بناء الشخصية أساس تعليم المستقبل في الإمارات

التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة
التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة
TT

بناء الشخصية أساس تعليم المستقبل في الإمارات

التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة
التربية تبدأ بتطبيق المرحلة التجريبية لاختبار «بيزا» في 46 مدرسة

تشهد العملية التعليمية تحديات واسعة مع المعطيات والمتغيرات التي يمر بها العالم في الوقت الحالي، وهو ما يدفع لإعادة تفسيرها لتحديد ما ستضيفه المدرسة إلى أخلاقيات الطلبة الذين ينشأون في العائلة، وهل ستكون المؤسسة التعليمية بديلاً عن المؤسسة الاجتماعية؟!
في الإمارات ثمة مفهوم يُعمَل على تعزيزه، وهو أن تعزيز التكامل بين العائلة والمجتمع والمؤسسة التعليمية وسوق العمل أحد أهم محاور إعادة مفهوم التعليم بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، وهو ما تم نقاشه في منتدى «قدوة» الذي عُقِد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بمدينة أبوظبي الإماراتية.
وقال محمد النعيمي مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي: «كان أحد الأهداف الرئيسية لمنتدى (قدوة) اكتساب القيم الأخلاقية، وهو عملية متواصلة تحتاج في كل مرحلة إلى أدوات مختلفة عن سابقاتها؛ العائلة لها أدواتها، والمؤسسة التعليمية لها أدوات مختلفة، فالعائلة الإماراتية تتسم بالانسجام والترابط والتمسك بالقيم والأخلاق الاجتماعية، وهذا الأمر انعكس على طبيعة المجتمع الإماراتي الذي يُشهد له بأنه نموذج للتسامح والتعايش بين الثقافات المختلفة».
وأضاف النعيمي: «تتطور الأخلاق بتقدم الزمن، وعلى هذا التطور أن يستجيب للتحديات التي تفرضها كل مرحلة، وتتمثل تحديات هذه المرحلة بالقدرة على بناء شخصية عصرية منفتحة وملتزمة بهويتها في آن، وبالقدرة على تعزيز القيم الإنسانية في مواجهة نزعات الكراهية والتطرف. إن تحقيق الرفاهية الاقتصادية والأمن والاستقرار الاجتماعي على مستوى العالم، يحتاج إلى بناء جيل يفهم أبعاد انتماءاته، ويعتز بانتمائه لأسرته ووطنه ومن ثم انتمائه للمجتمع الإنساني».
يعيش ويعمل في الإمارات نحو 200 جنسية، أي أن هناك نحو 200 جنسية يتعلم أبناؤها وتنمو شخصياتهم في مدارسها على أيدي معلمين من مختلف دول العالم، وتعد الزيادة السنوية في عدد الطلبة من الأسرع في العالم قياساً بعدد السكان، إذ تضاعف عدد الطلبة 19 مرة منذ تأسيس دولة الإمارات وحتى عام 2011؛ ففي عام 2013 بلغ عدد طلبة المدارس الحكومية والخاصة نحو 910 آلاف، ليرتفع في عام 2016 إلى مليون و37 ألفاً.
ولمواكبة هذه الزيادة في أعداد الطلبة والتنوع الكبير في جنسياتهم وجذورهم الثقافية، تنتهج الإمارات استراتيجية وطنية بأبعاد دولية تلبي حالة التنوع الفكري والثقافي بين صفوف الطلبة.
من جانبه، يرى حسين الحمادي وزير التربية والتعليم أن التعليم في دولة الإمارات يتسم بأهمية خاصة، إذ يتصف بتنوع منابت الطلبة وتعدد ثقافاتهم وأصولهم، وتعمل تحت مظلته مدارس كثيرة بمناهج دراسية مختلفة، فضلاً عن معلمين يتم استقطابهم من مختلف دول العالم، مشيراً إلى أنه رغم هذا التعدد، فإن المنظومة المجتمعية في الدولة تتسم بالتجانس والوفاق والتسامح، وذلك بفضل رؤية قيادة الإمارات وما ينبثق عنها من مبادرات وطنية تكرس لمفاهيم التعايش والمحبة والسلام وتقبل الآخر.
