حرب القبائل السيناوية على الإرهاب... لم ينجح أحد

في شهر مايو (أيار) 2015، أصدر ما يسمى «اتحاد قبائل سيناء»، بياناً أكد فيه مساندته للقوات المسلحة، في حربها على الجماعات الإرهابية في شمال سيناء، وهو أمر استقبله المصريون بتفاؤل حذر، بعدما رأوا فيه فرصه للتخلص من العناصر الإرهابية، باعتبار أن القبائل أدرى بشعاب سيناء، لكن البيانات والمؤتمرات، لم تؤتِ ثمارها المنشودة حتى الآن، وفقاً لرؤية خبراء الأمن والمتابعين.
في غضون ذلك جددت قبيلة «الترابين» في شهر مايو عام 2017. عهدها بمحاربة «داعش»، وقال الشيخ إبراهيم العرجاني، أحد مشايخ القبيلة، خلال لقاء صحافي «إن الأمور مشتعلة منذ فترة بين قبيلتهم من جهة، والإرهابيين في سيناء من جهة أخرى، بعدما اعتدوا على بعض أبناء (الترابين)».
وتابع: «لدينا مشكلة، وهي أن أكثر من 80% من الإرهابيين من خارج محافظة شمال سيناء، ولا نفرّق بين أبناء سيناء وغيرهم إذا كانوا تكفيريين أم لا».
وأوضح أن «عدد قتلى القبائل من المدنيين وصل إلى 50 قتيلاً ومصاباً، خلال 21 يوماً فقط». وقدّر العرجاني «عدد الإرهابيين في شمال سيناء حاليا بـ800 فرد»، مشيراً إلى «أن تمويلهم يأتي من الخارج، لأن قبيلته ضبطت معهم عملات أميركية وأجنبية أخرى». وأضاف: «أي شخص ينتمي إلى الإرهابيين نتعامل معه بكل شدة، حتى لو كان من أبناء القبيلة»، موضحاً أن «قبيلته ضبطت أجهزة لا سلكي، وسيارات مع الإرهابيين، الذين قتلت منهم (الترابين) أكثر من 30 إرهابياً، وأصابت أكثر من 40 آخرين، ودمرت عدداً من معداتهم وأسلحتهم».
ورغم استحسان قطاع كبير من المواطنين مواجهة القبائل السيناوية العناصر الإرهابية، فإن خبراء من المتابعين للشأن السيناوي، قد حذروا من الاعتماد على القبائل في مواجهة الإرهاب، حتى لا تتطور المواجهات إلى حرب بين بعض القبائل بسبب تقاسم السيطرة على الأراضي، وخوفاً من انتشار الأسلحة بين شباب القبائل.
وقالت الدكتورة حنان سمري، مؤسسة شبكة «أم سيناء» الإخبارية، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن الاعتماد على القبائل في محاربة الإرهاب، فعلى الرغم من نجاح القبائل في قتل 30 إرهابياً، فإنه قد قُتل من القبائل أيضاً نفس العدد، بالإضافة إلى خطف الكثير منهم». وأوضحت قائلة: «استطاع عناصر تنظيم بيت المقدس خطف نحو 25 رجلاً من قبيلة الترابين بعد انتهائهم من أداء صلاة المغرب في قرية (البرث) أخيراً، بالإضافة إلى خطف نحو 100 رجل خلال الشهرين الماضيين، أبرزهم الشيخ حمدي جودة، شيخ قبيلة الفواخرية، ومحمد أبو النيل المصور والإعلامي المعروف، بتهمة التعاون مع القوات المسلحة، وللأسف لا أحد يعلم مكانهم حتى الآن».
وطالبت «سمري» بـ«تعويض الشباب العاطلين عن العمل مادياً حتى لا يستقطبهم الإرهابيون، بجانب رفع تعويضات تهجيرهم من رفح لإنشاء المنطقة العازلة». وقالت: «المواطنون لا يتعاونون مع القوات المسلحة في الكثير من الأحيان، خوفاً من رد فعل التنظيمات الإرهابية التي تخطفهم وتذبحهم». وأشارت إلى «أن صور الإرهابيين المتداولة في وسائل الإعلام والنشرات الإخبارية، لا تتوافق مع شكل الإرهابيين المنتشرين في مدينة العريش، لأنهم يحلقون ذقونهم ويرتدون أزياء شبابية ليبدوا طبيعيين».
وتابعت «سمري»، زوجة قائد سابق بالجيش المصري توفي إثر جلطة في القلب قبل عامين: «توجد عدة أسئلة يجب أن يجيب عنها المسؤولون، من بينها: كيف يعيش الإرهابيون؟ وكيف يأكلون ويشربون، ويزوّدون سياراتهم بالوقود؟ وأين يعدّون العبوات الناسفة، والسيارات المفخخة؟ وكيف يتسللون إلى داخل العريش التي تحيطها الأكمنة الأمنية من كل الاتجاهات؟».