بسط المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» في ليبيا سلطاته في المنطقة الغربية، بعدما سيطر على منطقة ورشفانة بالكامل، قاطعاً الطريق أمام محاولات التسلل إلى العاصمة طرابلس، في وقت يقود فيه رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي «حرب تصريحات» موازية على المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني.
وشهدت منطقة ورشفانة، جنوب العاصمة بـ30 كيلومتراً، معارك طاحنة على مدار 10 أيام، استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، بين قوات تابعة لآمر المنطقة الغربية اللواء أسامة الجويلي، وكتيبة «ثوار طرابلس» المواليين للسراج، على معسكر اللواءين الرابع والـ26، التابعين للجيش الوطني، انتهت بسيطرة قوات السراج على جميع منافذ المنطقة على الطريق الساحلي.
وعبّر رئيس المجلس الرئاسي عن ارتياحه بعد «تطهير ورشفانة من أوكار الجريمة»، محذراً من وصفهم بـ«المجموعات الخارجة عن القانون والمرتزقة» بأنه لن يسمح لها بالوجود من جديد في هذه المنطقة أو غيرها.
وبشر السراج سكان ورشفانة، في بيان أصدره مساء أول من أمس، بانتصار قواته، وخاطبهم قائلاً: «لقد بات في مقدور الأهالي الذين هجروا من منازلهم ومناطقهم بسبب تفشي الجريمة العودة مرة ثانية»، مشيراً إلى أنه أصدر تعليماته بتفعيل عاجل وعملي لمديرات الأمن والشرطة، وعودة مؤسسات الدولة لتلبية احتياجات المواطنين، وأنه «يثق في إدراك الليبيين جميعاً أن القضاء على المجرمين والخارجين عن القانون أمر ضروري حتى تجتاز البلاد الأزمة الراهنة وصولاً لدولة القانون».
وورشفانة، أو «سهل الجفارة»، هي ثاني منطقة يبسط السراج يده عليها، ويتمكن من تحييد مقاتليها وضمهم إلى قواته، بعد تحرير مدينة صبراتة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من «الميليشيات المسلحة»، فيما يعد تحدياً واضحاً لتعهدات سابقة لقائد الجيش الليبي بأنه بات قريباً من تحرير طرابلس، وأن الزحف إليها بات عما قريب.
بدوره، قال علي كشير، عضو مجلس النواب عن منطقة العزيزية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الموالية لرئيس المجلس الرئاسي سيطرت بشكل كامل على مدينة ورشفانة»، مشيراً إلى أنه ما زالت هناك اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة.
كان المتحدث باسم القيادة العامة للجيش، العميد أحمد المسماري، قد توعد بتحرير طرابلس من «الميلشيات لإنهاء حالة الانقسام، في حال فشل الحوار السياسي». وسبق لحفتر القول أمام حشد من قواته في الـ14 من أكتوبر الماضي إن «الجيش بات يسيطر الآن على مليون و730 ألف كيلومتر من إجمالي مساحة ليبيا، ولن يتبقى له إلا 30 ألف كيلومتر مربع فقط»، الأمر الذي شكك فيه خصومه.
وقال صالح قريصيعة، المتحدث باسم غرفة عمليات محاربة «داعش» في صبراتة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك كثيراً من المناطق، من مصراتة (غرب ليبيا) إلى رأس جديد (على الحدود مع تونس)، لا تتبع الجيش».
ومن جهته، رأى فوزي الطاهر النويري، عضو مجلس النواب عن مدينة صرمان (غرب طرابلس) عضو لجنة متابعة الأجهزة الرقابية، أن ما حدث في الغرب الليبي خلال الأيام الماضية هو «عقد تحالفات ومصالح بين مجموعات ومدن تمتلك السلاح، والقاسم المشترك بينها هو العداء لكل ما يمت بصلة للنظام السابق».