ويشير الحمادي إلى أن وزارة التربية تحرص على توظيف المنظومة التعليمية لتحقيق توجهات وتطلعات الدولة، وإرساء المضامين الأخلاقية وتوثيق صلة المجتمع المدرسي ببعضه، كون ذلك يرقى في المحصلة النهائية بالمخرج التعليمي، وهو الطالب الذي يتصف بانتمائه لوطنه، المعتز بهويته، الواثق بنفسه، المسؤول والقادر على التواصل مع الآخرين، ويمتلك مهارات العصر ويتسم بالإبداع والابتكار.
ويضيف وزير التربية والتعليم: «التربية الأخلاقية تتسم بمكانة خاصة، لا سيما لدى الجيل الجديد، فهو لا يتأثر بالإملاءات أو بالمناهج الجامدة بقدر تأثره بالقدوة الحسنة سواء في المجتمع أو المدرسة، كون هذا الجيل دائم البحث عن مثال يجسد القيم التي يحتاج إليها»، وأضاف: «نعمل على تعزيز قطاع التعليم بمدرسين مؤهلين وقادرين على التأثير إيجاباً في الطلبة من خلال ممارساتهم الشخصية وأفكارهم وسلوكهم وقدرتهم على عكس صورة إنسانية قوامها الأخلاق الحميدة التي تتجاوز الاختلافات الثقافية والمذهبية لتركيبة الطلبة في منظومة التعليم الإماراتي».
من جانبه، يقول الدكتور علي النعيمي رئيس دائرة التعليم والمعرفة وعضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي: «لا نحتاج إلى استعراض الدراسات التي أثبتت مدى تأثير الأخلاق في الواقع الاقتصادي والاجتماعي لكل دولة، فالدراسات كثيرة، والحقائق واضحة»، ويؤكد النعيمي على أن هناك علاقة شرطية بين الأخلاق والإنتاجية الفردية والجودة والشفافية ليس في القطاع الاقتصادي وحسب، بل في جميع قطاعات البلاد.
ويتابع النعيمي: «الأخلاق منظومة كاملة تشمل كل تفصيل في حياتنا اليومية، ويتوقف النجاح والتميز فيها على كفاءة هذه المنظومة وقدرتها على التأثير في مجمل ممارساتنا. إن الأخلاق محفِّز ومسرّع أساسي للنمو والتطور، وهي الدافع الرئيسي للتضحية بالوقت وتكثيف الجهد الشخصي في صالح الجميع. لا يمكن للأفراد أن يبدعوا ويتجاوزا حدود طاقاتهم إلا من خلال تنمية ورعاية أخلاقيات المهنة التي تترجم معاني الانتماء للوطن والإيثارية وحب الآخر والتضحية في سبيل الأهداف الكبرى، وهذه مسؤولية كل معلم ومعلمة في مؤسستنا التعليمية، وهدف جهودنا الرامية إلى تطوير قطاع التعليم في الدولة».
وزاد: «مع أن السمة الأساسية لهذا العصر هي الانفتاح وتلاشي الحدود بين الثقافات وسهولة التواصل بين الأعراق المختلفة، فإننا نشهد تنامياً في نزعات التفكيك والكراهية للآخر والانغلاق على الذات. كيف نستطيع تجاوز هذا التناقض بين الغايات من التطور التقني وما نشهده على الأرض من آثار سلبية؟ وكيف لنا أن نتعامل مع تأثير عولمة التواصل على خصوصية الثقافة والهوية في كل مجتمع؟!».
وبالعودة إلى محمد النعيمي مدير مكتب شؤون التعليم في ديوان ولي عهد أبوظبي، قال: «أحدثت ثورة التواصل والاتصال وتقنياتها الحديثة تغييراً جذرياً في منظومة القيم والأخلاق والمفاهيم الفردية والاجتماعية، ولكن هذا التغيير يجب أن يكون إيجابياً لأن الجيل الجديد يحتاج إلى المساعدة في تطوير وعي نقدي قادر على فلترة ما يتدفق من معلومات وثقافات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إن الحداثة سلاح ذو حدين، والحداثة بلا أخلاق تؤدي إلى تفكك المؤسسة الاجتماعية وتعزيز الفردية والاستهلاك وتعويم الانتماء وذوبان القيم الأصيلة».
