النجيفي في واشنطن طلباً لتسليح سنة العراق وتدريبهم

محللون أميركيون استبعدوا موافقة إدارة ترمب

أسامة النجيفي
أسامة النجيفي
TT

النجيفي في واشنطن طلباً لتسليح سنة العراق وتدريبهم

أسامة النجيفي
أسامة النجيفي

طلب نائب رئيس الجمهورية العراقي أسامة النجيفي من الإدارة الأميركية تسليح السنة في العراق. وأعرب النجيفي الذي يزور واشنطن عن أمله في أن تفي إدارة الرئيس دونالد ترمب بتعهداتها بمكافحة النفوذ الإيراني المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط.
وأسامة النجيفي هو أحد ثلاثة نواب للرئيس العراقي، كما يترأس شقيقه (أثيل النجيفي) فصيلاً مسلحاً دربته تركيا، يسمى «حرس نينوى». واستعان الأخوان النجيفي في واشنطن بجماعة الضغط نفسها التي استخدمها العام الماضي الجنرال مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأول (الأسبق) في إدارة الرئيس ترمب. وفي فبراير (شباط) الماضي، أقال الرئيس ترمب السيد فلين من منصبه، وهو يخضع في الوقت الراهن للتحقيقات من قبل المدعي الخاص روبرت مولر.
والتقى أسامة النجيفي، أول من أمس، مع فريق من وزارة الخارجية الأميركية وغيرهم من المسؤولين، من أجل بذل مزيد من الجهود بغية تعزيز نفوذ السنة في العراق، وتعزيز قاعدته الانتخابية قبل إجراء الانتخابات التشريعية العام المقبل، بيد أن مطالبته بالمساعدات العسكرية والتدريبات تواجه بعض العقبات. ففي حين أن الرئيس ترمب قد غرد محذراً من سيطرة إيران التوسعية ضد العراق، فإن المسؤولين الأميركيين لم يوافقوا بعد على تقديم المساعدات العسكرية المباشرة إلى المقاتلين السنة في العراق.
وفي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، ذكّر النجيفي بالدعم العسكري الأميركي لقوات «الصحوة» السنية ضد تنظيم القاعدة في العراق قبل عشر سنوات، وقال إن القوات السنية العراقية لا تزال في حاجة إلى الدعم البري من الولايات المتحدة، في الوقت الذي ينخفض فيه وجود تنظيم داعش الإرهابي في الأراضي العراقية، وأضاف أن العراق والولايات المتحدة في حاجة لممارسة الضغوط من أجل نزع سلاح الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران.
وفي خطاب ألقاه النجيفي، الثلاثاء، أمام معهد السلام الأميركي، تحدث عن «إيلاء المزيد من الاهتمام لتعزيز القدرات العسكرية» للمجتمعات التي تحررت من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، مثل مدينة الموصل ذات الأغلبية السنية، وقال أيضاً إن الأمر «قد يتطلب إرسال المزيد من القوات العسكرية الأميركية».
ويرى محللون أنه من غير المرجح وقوع زيادة كبيرة في المساعدات الأميركية المباشرة للجماعات السنية المسلحة في العراق، ناهيكم بزيادة عدد القوات الأميركية هناك. ويقول مايكل نايتس، محلل شؤون الشرق الأوسط لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «أفترض أن مطالباته سوف تلقى استغراباً جماعياً في واشنطن».
ولم يسفر عامان من الضغوط السياسية في واشنطن عن كثير من الدعم للشقيق أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق. وبعد فراره من الموصل، عندما استولى تنظيم داعش على المدينة في عام 2014، طلب أثيل النجيفي من الحكومة التركية توفير التدريب وغير ذلك من المساعدات لقواته، بيد أن الدعم الأميركي لا يزال ضئيلاً للغاية، كما قال نايتس.
وفي عام 2015، ومرة أخرى في العام الماضي، مارس أثيل النجيفي الضغوط داخل الكونغرس، ولدى مسؤولين أميركيين آخرين، للموافقة على قائمة مطولة من الأسلحة، وسواها من المساعدات العسكرية اللازمة لتجهيز 10 آلاف مقاتل. وكان عضو مجموعة الضغط الوحيد لديه في العام الماضي المحامي روبرت كيلي من واشنطن، الذي عمل أيضاً في منصب المستشار العام في شركة الجنرال فلين للاستشارات في عام 2016. وكانت مجموعة الجنرال فلين الاستخبارية مستأجرة من قبل عميل لشركات تركية تسعى لرفع قضية جنائية بحق الداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، الذي تطالب أنقرة واشنطن بتسليمه.
ونجح كيلي في ترتيب اجتماعات بين أسامة النجيفي ومسؤولين من إدارة ترمب. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سجل المحامي كيلي مجموعة فلين الاستخبارية لدى الكونغرس كجماعة ضغط سياسي، بالنيابة عن الشركة المملوكة للحكومة التركية، وتحمل اسم «إينوفو بي في». ولكن في مارس الماضي، تم تسجيل شركة الجنرال فلين، وعلى نحو مفاجئ، لدى وزارة العدل الأميركية كعميل أجنبي، مع الإقرار بأن أعمالها من المرجح أن تكون قد وفرت المساعدات للحكومة التركية. ويخضع هذا التسجيل حالياً للتدقيق كجزء من التحقيقات التي يجريها مولر.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.