وأضاف النويري لـ«الشرق الأوسط» أن «كل هذه التحالفات تبحث عن غطاء وشرعية، ولعل أقرب شيء لها هو الانضمام والانضواء تحت راية حكومة السراج»، مشيراً إلى أن «ما حدث في ورشفانة لا يخرج عن ذلك، وإن كانت هناك أهداف أخرى تتمثل في السيطرة على الأرض حتى يكون لهم مركز تفاوضي جيد في أي تسويات مقبلة». وأضاف موضحاً أن «الهدف المعلن للعملية في ورشفانة هو القضاء على الجريمة، أو الوجود لأنصار النظام السابق. أما الهدف غير المعلن، فهو امتلاك رقعة جغرافية كبيرة، وإخراجها من سيطرة أي نفوذ للقيادة العامة للجيش»، مبرزاً أن «أي تسويات مقبلة أو تفاوضات لن تكون إلا مع من يملك زمام الأمور على الأرض».
بموازاة ذلك، تخلى رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي عن حذره، وبات أكثر حدة في تصريحاته تجاه قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، حيث تحدث في أكثر من مناسبة عن «جرائم حرب مروعة ترتكب بشكل ممنهج في نطاق سيطرة قوات ما يُسمى بالقيادة العامة في شرق ليبيا».
واحتج السويحلي، في خطاب أرسله مساء أول من أمس إلى وزير الخارجية المفوض بحكومة الوفاق الوطني محمد طاهر سيالة، على كلمة المهدي المجبري، مندوب ليبيا المكلف لدى الأمم المتحدة، «وتجاهله المُتعمد» لجريمتي درنة و«جثث الأبيار» في اجتماع مجلس الأمن، الأربعاء الماضي.
وقال السويحلي إن كلمة مندوب ليبيا «لم ترق إلى مستوى الجرائم المروعة المرتكبة في شرق ليبيا أخيراً»، معتبراً «هذا التجاهل استهانة واستهتاراً بأرواح عشرات الأبرياء من نساء وأطفال ورجال قضوا في هذه الجرائم».
وتابع السويحلي موضحاً أن «كلمة المجبري لم تعبر عن تطلعات شعبنا، الذي ينتظر محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب الممنهجة، وانتهاكات حقوق الإنسان على مدار الأشهر الماضية»، لافتاً إلى أن مندوب ليبيا «ادعى قدرة المؤسسات القضائية والأمنية الليبية على فرض القانون وتطبيق العدالة، الأمر الذي يعد عارياً عن الصحة».
وتأتي رسالة السويحلي إلى وزير الخارجية الليبي بعد ساعات من نشره «تغريدة» على صفحته عبر موقع «تويتر» بأن «جرائم الخطف والقتل الفظيعة باسم القانون لا تسقط بالتقادم»، متوعداً بـ«محاسبة مرتكبيها، ومن تستر عليها من مسؤولين».
بدوره، قال ناشط حقوقي ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن السويحلي «يحمل قائد الجيش الليبي مسؤولية (قتلي الأبيار)، والتستر على آمر المحاور في قوات الصاعقة بمدينة بنغازي، النقيب محمود الورفلي، الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليمه إليها».
وتساءل الناشط الحقوقي: «لماذا يتستر حفتر على الورفلي، رغم أن الأخير أظهر قدراً من التباهي وهو يمثل بجثث القتلى في شريط فيديو شاهده ملايين المواطنين»، لكن مسؤولاً أمنياً ليبياً قال في السابق إن «الورفلي بريء من أي اتهامات، والقائد العام لن يسلمه إلى أي جهة كانت».
وأظهر مقطع فيديو نشرته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، في سبتمبر (أيلول) الماضي، الورفلي وهو يشرف على إعدام 20 سجيناً، قيل إنهم كانوا يقاتلون مع «الجماعات المتطرفة» في بنغازي.
{الرئاسي} الليبي يوسع سلطاته في الغرب...والسويحلي يُصعّد ضد حفتر
متحدث باسم غرفة عمليات محاربة «داعش» في صبراتة: كثير من المناطق لا يتبع الجيش
{الرئاسي} الليبي يوسع سلطاته في الغرب...والسويحلي يُصعّد ضد حفتر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة