هل تنجح المحاولات الأخيرة لإنقاذ «الخريطة الأممية» في ليبيا؟

سياسيون يطلقون مبادرة لتعديل الاتفاق السياسي «كحزمة واحدة»

TT

هل تنجح المحاولات الأخيرة لإنقاذ «الخريطة الأممية» في ليبيا؟

تسابق أطراف سياسية وبرلمانية في ليبيا الزمن من أجل إعادة لجنة الحوار السياسي المعنية بتعديل «اتفاق الصخيرات» إلى طاولة المحادثات مرة ثانية، بهدف تجنب ما وصف بـ«السيناريو الأسوأ».. أي دخول البلاد دوامة إضافية قد تطيل أمد الأزمة إلى ما لا نهاية. لكن لا أحد في الوقت الراهن يستطيع الإجابة على السؤال الصعب: هل ستتمكن المحاولات الأخيرة من إنقاذ «الخريطة الأممية» في ليبيا؟
يقول أحمد النقي، عضو المجلس الأعلى للدولة، لـ«الشرق الأوسط» إن «المشاورات بين أعضاء مجلس النواب والأعلى للدولة ما زالت مستمرة لوضع صياغة مقبولة لبعض بنود الاتفاق السياسي»، رافضاً القبول بفكرة «توقف المفاوضات بشكل نهائي».
وفيما رجح النقي عقد جلسات الحوار عما قريب، قالت سلطنة المسماري، عضو لجنة الحوار بمجلس النواب، إن رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح «وجه رسالة إلى رئيس لجنة الحوار التابعة للمجلس الأعلى للدولة موسى فرج، يطالبه فيها بالاستمرار في العمل من أجل إيجاد حلول للنقاط العالقة».
وانتهت جولة الحوار الثانية بين اللجنة الممثلة لمجلس النواب والأعلى للدولة في الـ22 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «دون إحراز أي تقدم»، وقد أوضح المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، حينها أن اجتماعات لجنة الصياغة المشتركة أنهت جولتها الثانية بـ«نقاط اتفاق واختلاف»، لكنه تجنب التطرق إلى طبيعتها، مؤكدا أن «البعثة ستعمل على صياغة كل نقاط الاتفاق، وخلخلة الاختناقات مع الأطراف الليبية».
بدوره، قال النائب الصالحين عبد النبي، عضو لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب: «نحن في انتظار موافقة المجلس الأعلى للدولة على النقاط الخلافية، وفور موافقته سنعود للحوار من جديد لإنهاء مناقشة باقي البنود».
وخلال حديثه عن طبيعة الخلاف لام عبد النبي في حديثه مع «الشرق الأوسط» «رفض الطرف الآخر إلغاء المادة الثامنة من الأحكام الإضافية لاتفاق الصخيرات»، التي تؤول بمقتضاها المناصب العسكرية والأمنية للمجلس الرئاسي بإجماع أعضائه، بعد المصادقة عليها من مجلس النواب إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة.
واستدرك عبد النبي موضحا أن «النقاط الخلافية التي حسمت من قبل أصبحت محل خلاف مرة ثانية، ومن بينها المادة الثامنة، والفقرة الثانية منها، والمادة 14 من الأحكام الإضافية»، مشيرا إلى أنهم «كانوا قد توافقوا على آلية اختيار السلطة التنفيذية عبر نظام القوائم، إلا أن الفريق الآخر تراجع، وأصبحت هناك خلافات حول آلية الانتخابات، بجانب تمسكه بتسمية أعضاء المجلس الرئاسي».
غير أن المسماري لفتت إلى وجود «تواصل غير رسمي مع المجلس الأعلى للدولة للنقاش حول النقاط الخلافية، والوصول إلى حلول حتى يتم تضمين هذه النقاط في جلسة أخيرة»، وفقا لوكالة «أكي» الإيطالية، أول من أمس، التي أكدت أن «هذا ما أكد عليه مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، بأنه لا عودة إلى جلسات نقاش ثالثة في تونس دون اتفاق بين لجنتي مجلس الدولة ومجلس النواب».
