مراكز التكامل الاجتماعي تشجع السوريات على الاندماج في المجتمع التركي

لم يسبق لغالبية اللاجئات السوريات في تركيا الانخراط في العمل من أجل كسب الرزق، لكن المشكلة التي واجهتهن تمثلت في تأمين الحماية ولقمة العيش لأطفالهن، ووجدت بعضهن الحلول في مشاركة المسكن، لتقليص تكاليف إيجارات المنازل وبدأن العمل، متحديات الظرف العام وقلة خبرتهن العملية. وكان الحل الأمثل لكثير من السوريات هو العمل في المطاعم في مهنة الطبخ أو إعداد الطعام وبيعه كون الطعام السوري مفضلاً لدى السوريين الذين نزحوا إلى تركيا.
ومع استمرار تدفق السوريات إلى خارج بلادهن بات تأمين العمل هاجسا يؤرقهن لا سيما مع صعوبات الاندماج في المجتمعات الجديدة كتركيا، التي تتطلب تعلم لغة جديدة من أجل أن تسهل الحياة فيها. ومع تزايد عدد السوريين الوافدين إلى تركيا الذي وصل إلى نحو 3 ملايين سوري ظهرت بعض المبادرات لفتح الطريق أمامهم لإيجاد فرص للعمل والحياة الكريمة بعيدا عن الوطن. ومن بين هذه المبادرات مراكز التكامل الاجتماعي التي افتتحتها جمعية «المرأة والديمقراطية»، في العديد من الولايات التركية، التي من أهدافها ضمان اندماج اللاجئات السوريات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
وتنفذ الجمعية مشاريع خدمية متنوعة، حسب رئيستها سارة آيدن يلماز، منذ 3 أعوام، بهدف مساعدة النساء السوريات اللاجئات في تركيا على الاندماج في المجتمع.
وأشارت يلماز، لوكالة الأناضول، إلى أنّ الجمعية وفي إطار مشاريعها الخدمية، افتتحت مراكز تكامل اجتماعي للاجئات السوريات، عقب رصد ميداني واسع النطاق، داخل وخارج مخيمات اللاجئين. وأضافت: «اكتشفنا أنّ السوريات بحاجة ماسة إلى الاندماج في المجتمع التركي، ولاحظنا أنّ هناك ضعفا كبيراً في اللغة التركية، وهناك من يعاني صعوبة في التخلص من آثار الحرب». وأكّدت أنّ الجمعية التركية افتتحت أول مركز للتكامل في ولاية غازي عنتاب جنوبي البلاد، ثم قرّرت افتتاح مراكز أخرى في ولايتي سقاريا وإسطنبول، بعد رصد الاحتياجات الملحة.
ودعت يلماز جميع السوريات إلى زيارة مراكز التكامل التي تحرص على تحقيق اندماجهن من جميع النواحي، وفي مقدمتها اللغة، وتعمل على تهيئتهن للحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ورفضت الشائعات التي تتداولها بعض الأطراف حول هجرة اللاجئين المؤهلين من تركيا إلى بلدان أخرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وغيرها. وأضافت: «اكتشفنا من خلال البحوث أنّ معظم النساء يتمتعن بمستويات جيدة من الخبرات والتعليم، وقادرات على المساهمة في مختلف مجالات الحياة».
وأكدت يلماز أنّ هناك نساء سوريات يتقن لغات مختلفة، مثل الفرنسية والإنجليزية، وهذا الأمر من شأنّه أن ينعكس إيجابا على النساء التركيات، ويجب الاهتمام بهن عن كثب. كما أشارت إلى أهمية تدريس الأطفال السوريين في مدارس مشتركة مع الأتراك، من أجل تسهيل عملية الاندماج، مشيدة بجهود وزارة التربية التركية وسياساتها في هذا الإطار.
وحسب رئيسة الجمعية، فإن مراكز التكامل تعمل على تنظيم دورات للنساء التركيات الراغبات في تعلم اللغة العربية، وهذا يضمن احتكاكهن مع السوريات، ويسهم في الاندماج. مراكز التكامل الاجتماعي التابعة لجمعية المرأة والديمقراطية التركية، تسهم أيضا في القضاء على الأحكام المسبقة بين الأتراك والسوريين والتي تتشكل نتيجة الحملات التحريضية.
ومن الخدمات التي يقدمها المركز، تنظيم دورات مهنية لتعليم النساء السوريات والتركيات فنون الخياطة والتصميم والتصوير، لتعزيز خبراتهن في الحياة اليومية بالمجتمع.
وقالت رئيسة الجمعية، إن مراكز التكامل تركز بشكل أكبر على تدريب النساء السوريات على التصوير، وإنّهم يخططون لنقل الصور الملتقطة خلال الدورات إلى الأمم المتحدة. مئات السوريات انخرطن مع رفيقاتهن في تركيا في دورات ينظمها معهد للفنون والحرف اليدوية في محافظة ماردين الواقعة على الحدود مع سوريا في جنوب شرقي تركيا لإحياء فنون وحرف يدوية كادت تندثر وتضيع في زوايا النسيان. وفتح المعهد أبوابه للسوريات الراغبات في الالتحاق منذ العام 2011. ليتعلمن فنون الحياكة والدانتيل وصناعة الملابس التقليدية وفن الرسم على الماء أو الإيرو واسع الانتشار في تركيا إلى جانب حياكة المنسوجات المنزلية.
وتعد الفعاليات والأنشطة التي تجري داخل المعهد، مشروع حياة جديدة متناغمة بالنسبة للاجئات السوريات اللاتي سيمتلكن حرفة ومهنة بفضل الدورات التعليمية التي خضعن لها خلال السنوات الأربع الماضية. ويقول متين ديجير مدير المعهد إن الأنشطة التي تجري في المعهد تهدف إلى إحياء الفنون والحرف اليدوية التي كانت مهددة بالاندثار كما تهدف إلى إعطاء اللاجئات السوريات دروساً في الصناعات اليدوية وجعلهنّ أصحاب حرف ومهن. وعبرت إحدى السوريات المشاركات في الدورات التدريبية بالمعهد عن سعادتها الكبيرة لالتحاقها بهذه الدورات قائلة إنّها بدأت تكسب مما تنتج بيدها بعض المال الذي يساعدها في نفقات الحياة. وأضافت أنّها وغيرها مئات من السوريات استطعن من خلال هذه الدورات على مدى الأعوام الخمسة الماضية، أن يجدن العديد من الفرص لتحسين مستوى معيشتهن لأنّهن أصبحن يمتلكن حرفا تساعدهن على كسب المال من خلال هذه الدورات التي ينظمها المعهد.