حذر سويسري إزاء التحركات المالية الصينية في القارة الأوروبية

المستثمرون الصينيون يقتحمون أسواق لوكسمبورغ المالية

TT

حذر سويسري إزاء التحركات المالية الصينية في القارة الأوروبية

لن تكتفي الصين بإغراق الأسواق العالمية بمنتجاتها وسلعها التي باتت تنافس من حيث الجودة الكثير من المنتجات والسلع الغربية. فانقضاضها بصورة تدريجية وممنهجة على الأسواق المالية الخارجية أضحى أسلوباً تكتيكياً حض الخبراء السويسريين على تخصيص جرعة لا بأس بها من أوقات عملهم لدراستها بدقة. ويعود السبب في ذلك وفق الخبير المصرفي ريني هولتشي إلى «العقلية» المالية السويسرية المتحفظة التي تأخذ حذرها دوماً من أي أجنبي يدق على أبوابها مباشرة، أو عن طريق دولة أوروبية مجاورة، لتأسيس موطئ قدم تجاري على أراضي البلاد.
ويتابع السويسريون عن كثب تحركات المستثمرين الصينيين في القارة العجوز وكان آخرها استحواذ شركة «ليجند هولدينغز كوربوريشن» الصينية للاستثمارات، المُدرجة في بورصة هونغ كونغ، على 90 في المائة من أسهم «بنك إنترناسيونال لوكسمبورغ» مقابل 1.48 مليار يورو، في مطلع الشهر الفائت.
وتعتبر عملية الشراء هذه بين الأكبر التي قادها الصينيون في القارة الأوروبية في الآونة الأخيرة. علما بأن البائع هي شركة «بريسيجن كابيتال» القابضة التي تقف الأسرة القطرية الحاكمة وراءها. وكما هو مخطط له تحتفظ دوقية لوكسمبورغ بنحو 10 في المائة من أسهم هذا المصرف.
ويتمتع المصرف المعروف بالأحرف الأولى من اسمه «بي آي إل» بتاريخ مالي عريق على غرار المصارف السويسرية الكبرى مثل «يو بي اس» و«كريديه سويس». فهو تأسس في عام 1856 وواكب المستجدات والتطورات المالية والمصرفية، في الساحة اللوكسمبورغية، لأكثر من قرنين. وبفضل موازنة يرسو مجموعها على 23.1 مليار يورو وإدارة أصول وصل إجماليها إلى 37.7 مليار يورو في نهاية العام الفائت يحتضن المصرف أكثر من ألفي موظف.
وقبل خمسة أعوام، اشترت شركة «بريسيجن كابيتال» 90 في المائة من أسهم المصرف من مجموعة «ديكسيا» الفرنسية - البلجيكية من جراء الأزمة المالية التي أجبرت عدداً من المصارف الأوروبية على التخلص من جزء من أصولها عبر بيعها إلى مستثمرين أجانب طموحين.
ورسا سعر الشراء آنذاك على 730 مليون يورو، أي نحو نصف قيمة سعر إعادة البيع الحالي. في سياق متصل يشير الخبير السويسري «ريني هولتشي» إلى أن شركة «بريسيجن كابيتال» ذات الجذور القطرية جنت أرباحاً مقدارها 100 في المائة من عملية البيع هذه.
ويقول السيد ليو شوانزي مؤسس شركة «ليجند هولدينغز كوربوريشن» الصينية إن عملية شراء أغلبية أسهم المصرف اللوكسمبورغي تنتمي إلى استراتيجية استثمارية شجاعة وطويلة المدى تنصب في مصلحة «الإفادة والاستفادة» في الوقت ذاته.
قبل شرائه كان مصرف «بي آي ال» يتطلع إلى توسيع أعماله محلياً. أما اليوم، تسعى الشركة الصينية، وفق أقوال السيد شوانزي، إلى تدويل أعمال المصرف من دوقية لوكسمبورغ من دون إجراء أي تغيير عاجل في مجلس إدارته. علما بأن هذا المصرف لديه أنشطة مصرفية فرعية في سويسرا، ما لفت انتباه خبراء سويسرا المصرفيين إلى ما يجري داخله وحوله.
ويستطرد السيد ليو شوانزي بالقول إن القطاع المالي أحد القطاعات الاستثمارية المتعددة التي تثير شهية شركته، التي أسست شركة «لينوفو» للحواسب وتعتبر بين حملة الأسهم الأبرز للأخيرة.
ويرجع الخبير السويسري ريني هولتشي ما يجري منذ بداية التوغل الأجنبي في الأسواق المالية اللوكسمبورغية بدءاً بالصينيين إلى أن «العراقيل التي كان المصرف الأوروبي المركزي يضعها أمام أي استثمار أجنبي في القطاع المصرفي الأوروبي تتلاشى شيئا فشيئاً. على الأرجح، ستتجلى الخطة الصينية التالية في إقدام شركات مالية صينية على تأسيس مصارف لها في قلب دوقية لوكسمبورغ بما أن الأخيرة أصبحت منذ الآن مركزاً رئيسياً للتوسع الصيني نحو ساحات مالية أوروبية أخرى».
واللافت وفق توقعات هذا الخبير المصرفي أن سويسرا غير قادرة على السيطرة على أي توسع مصرفي أجنبي، في أسواقها المحلية، سواء كان صينياً أم لا، خصوصاً إن كان للأصول التي يشتريها الأجانب فروع أخرى تعمل في سويسرا تحت أسماء تجارية مختلفة. وبما أن ما يجري تداوله في الأسواق المصرفية السويسرية يتخطى 20 تريليون فرنك سويسري كل عام، فلا شك في أن أي مشغل مصرفي جديد سيحصد باقة من المنافع التي ستجعله مُرتبطاً «غرامياً» بالساحة المالية السويسرية المكتظة بأموال الأغنياء من كافة أرجاء العالم.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.