التوقيت وأهدافها، حيث اتهمتها بـ«تفكيك فصائل الجيش الحر، والاعتداء على الشعب وحريته، وبيع البنية التحتية للبلد، والمتاجرة بقضية الشعب السوري ومتاجرة قيادة هيئة تحرير الشام بعناصرها لمنافع سياسية خاصة». كما اتهمت حركة الزنكي الهيئة بـ«الكذب لأن المنشغل بمعارك حقيقية، لا يمكنه حشد عشرات الآليات والمدرعات ضد فصيل آخر، إذ يظهر بذلك ما تخطط له الهيئة منذ أشهر، عبر إشغال الرأي العام بالمعارك الهزلية المصطنعة في حماة، لتنسي الشعب وجنودها الفضائح التي لحقت بالجولاني وشرعييه». وحذرت الفصائل «من الانقياد وراء دعوات الجولاني وشرعييه، وأن مشروع تحرير الشام يكمن في استئصال الثورة السورية وتسليم المناطق المحررة إلى النظام كما فعل تنظيم داعش».
والحركة التي تعتبر دار عزة وعين جارة معقلها في ريف حلب الشمال الغربي، تضم مقاتلين ينحدر غالبيتهم من ريف حلب الغربي، الأمر الذي يكسبها قوة تجاه هجمات تحرير الشام، التي أكدت مصادر متقاطعة للمرصد السوري أنها استقدمت تعزيزات كبيرة تمركزت في منطقة الأتارب القريبة من مربع الاقتتال، وجاءت التعزيزات قادمة من محافظة إدلب التي تسيطر حركة أحرار الشام على معظمها.
ورغم التحذيرات من دعم الفصائل لـ«الهيئة» التي باتت أقوى الكيانات العسكرية المعارضة والمتشددة في الشمال السوري، بايع القائد العام لفصيل «أجناد الشام»، أبو إبراهيم الديري، أمس، «هيئة تحرير الشام»، مؤكداً أن القرار جاء بعد مشاورات واسعة.
وقال «الديري» لـ«شبكة الدرر الشامية»، إنه «رغم أن القرار كان متأخراً لكنه أتى في وقت الشدة والبلاء وسنكون عوناً لهم في الجهاد والرباط لتحقيق الغاية المنشودة لحماية أهلنا في المناطق المحررة والذود عنهم والثأر لشهدائهم».
وفي المقابل، اتهم «المجلس المحلي لمدينة دار عزة بريف حلب»، أمس الأحد، حركة «نور الدين الزنكي» بجرّ معركته مع «هيئة تحرير الشام» إلى داخل المدينة والتسبب في وقوع ضحايا وإصابات بين المدنيين. وقال المجلس في بيانٍ له إنه «يستنكر ويرفض أي عمل أو هجوم عسكري على المدينة أو أطرافها من قِبَل أي جهة عسكرية كانت وإن للمدينة حدودا وحيدة وهي الحدود مع الوحدات الكردية التي انتشر فيها الجيش التركي».
وفي ظل المعارك المحتدمة، ظهرت محاولات للحل، تمثلت في دعوة مجالس شرعية، لمبادرة فض الاقتتال الحاصل بين حركة نور الدين زنكي وهيئة تحرير الشام في ريف حلب، «استشعاراً لحجم الخطر الناجم عن أي اقتتال داخلي بين الفصائل في الوقت الذي يحشد فيه أعداء الثورة ضدهم».
ودعت المبادرة إلى وقف الاقتتال الحاصل بين الطرفين، وتحكيم الشرع بينهما، وتشكيل لجنة للتحكيم يرتضيها الطرفان. كما دعت جميع الفصائل للاتفاق على رؤية شاملة تقي المنطقة من أي اقتتال جديد؛ نظراً لتكرر حالات الاقتتال بين الفصائل وضرورة حسم الخلافات الحاصلة.
8:31 دقيقة
«تحرير الشام» تستأنف إقصاء المعتدلين استباقاً لتنفيذ بنود آستانة
https://aawsat.com/home/article/1081991/%C2%AB%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85%C2%BB-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%A3%D9%86%D9%81-%D8%A5%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%82%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%D8%A8%D9%86%D9%88%D8%AF-%D8%A2%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D8%A9
«تحرير الشام» تستأنف إقصاء المعتدلين استباقاً لتنفيذ بنود آستانة
القتال ضد «الزنكي» يدخل يومه السادس... ولا بوادر لحل الخلافات
- بيروت: نذير رضا
- بيروت: نذير رضا
«تحرير الشام» تستأنف إقصاء المعتدلين استباقاً لتنفيذ بنود آستانة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة