لقاءات تشاورية لبنانية في «دار الفتوى» تعكس دورها في «الأزمات الكبرى»

باسيل: ما وقع من أخطاء يجب أن يصحح بالتفاهم

مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان استقبل الرئيس الأسبق أمين الجميل أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان استقبل الرئيس الأسبق أمين الجميل أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لقاءات تشاورية لبنانية في «دار الفتوى» تعكس دورها في «الأزمات الكبرى»

مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان استقبل الرئيس الأسبق أمين الجميل أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان استقبل الرئيس الأسبق أمين الجميل أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)

عكست الحركة السياسية باتجاه «دار الفتوى» خلال اليومين الماضيين، بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، دوراً لافتاً للدار ضمن المساعي اللبنانية للبحث عن مخارج للأزمة السياسية الراهنة التي دفعت جميع الأطراف للتأكيد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، في وقت أكد وزير الخارجية جبران باسيل أن «ما وقع من أخطاء يجب أن يصحح بالتفاهم».
وبموازاة اللقاءات التشاورية التي افتتحها قصر بعبدا، أمس، شهدت «دار الفتوى» لقاءات مماثلة مع شخصيات لبنانية بارزة، أبرزها وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع والرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، فيما زار الدار السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، الذي خرج من دون الإدلاء بأي تصريح.
وقالت مصادر «دار الفتوى» لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارات عكست تأكيداً على وحدة الصف والوحدة الوطنية والتماسك في هذا الظرف، مشددة على أن اللقاءات هدفت للتشاور والتلاقي في هذه الفترة.
وأعرب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمام زواره عن تقديره موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتريث والتروي في معالجة الأزمة التي يمر بها لبنان بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، وأمل من جميع القوى السياسية «أن تتحلى بالمزيد من الصبر والحكمة لحل هذه القضية الوطنية».
واستقبل المفتي في دار الفتوى وفدا من «التيار الوطني الحر» برئاسة رئيسه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الذي قال بعد اللقاء: «من الطبيعي اليوم أن يقوم التيار الوطني الحر من خلال وفد يمثل كل ألوان التيار بزيارة لدار الإفتاء، باعتبار هذه الدار ليست مرجعية روحية فقط، بل مرجعية وطنية بالأداء الذي تقوم به، وهذا ما يجعلنا نرجع إليها في وقت الأزمات، وثانيا لأنه صدر عن هذه الدار أول موقف إعلامي يوم السبت، أشعر اللبنانيين كلهم بأنهم ممثلون من خلاله، عندما عبر عن المفاجأة والصدمة والقلق عند كل اللبنانيين مما حصل، وطرح الأزمات الموجودة التي تشغل بالنا كما هي، من ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، إلى خطورة الوضع الاقتصادي، وموضوع النازحين الذي قدمه بطريقة يتفق عليها كل اللبنانيين، وما شهدناه في اليومين الماضيين».
وأكد باسيل أن «مواقف سماحته تجمع شعور كل اللبنانيين السلبية باعتبار أن ما حصل يشير إلى أننا في أزمة، إلا أن هناك إيجابية واضحة ظهرت، هي أن اللبنانيين اتحدوا جميعا بشكل عفوي جدا، فنحن أمام لحظة وطنية كبيرة، وكلنا نقول إن هذه الأزمة يمكن تحويلها إلى فرصة حقيقية، بتكاتفنا بعضنا مع بعض. اليوم لا فريق أو مكون أو طائفة في أزمة، كل اللبنانيين في أزمة وكلهم مصابون، وأي محاولة لتصوير ما يحصل بأنه يتحقق لحساب أحد على حساب الآخر، نقول إننا كلنا خاسرون من جراء الحاصل، وكلنا سويا سنستعيده بتكاتفنا حتى نخرج منه، اللبنانيون جميعهم يسألون عن الغد».
وشدد باسيل على أن «اللبنانيين يريدون للحال الذي كنا نعيشه معا في المرحلة الأخيرة أن يستمر، وما وقع من أخطاء يجب أن يصحح بالتفاهم»، لافتاً إلى أن التسوية تعني «أن نحل كل شيء بالتفاهم، نحن واعون لما فعلناه وما أنجزناه، واعون نحن ودولة الرئيس الحريري ماذا علينا بعد أن نعمل معا. نعمل معا لنعالج كل ما نحققه بالتفاهم، وكل شيء نذهب إليه بالقسمة ولو ربحناه يكون خسارة، وبهذا التفاهم ننتقل من مرحلة إلى مرحلة لننجز أكثر».
من جهته، قال جعجع: «سررت بلقاء سماحة المفتي، فهو شخصية وطنية كبرى، نتمنى أن يكون الكثيرون مثله في اتزانه ووضوح رؤياه. ولقد تحدثنا مطولا في الأزمة الحالية، وإن شاء الله بالروية والهدوء والعمل الدؤوب نستطيع أن نتخطى هذه الأزمة».
أما الرئيس أمين الجميل فأكد من دار الفتوى أنه «من الضروري أن يتم التشاور في هذا الظرف والتداول أيضا في حل الأزمة الراهنة، وقد بحثنا وحدة الصف اللبناني والحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي». وقال: «من المهم أن نتناول مع سماحة المفتي المخارج لحل الأزمة وبالنسبة له المهم هو وحدة الصف اللبناني والاستقرار. وإذا تضافرت الجهود الطيبة يمكن أن نصل إلى نتائج إيجابية لتخطي هذه الأزمة ومن الطبيعي التريث حتى تنجلي الصورة الضبابية».
وتفعل دور «دار الفتوى» في هذه الأزمة على نحو لافت، وهو ما فسرته مصادر مواكبة لحركة الدار بأنها «جزء من دورها التاريخي والوطني حيث تتحرك الدار في الأزمات الكبرى، وما نشهده هو أزمة كبيرة».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «دار الفتوى» معروفة بدورها الوطني الجامع، وهي «دار واحدة وجامعة لجميع اللبنانيين»، لافتة إلى أن شخصية مفتي الجمهورية الحالية «ساهمت في تكريس هذا الدور، بالنظر إلى حكمته في الأمور الوطنية والدينية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.