حشد ضخم لجماهير «فتح» في غزة في الذكرى الـ13 لرحيل عرفات

حلس: الذين تآمروا على أبو عمار يتآمرون على عباس اليوم

مؤيدون لحركة فتح أثناء مشاركتهم في إحياء ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أ.ف.ب)
مؤيدون لحركة فتح أثناء مشاركتهم في إحياء ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أ.ف.ب)
TT

حشد ضخم لجماهير «فتح» في غزة في الذكرى الـ13 لرحيل عرفات

مؤيدون لحركة فتح أثناء مشاركتهم في إحياء ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أ.ف.ب)
مؤيدون لحركة فتح أثناء مشاركتهم في إحياء ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أ.ف.ب)

أحيت حركة فتح في قطاع غزة الذكرى الـ13 لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بمهرجان جماهيري كبير ولافت، حضره مئات الآلاف في ساحة السرايا وسط مدينة غزة، وعدته الحركة استفتاءً على جماهيريتها وحضورها الكبير في غزة بعد 10 سنوات من سيطرة حماس.
وقال أحمد حلس عضو اللجنة المركزية للحركة وقائدها في القطاع، إن الذين حاصروا عرفات يحاولون اليوم حصار محمود عباس.
وأضاف في كلمة أشاد فيها بمناقب الرئيس الراحل ووقوفه في وجه الحصار الإسرائيلي لمقره ومحاولات التآمر عليه آنذاك ورفضه أي تسوية تفضي لتصفية القضية الفلسطينية: «ياسر عرفات... اليوم هو الأكثر حضوراً، يقول لكل الذين ظنوا أنهم باغتياله وبتغييبه ممكن أن يحققوا مآربهم، وشعبنا يقول: إن ياسر عرفات عمره أطول من عمر قاتله وهو الحاضر ومن تآمروا عليه هم الغائبون».
وأضاف: «ياسر عرفات الذي حاصره الاحتلال وتآمر عليه المتآمرون، حاصره الاحتلال بدباباته وحاول تصفيته مراراً واستعان بالساقطين والمنحرفين، ما أشبه اليوم بالبارحة من حاصروا ياسر عرفات ومن تآمروا عليه، اليوم يعيدون المسلسل نفسه وهم يتآمرون ويحاصرون أبو مازن خليفة ياسر عرفات. ولكن نقول مثلما فشلوا مع أبو عمار سيفشلون مع أبو مازن، لأننا شعب يدرك ما يريد ولا يمكن أن تنحرف وجهته إلا باتجاه القضايا الوطنية والقومية».
وتابع: «أبو عمار لم يكن قائداً للشعب الفلسطيني فقط، بل كان عنواناً قومياً وأممياً، وله دور وإسهام في كل حركات التحرر الوطني في كل أنحاء العالم. العالم عرف شعبنا وقضيتنا من خلال ياسر عرفات ومن خلال كوفيته التي كانت ترمز إلى فلسطين، ياسر عرفات لم يكن عنواناً لفتح، وإنما كان عنواناً لشعبه ولمن اتفق واختلف معه».
وأكد حلس أن الرئيس الراحل وضع أسساً للحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل ورفع شعار عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو الشعار الذي ما زال قائماً، ويشكل عنوان تعاوننا وعلاقتنا مع جميع القوى والدول، كما قال.
واستغل حلس المهرجان الضخم ليؤكد أن حركة فتح لن تتراجع إلى الوراء في ملف المصالحة، وأنها ستمضي بها وتتجاوز أي خلافات وعقبات قد تطرأ، مشدداً على أن الحركة لن تعود إلى مربع الانقسام وستحرص على إنجاز المصالحة.
وهذا هو أول مهرجان تقيمه حركة فتح في ظل أجواء المصالحة الفلسطينية بين الحركة وحماس.
وزحف فلسطينيون من مناطق بعيدة للمشاركة في المهرجان، ورفعوا أعلام فلسطين وحركة فتح، إلى جانب صور الرئيسين الراحل عرفات والحالي محمود عباس، وزينوا منصة المهرجان بصورة للرئيسين تحت اسم مهرجان «الوحدة والدولة».
وحضر ممثلون وقيادات لكل الفصائل، لكن لوحظ الحضور الباهت لحركة حماس التي مثلها قيادات من الصفين الثاني والثالث بالحركة، منهم غازي حمد وفوزي برهوم وجمال أبو هاشم، على عكس الحضور القوي للحركة عبر قيادات من الصف الأول بينهم أعضاء من المكتب السياسي ونواب تابعون لها في حفل نظمه تيار القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان يوم الخميس الماضي لإحياء ذكرى عرفات، وكذلك لجبر الضرر عن 100 عائلة ضحية من قتلى الاقتتال الداخلي عام 2007 بين الحركتين.
وفيما أمن عناصر حركة فتح المهرجان من الداخل، قام عناصر من الأمن التابعين لحكومة حماس بعملية تأمين المهرجان من الخارج وتسهيل وصول المحتشدين له.
وأدت الجماهير المتدافعة إلى حدوث مشادات. ووجه عدد كبير من الصحافيين اتهامات للأمن الفتحاوي بالاعتداءات عليهم وهو ما نفته حركة فتح، وقالت إنها تجاوزات بسيطة بسبب العدد الكبير للجماهير. في حين أظهرت مقاطع فيديو وصور نشرها الصحافيون الاعتداءات عليهم بشكل واضح من قبل أمن المهرجان.
ومن أبرز ما ميز المهرجان الفقرات الغنائية الوطنية التي صاحبتها «الدبكة الشعبية» على المنصة من قبل فرق مختصة، إلى جانب الحضور الكبير للنساء والأطفال، وقيام عدد من الشبان بأداء وصلات دبكة شعبية وسط الجمهور خلال تلك الأغاني الوطنية.
وقدر القائمون على الحفل الحضور بنحو مليون و200 ألف نسمة، مشيرين إلى أنه الحضور الأكبر لمهرجانات حركة فتح منذ سنوات طويلة. في حين قدرت مصادر صحافية بأنه أقل من ذلك بكثير.
وتعمد الفصائل الفلسطينية خصوصاً حركتي فتح وحماس على المباهاة خلال مهرجاناتها بالأعداد الكبيرة التي تحضر تلك المهرجانات، في إشارة إلى شعبيتها.
وألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة تحدث فيها عن ذكرى الرئيس الراحل عرفات ودوره في الوحدة الوطنية وتمسكه بها حتى استشهاده وعن مواقفه الثورية، متعهداً للجماهير الفلسطينية المحتشدة بالمهرجان بالسير على درب أبو عمار الذي وصفه في أكثر من مرة بـ«أخيه»، وأن يبقى نهجه نبراساً يضيء الاستقلال للدولة الفلسطينية مستقبلاً.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.