وتنص المادة الثامنة من الأحكام الإضافية لاتفاق الصخيرات، الذي وقع في المغرب في ديسمبر (كانون الأول) 2015، على نقل كل صلاحيات المناصب المدنية والعسكرية العليا إلى المجلس الرئاسي، فور توقيع الاتفاق السياسي، ويتعين على المجلس اتخاذ قرار بشأن شاغلي هذه المناصب خلال مدة لا تتجاوز 20 يوماً من تاريخ التوقيع.
وجددت البعثة الأممية التزامها بالاستمرار في سعيها لتنفيذ مختلف عناصر خطة العمل التي طرحها الممثل الخاص في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتبناها مجلس الأمن الدولي، والتي تتوج بانتخابات حرة ونزيهة في غضون عام واحد من إعلانها لإخراج ليبيا من الانسداد السياسي الراهن.
وأمام تعثر المفاوضات في تونس، اقترح عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب، توجيه دعوة إلى «مؤتمر وطني شامل للخروج من مأزق تعطل المباحثات بين اللجنتين»، ورأى أن ذلك «هو الحل في حالة عدم الوصول إلى توافق حول تعديل الاتفاق السياسي».
وحاول المبعوث الأممي التقريب بين طرفي الحوار خلال جولات قام بها إلى ليبيا نهاية أكتوبر الماضي، والتقى رئيسي المجلس الرئاسي والأعلى للدولة في طرابلس للتباحث حول «عثرات الحوار»، كما التقى ممثلين عن قبائل العواقير والعبيدات والدرسي والبرعصي، الذين عبروا عن دعمهم الكامل لخطة عمل الأمم المتحدة من أجل ليبيا، «تجنباً للسيناريو الأسوأ والدخول في دوامة لا تنتهي، وخوفاً من ضياع الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد»، وفقا لقولهم.
يأتي ذلك في وقت تسود فيه بين بعض السياسيين الليبيين نظرة غير متفائلة بشأن استكمال الحوار في تونس، وفي هذا السياق يرى محمد الضراط، العضو المقاطع لمجلس النواب، أن التعديل «لم يفرز أي شيء مبشر»، مشيراً إلى أن «ما تم اقتراحه بشأن تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء، وفصل رئاسة الحكومة عنه، من الأمور التي جرى حولها اتفاق مسبق وليست جديدة».
واتهم الضراط مجلس النواب، في تصريح تلفزيوني، بأنه «ينتهج سياسة التسويف لإفشال كل الملفات»، موضحاً أنه «لا يعول على خطة سلامة لحل الأزمة بعد أن أصبحت ليبيا حقل تجارب لمبعوثي الأمم المتحدة».
وذهب الضراط إلى أن «التفاوض الآن بين مجلس النواب والأعلى للدولة، والخلافات حول تشكيل المجلس الرئاسي، والإتيان بالأسماء السابقة ذاتها ضمن السلطة التنفيذية المقبلة، لن يفضي إلى أي حلول».
في السياق ذاته، أطلق عدد من أعضاء مجلسي الدولة والنواب في ليبيا، مبادرة من العاصمة المصرية تتعلق بصياغة «رؤية شاملة لتعديلات الاتفاق السياسي كحزمة واحدة».
وأوضح المجتمعون، في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أمس، وتضمن سبعة من النواب، أن «رؤيتهم تهدف كأولوية قصوى لا تحتمل التأجيل، لتوحيد مؤسسات الدولة وإحداث المصالحة الوطنية، وجبر الضرر، وعودة النازحين والمهجّرين في الداخل والخارج ومعالجة الأزمة الاقتصادية»، وقالوا إن «هذه المبادرة مطروحة لجميع أعضاء مجلس النواب والدولة لدراستها ومناقشتها، وندعو رئاستي المجلسين لطرحها للتصويت عليها، والعمل بها في حال إقرارها، ونهيب بالشعب الليبي بكل أطيافه الوقوف جنبا إلى جنب لدعمها».
وانتهى المجتمعون إلى «دعوة البعثة الأممية لدى ليبيا لتأييد المبادرة، وما تحمله من حلول وصيغ توافقية في إطار مرجعية الإعلان الدستور والتوافقات التي وصلت إليها اللجنة الموحدة في تونس».
والمجتمعون هم علي التكالي وأحمد النقي ومحمد لينو ومرعي رحيل ومصباح دومة وزياد دغيم وكامل الجطلاوي.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».