وأكد النعيمي أن الهدف من إدراج مادة التربية الأخلاقية في المدارس تحصين القيم الإنسانية الأصيلة التي تشكل أساس شخصية الفرد، فمن دون هذه القيم التي يجب أن تجمع بين الفرد والمجتمع في إطار من التعاون وتبادل المصالح واحترام الآخر، لن تتمكن الهوية الخاصة من مقاومة التدفق الهائل للأفكار المختلطة وغير المنظمة. على التربية الأخلاقية أن تكون دائماً مقياس صلاحية كل جديد؛ ما ينفع وما لا ينفع.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح
TT

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

اللهجات المختلفة تشير أحياناً إلى منشأ المتحدث بها، أو درجة تعليمه، أو وسطه الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، تقف اللهجات عائقاً أمام التعلم والفهم، كما أنها في بعض الأحيان تقف عقبة أمام التقدم المهني ونظرة المجتمع للمتحدث. ولهذا يتطلع كثيرون إلى التخلص من لهجتهم، واستبدالها بلغة «راقية» أو محايدة تمنحهم فرصاً عملية للترقي، وتحول دون التفرقة ضدهم بناء على لهجة متوارثة لا ذنب لهم فيها.
هذه الفوارق بين اللهجات موجودة في كل اللغات، ومنها اللغة العربية التي يحاول فيها أهل القرى اكتساب لهجات أهل المدن، ويتحدث فيها المثقفون إعلامياً بلغة فصحى حديثة هي الآن اللغة السائدة في إعلام الدول العربية. ولكن من أجل معالجة وسائل التعامل مع اللهجات واللكنات، سوف يكون القياس على اللغة الإنجليزية التي تعد الآن اللغة العالمية في التعامل.
هناك بالطبع كثير من اللهجات الإنجليزية التي تستخدم في أميركا وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى، ولكن معاناة البعض تأتي من اللهجات الفرعية داخل كل دولة على حدة. وفي بريطانيا، ينظر البعض إلى لهجة أهل شرق لندن، التي تسمى «كوكني»، على أنها لهجة شعبية يستخدمها غير المتعلمين، وتشير إلى طبقة عاملة فقيرة. وعلى النقيض، هناك لهجات راقية تستخدم فيها «لغة الملكة»، وتشير إلى الطبقات العليا الثرية، وهذه أيضاً لها سلبياتها في التعامل مع الجماهير، حيث ينظر إليها البعض على أنها لغة متعالية، ولا تعبر عن نبض الشارع. وفي كلا الحالتين، يلجأ أصحاب هذه اللهجات إلى معالجة الموقف عن طريق إعادة تعلم النطق الصحيح، وتخفيف حدة اللهجة الدارجة لديهم.
الأجانب أيضاً يعانون من اللكنة غير المحلية التي تعلموا بها اللغة الإنجليزية، ويمكن التعرف فوراً على اللكنات الهندية والأفريقية والعربية عند نطق اللغة الإنجليزية. ويحتاج الأجانب إلى جهد أكبر من أجل التخلص من اللكنة الأجنبية، والاقتراب أكثر من النطق المحايد للغة، كما يسمعونها من أهلها.
وفي كل هذه الحالات، يكون الحل هو اللجوء إلى المعاهد الخاصة أو خبراء اللغة لتلقي دروس خاصة في تحسين النطق، وهو أسلوب تعلم يطلق عليه (Elocution) «إلوكيوشن»، وله أستاذته المتخصصون. ويمكن تلقي الدروس في مجموعات ضمن دورات تستمر من يوم واحد في حصة تستمر عدة ساعات إلى دورات تجري على 3 أشهر على نحو أسبوعي. كما يوفر بعض الأساتذة دورات شخصية مفصلة وفق حاجات الطالب أو الطالبة، تعالج الجوانب التي يريد الطالب تحسينها.
