«كتلة المستقبل» ترفض المزايدة على السعودية وتدين تدخلات إيران

الفرنسيون أكدوا أن الوضع الأمني في لبنان يمنع عودة الحريري ... وجعجع يرفض دموع «8 آذار» على عودته

صورة لسعد الحريري في بيروت (أ.ب)
صورة لسعد الحريري في بيروت (أ.ب)
TT

«كتلة المستقبل» ترفض المزايدة على السعودية وتدين تدخلات إيران

صورة لسعد الحريري في بيروت (أ.ب)
صورة لسعد الحريري في بيروت (أ.ب)

أدانت كتلة المستقبل النيابية برئاسة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة أي حملات تستهدف السعودية وقيادتها، وجدّدت وقوفها خلف قيادة الحريري، رافضة «تدخلات إيران» وأتباعها وتأجيج الفتن في المنطقة العربية.
وقال بيان صادر عن كتلة المستقبل النيابية مساء أمس السبت: «تدين كتلة المستقبل النيابية أي حملات تستهدف المملكة العربية السعودية وقيادتها، وتعتبر هذه الحملات جزءا من مخطط لتخريب الاستقرار الوطني، وهي تشدد في هذا الشأن على العلاقات الأخوية مع المملكة، وترفض المزايدة عليها وعلى الرئيس الحريري بمحبتها والوفاء لدورها التاريخي في دعم لبنان».
وأضاف البيان: «تجدد الكتلة وقوفها وراء قيادة الرئيس سعد الحريري، وهي تنتظر بفارغ الصبر عودته إلى لبنان، لتحمل مسؤولياته الوطنية في قيادة المرحلة وحماية الوطن من المخاطر الداهمة». وتابع أن «الكتلة تؤكد من جديد، رفضها القاطع للتدخل الإيراني في شؤون البلدان العربية الشقيقة، وتعتبره عاملاً من عوامل تأجيج الفتن والصراعات والحروب في منطقتنا، وتدين الاعتداءات التي تستهدف السعودية من قبل أدوات إيران في اليمن وغيرها، وتدعو إلى كبح هذه الاعتداءات والتدخلات، وتطالب بموقف عربي جامع، من السياسات الإيرانية يُحمّل إيران تبعات ومخاطر ما تقوم به».
في الأثناء، توجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «إلى كل الذين يذرفون الدموع على غياب الرئيس سعد الحريري من فريق 8 آذار»، قائلاً: «لو كنتم فعلاً تريدون عودته إلى لبنان لتطلب الأمر قراراً واحداً لا غير، وهو الانسحاب من أزمات المنطقة».
ولم ينجح الحراك الفرنسي المستمر منذ أيام بإحداث خرق في جدار الأزمة اللبنانية التي بدت في الساعات الماضية كأنّها تزداد تعقيداً مع إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صراحة رفضه التعامل مع استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري.
وكان عون تلقى اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تشاور خلاله «الرئيسان في الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة المتصلة بإعلان الحريري من الخارج استقالة حكومته»، كما أفاد بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية. وشدد ماكرون على «التزام فرنسا دعم لبنان ووحدته وسيادته واستقلاله والمساعدة في تثبيت الاستقرار السياسي والأمني في البلاد»، فيما أفاد بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية بأن الرئيسين اتفقا على استمرار التشاور فيما بينهما لمتابعة التطورات.
وقالت مصادر لبنانية مطلعة على الاتصالات الحالية لحل الأزمة إن الحراك الفرنسي المستمر منذ أيام «فشل حتى الساعة في تحقيق أي خرق يُذكر»، لافتة إلى أن المسؤولين الفرنسيين أبلغوا نظراءهم اللبنانيين أن ما يمنع عودة الحريري إلى لبنان هو «الوضع الأمني الحساس». وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنّه في المقابل «يصر عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على التعاطي مع الحكومة كغير مستقيلة من منطلق أنّه طالما رئيسها لم يقدم استقالة خطية فاستقالته لا يمكن أن تُعتبر حاصلة». وأضافت: «وبالتالي لا يمكن الحديث عن الانتقال إلى خطوات دستورية أخرى كالدعوة لاستشارات نيابية أو غيرها من الإجراءات».
وظللت استقالة الحريري كل اللقاءات التي عقدها عون أمس، علماً أنّه كان قد أنهى المشاورات التي بدأها مطلع الأسبوع لمواكبة التطورات.
واطّلع عون من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، على نتائج الاتصالات التي أجراها في عمان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفي باريس مع عدد من المسؤولين الفرنسيين. وأكد إبراهيم بعد اللقاء أنه وضع الرئيس في جو الجولة التي قام بها، واصفاً الأجواء بـ«الإيجابية».
وأظهرت المواقف التي أطلقها مسؤولون لبنانيون أمس، انقساماً في وجهات النظر حول كيفية وجوب التعامل مع الأزمة. ففيما توجه جعجع «إلى كل الذين يذرفون الدموع على غياب الرئيس سعد الحريري من فريق 8 آذار»، قائلاً: «لو كنتم فعلاً تريدون عودته إلى لبنان لتطلب الأمر قراراً واحداً لا غير، وهو الانسحاب من أزمات المنطقة»، أكد وزير الخارجية جبران باسيل أن «الوضع في لبنان أكثر من متماسك»، لافتاً إلى أنّه «ممسوك بفضل إرادة اللبنانيين وتمسكهم ورغبة بعضهم ببعض، وليس بفضل أي قوى خارجية، وهذا ما يجعله مستتباً إلى حد كبير من الحفاظ على الأمن والاستقرار».
من جهته، أكد وزير الدفاع يعقوب الصراف أن «الأزمة الحالية في لبنان هي أزمة عابرة، أما وحدة لبنان فهي دائمة ومترسخة ومتجذرة».
وواصل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مشاوراته في دار الفتوى، فالتقى أمس رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر موفداً من البطريرك الماروني بشارة الراعي، كما بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا اليازجي، إضافة لوفد من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وحركة فتح برئاسة فتحي أبو العردات، وكتلة نواب زحلة كما محافظ بيروت زياد شبيب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.