«العدالة والتنمية» المغربي يقرر تجاوز تداعيات تشكيل الحكومة

ناشد أعضاءه تصريف خلافاتهم داخل مؤسسات الحزب

جلسة للبرلمان المغربي لمناقشة برنامج الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي (غيتي)
جلسة للبرلمان المغربي لمناقشة برنامج الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي (غيتي)
TT

«العدالة والتنمية» المغربي يقرر تجاوز تداعيات تشكيل الحكومة

جلسة للبرلمان المغربي لمناقشة برنامج الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي (غيتي)
جلسة للبرلمان المغربي لمناقشة برنامج الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي (غيتي)

قرر حزب العدالة والتنمية المغربي تجاوز تداعيات تشكيل الحكومة الحالية، التي جاءت عقب إعفاء عبد الإله ابن كيران من رئاستها، وتعيين سعد الدين العثماني خلفا له.
وقالت الأمانة العامة للحزب، إن قرار مشاركة الحزب في الحكومة «بغض النظر عن تقييم بعض جزئياته وتفاصيله هو في المحصلة قرار جماعي، ومسؤولية مشتركة، وأصبح قضية تقع خلف ظهورنا». وجددت قيادة الحزب دعمها لحكومة العثماني، «للاطلاع بالتزاماتها تجاه المواطنين».
وكان قرار إعفاء ابن كيران من رئاسة الحكومة، بعد نحو ستة أشهر من تعثره في تشكيلها قد أحدث رجة داخل الحزب، وانقساما حادا داخله ما زال يعاني من تبعاته بعد أن انقسم الحزب إلى تيارين: الأول موال لابن كيران ويؤيد استمراره على رأس الحزب لولاية ثالثة، والثاني مناهض لهذا التوجه، وهو الأمر الذي سيحسمه المؤتمر العام للحزب، المقرر مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، علما بأنه جرى إقرار تعديل على النظام الداخلي للحزب عن طريق التصويت بالأغلبية يسمح بثلاث ولايات بدل اثنتين.
وسعيا لوضع حد للخلافات، التي نشبت بين قياديي الحزب أعلنت الأمانة العامة في بيان عقب اجتماعها مساء أول من أمس، الذي غاب عنه ابن كيران، أنها تعتزم تنظيم «حوار هادئ، ونقاش معمق حول القضايا السياسية والتنظيمية المرفوعة إليها من قبل اللجنة التحضيرية للمؤتمر، مع حفظ الحق في التعبير عن مختلف وجهات النظر فيها في نطاق الاحترام المتبادل والالتزام بالضوابط»، مشددة على أن «الاختلاف في وجهات النظر ظاهرة حيوية وصحية، ودليل نضج وتنوع إيجابي، شرط ألا يتخذ ذريعة للطعن في الأشخاص ونياتهم أو التشكيك في نزاهتهم».
كما دعت الأمانة العامة أعضاء الحزب إلى تصريف خلافاتهم داخل فضاءات الحزب ومؤسساته، لأنها هي «المناسبة للحوار بين وجهات النظر المختلفة في التزامٍ بالمقتضيات القانونية والأخلاقية المنظمة لعمل الحزب، والمتمثلة في تحري الصدق والإنصاف، وحفظ أمانة المجالس والتداول داخل الهيئات، والتعبير المسؤول عن الآراء داخلها وخارجها»، وذلك ردا على اتخاذ عدد من قياديي الحزب مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لـ«تصفية الحسابات»، بعد أن سار في هذا الاتجاه أيضا مصطفى الرميد، القيادي البارز وزير الدولة لحقوق الإنسان ووزير العدل السابق، الذي أقدم على توجيه انتقادات شديدة لعبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب عبر تدوينة قبل أسابيع اعتبرت خطوة مثيرة وغير مسبوقة، وذلك بعدما نسب ابن كيران تصدر الحزب نتائج الانتخابات التشريعية عام 2011 لنفسه، مستصغرا مساهمة القياديين الآخرين وبينهم الرميد، الذي يعد من أبرز معارضي منح ولاية ثالثة لابن كيران.
وانضم أخيرا إلى تيار الرافضين أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للحزب، إذ قال في تصريحات، إنه «ضد التثليث والولايات غير المحدودة، حيث لا يجب أن نرهن مستقبل الأحزاب بالأشخاص، فإما أن يكون بفلان أو لا يكون»، في إشارة إلى ابن كيران.
في سياق متصل، كشف محمد يتيم، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية، أن اللجنة التي يرأسها تتجه نحو الإبقاء على الأطروحة السياسية الحالية للحزب، التي أقرها المؤتمر السابع.
وأعلن يتيم أن اللجنة التي يرأسها تستعد لرفع توصية إلى أجهزة الحزب تقضي بفتح حوار مؤسساتي بعد المؤتمر من أجل تقييم شامل للمرحلة، بما في ذلك مرحلة تشكيل الحكومة. وكان الحزب قد قرر في 2012 عقب موجة الربيع العربي والتعديلات الدستورية، التي شهدها المغرب الانتقال مما سماه «أطروحة النضال الديمقراطي إلى أطروحة البناء الديمقراطي»، متشبتا بمنهجه القائم «على المشاركة السياسية الفاعلة والإصلاح من خلال المؤسسات». كما يؤكد في أطروحته أن «القطع النهائي مع التحكم نهجا للحكم والريع نهجا في الاقتصاد هو الضمانة لاستدامة الاستقرار وتعزيزه بصفة نهائية لا رجعة فيها».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.