ومن نماذج الأساتذة الخصوصيين ماثيو بيكوك، الذي يقوم بتدريب نحو 20 طالباً أسبوعياً في لندن على تحسين نطقهم، حيث يتعامل مع حالة طبيب في مستشفى لندني يعاني من لهجته الكوكني، ويريد التخلص منها حتى يكتسب مصداقية أكبر في عمله كطبيب. ويقول الطبيب إنه يكره الفرضيات حول لهجته من المرضى والمجتمع الذي يتعامل معه.
ويقول بيكوك إن الطلب على دروس تحسين اللهجات في ارتفاع دائم في السنوات الأخيرة. كما زاد الطلب على الدروس بنسبة الربع في بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. وكان معظم الطلب من الأوروبيين المقيمين في بريطانيا الذين يريدون التخلص من لكنتهم الأوروبية حتى يمكنهم الاختلاط بسهولة في بريطانيا، وتجنب التفرقة ضدهم من الشعب البريطاني.
ويقدم أحد فروع الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية في لندن دروساً شخصية في الإلقاء وتحسين اللهجة. ويقول كيفن تشابمان، مدير فرع الأعمال في الأكاديمية، إن الإقبال في العام الأخير على هذه الدروس زاد من 3 إلى 4 أضعاف. ويتلقى الطلبة دروساً فردية للتخلص من لهجات قروية، ولكن مع تقدم الدروس، يكتشف المدرس أن الطالب يحتاج أيضاً إلى معالجة أمور أخرى غير اللهجة، مثل الاضطراب والضغوط النفسية عند الحديث مع الإعلام وكيفية الإلقاء الصحيح.
وتجرى بعض هذه الدروس عن بعد، عن طريق برامج فيديو مثل «سكايب» يمكن للطالب أن يستمع إلى إلقائه عبر الفيديو من أجل تحسين لهجته. وترتبط دروس تحسين اللهجات في معظم الأحوال بتحسين أساليب التواصل والإلقاء عبر الوسائل الإلكترونية، وهي مقدرة يحتاجها أصحاب الأعمال في توصيل أفكارهم بوضوح وبساطة إلى زبائن الشركة والموردين الذين يتعاملون معهم، خصوصاً أن التعامل في عالم الأعمال الحديث يكون في مناخ دولي من جميع أنحاء العالم.
وبخلاف أصحاب الأعمال، يقبل على دروس تحسين اللهجة والحديث العام شرائح مجتمعية أخرى، مثل المدرسين والمحامين. وتقول فيليستي غودمان، مدربة الصوت التي تعمل في مدينة مانشستر، إنها فوجئت بأن بعض طلبتها اعترفوا بأنهم فشلوا في مقابلات عمل بسبب اللهجة، وهي تعتقد أن أصحاب الأعمال قد يقصدون القدرة اللغوية أو كيفية النطق، بدلاً من اللهجة، عند رفض المتقدمين لوظائف معينة.
ومن شركة متخصصة في تدريب الموظفين الذين يعملون في مجال السلع والخدمات الفاخرة، اسمها «لندن لكشري أكاديمي»، يقول مديرها العام بول راسيل، المتخصص في علم النفس، إن التفرقة ضد بعض اللهجات موجودة فعلاً. وهو يقوم بتدريب موظفي الشركات على التعامل بلهجات واضحة مع كبار الزبائن الأجانب. ويقول إن العامة تحكم على الأشخاص من لهجتهم رغماً عنهم، خصوصاً في بعض المجالات، حيث لا يمكن أن ينجح أي شخص بلهجة قوية في التواصل مع المجتمع المخملي في أي مكان.
ولمن يريد تحسين لهجته أو لغته بوجه عام، مع جوانب كيفية لفظ الكلمات والإلقاء العام، عليه بدورات تدريبية متخصصة، أو بدروس خصوصية من مدرب خاص. وتتراوح التكاليف بين 30 و40 جنيهاً إسترلينياً (40 و52 دولاراً) في الساعة الواحدة. ويحتاج الطالب في المتوسط إلى دورة من 10 دروس.
ولا يلجأ مدرسي النطق الصحيح للغات إلى الإعلان عن أنفسهم لأنهم يكتفون بمواقع على الإنترنت والسمعة بين طلبتهم من أجل الحصول على ما يكفيهم من دفعات الطلبة الجدد الراغبين في التعلم. ويقول روبن وودريدج، من مدرسة برمنغهام، إن تكاليف التعلم اللغوي الصحيح تعادل تكاليف تعلم الموسيقى، وهو يقوم بتعليم ما بين 40 و50 طالباً شهرياً.
ويضيف وودريدج أن سبب الإقبال على دروسه من رجال الأعمال والأكاديميين هو رغبتهم في تجنب الافتراضات المرتبطة بلهجتهم. فعلى رغم جهود التجانس والتعايش الاجتماعي، فإن التفرقة ضد اللهجات ما زالت منتشرة على نطاق واسع في مجتمع مثل المجتمع البريطاني.
وعلى الرغم من أن أكاديمية لندن للموسيقى والفنون الدرامية تقول في شروط اختباراتها إن اللهجات الإقليمية مقبولة، فإن وودريدج يؤكد أن معظم طلبة مدرسة برمنغهام للنطق الصحيح يأتون من مدارس خاصة، ولا يريد ذووهم أن تكون لهجة برمنغهام ذات تأثير سلبي على مستقبلهم.
ويقول أساتذة تعليم النطق اللغوي إن الفرد يحتاج إلى كثير من الشجاعة من أجل الاعتراف بأن لهجته تقف عقبة في سبيل نجاحه، ولذلك يلجأ إلى تغيير هذه اللهجة. ويشير بعض الأساتذة إلى حساسية التعامل مع مسألة اللهجات، والحاجة إلى الخبرة في التعامل مع كيفية تغييرها، ويعتقد أنه في بريطانيا، على الأقل، ما بقيت التفرقة ضد اللهجات، واستمر النظام الطبقي في البلاد، فإن الإقبال على خدمات تحسين اللهجات سوف يستمر في الزيادة لسنوات طويلة.
- كيف تتخلص من لكنتك الأجنبية في لندن؟
> هناك كثير من المعاهد والجامعات والكليات والمدارس الخاصة، بالإضافة إلى المعلمين الذين يمكن اللجوء إليهم في دورات تدريبية، في لندن لتحسين النطق باللغة الإنجليزية، أو التخلص من اللكنة الأجنبية. والنموذج التالي هو لمدرسة خاصة في لندن، اسمها «لندن سبيتش وركشوب»، تقدم دورات خاصة في تعليم النطق الصحيح، وتساعد الطلبة على التخلص من اللكنة الأجنبية في الحديث.
وتقول نشرة المدرسة إنه من المهم الشعور بالثقة عند الحديث، وإن الدورة التدريبية سوف تساهم في وضوح الكلمات، وتخفف من اللكنات، وتلغي الحديث المبهم. وترى المدرسة أن هناك كثيراً من العوامل، بالإضافة إلى اللهجة أو اللكنة الأجنبية، تمنع وضوح الحديث باللغة الإنجليزية، وهي تعالج كل الجوانب ولا تكتفي بجانب واحد.
وتقدم المدرسة فرصة الاستفادة من درس نموذجي واحد أولاً، قبل أن يلتزم الطالب بالدورة التدريبية التي تمتد إلى 10 حصص على 3 أشهر. كما يمكن للطالب اختيار حل وسط بدورة سريعة تمتد لـ5 حصص فقط. وتصل تكلفة الدورة المكونة من 10 حصص إلى 1295 جنيهاً (1685 دولاراً)، ويحصل الطالب بالإضافة إلى الحصص على دليل مكتوب في مائة صفحة للتدريب اللغوي، وخطة عمل مخصصة له، بالإضافة إلى واجبات دراسية أسبوعية. وللمدرسة فرعان في لندن: أحدهما في حي مايفير، والآخر في جي السيتي، شرق لندن بالقرب من بنك إنجلترا.