موسكو تعلن قتل 54 ألف سوري خلال سنتين

لافروف يقول إن التحضيرات جارية لمؤتمر الحوار في سوتشي

TT

موسكو تعلن قتل 54 ألف سوري خلال سنتين

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استمرار التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي اقترحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأشار إلى تنسيق بهذا الخصوص مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية. وقال إن الحرب على الإرهاب في سوريا تشارف على نهايتها، وحذر من أي انقطاع أو توقف لجهود التسوية السياسية للأزمة السورية.
ومن جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إن العمليات في سوريا خلال العامين الماضيين أدت إلى مقتل 54 ألف مقاتل. وفي تضارب مع قائمة كانت وزارة الخارجية الروسية نشرتها على موقعها الرسمي وحددت فيها يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري موعدا لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، قال لافروف، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن «أحدا لم يؤجل موعد المؤتمر، لأنه لم يعلن رسميا عن موعد انعقاده»، وعبر عن قناعته بأن «العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية تصبح أكثر إلحاحاً»، لافتا إلى أن «العمليات ضد الإرهاب هناك تشارف على نهايتها»، وحذر من مغبة «أي توقف أو انقطاع في جهود المجتمع الدولي» حول الأزمة السورية. وشدد على ضرورة «التفعيل العاجل للجهود بغية تهيئة أجواء مناسبة لحوار سوري شامل»، وقال إن «هذه هي المهمة المرجوة من مؤتمر الحوار السوري»، وعبر عن أمله في انعقاد المؤتمر في وقت قريب.
وأكد وزير الخارجية الروسي، أن «العمل يجري حاليا للتوافق على جدول الأعمال والموعد وغيره من تفاصيل المؤتمر»، موضحا أن الجانب الروسي يجري مشاورات بهذا الخصوص بالدرجة الأولى مع الدول الضامنة لعملية آستانة، تركيا وإيران، و«بموازاة ذلك هناك اتصالات مع الحكومة والمعارضة السورية داخل وخارج البلاد».
وأشار إلى «ردود إيجابية، رغم بقاء من يرفض الحديث حتى الآن، ويطالبون بتغيير النظام»، وقال إن هذه المزاجية تهيمن بصورة رئيسية في أوساط المعارضة الخارجية. وعبر لافروف عن أمله في أن يساهم المؤتمر الروسي المقترح بتفعيل نشاط الأمم المتحدة. وأكد اتصالات مستمرة مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وأن موسكو تطلعه على كل الخطوات التي تتخذها في سياق التحضير للمؤتمر، وتفعل الأمر ذاته في الاتصالات مع الشركاء الأوروبيين والأميركيين، ودول الخليج العربي والدول العربية الأخرى. واعتبر أن هذه الاتصالات غاية في الأهمية «كي يساعد المؤتمر في المضي على درب تفعيل الإصلاحات الدستورية والتحضير لانتخابات جديدة في سوريا».
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أمس، تحرير أكثر من ألف منطقة سكنية في سوريا خلال عامين من العمليات العسكرية الروسية. وقدم الجنرال فاليري غيراسيموف، قائد أركان الجيوش الروسية، عرضا خلال اجتماع أمس لكبار القادة في وزارة الدفاع الروسية، أشار فيه إلى «مقتل أكثر من 54 ألف مقاتل من المجموعات المسلحة غير الشرعية خلال العامين الماضيين في سوريا، بما في ذلك أكثر من ألفين و800 مقاتل من مواطني روسيا الاتحادية، ونحو ألف و400 مقاتل من دول الجوار الروسي». وقال إن القوات الروسية واجهت في سوريا خصما مدربا ومزودا بأحدث أنواع الأسلحة، «بما في ذلك أكثر من ألف و200 مدفع وقاذف اغتنمتها من القوات الحكومية». وكان لافتا أن اعتمد غيراسيموف في حديثه أمس تعريف «مجموعات مسلحة غير شرعية»، وهو تعبير يستخدمه الروس للإشارة إلى مجموعات المعارضة المسلحة، وقال إن «قادة تلك المجموعات تلقوا تدريبات في معسكرات خاصة تحت إشراف مدربين عسكريين غربيين وبدعم من مستشارين عسكريين من دول الشرق الأوسط، وأوروبا الغربية والولايات المتحدة». وأعاد إلى الأذهان أن تلك المجموعات كانت تسيطر قبل بدء العملية الروسية على 70 في المائة من الأراضي السورية، وتواصل تقدمها على كل الجبهات. وأقر بأن القوات الروسية تمكنت خلال عامين من قلب الموازين لصالح قوات النظام السوري، و«القضاء على عصابات مسلحة كبيرة».
وأحال قائد أركان الجيوش الروسية الفضل في نجاح المعارك ضد «داعش» إلى الضباط الروس أولا ومن ثم الفرقة الخامسة، التي شكلها مستشارون روس، وقوات «النمر». وقال إن «الفضل في النجاح الذي حققته القوات الحكومية يعود إلى حد بعيد لضباطنا الذين ساهموا بصفتهم مستشارين عسكريين، وبجهودهم تم تشكيل وإعداد الفرقة الخامسة للمتطوعين، التي لعبت مع تشكيلات سهيل الحسن الدور الحاسم في القضاء على (داعش)». وأكد أن جميع قادة الفرق والكتائب والمجموعات والوحدات في القوات الروسية حصلوا بفضل المشاركة في العمليات في سوريا على خبرة قتالية عملية. وأشار إلى أن معظم العاملين في القوى الجوية اكتسبوا عمليا تلك الخبرة العملية في ظروف قتالية في سوريا. وقال إن «الخبرة القتالية في سوريا أدت إلى تنشيط أساليب جديدة لاستخدام القوات المسلحة، وأساليب تنفيذ العمليات القتالية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.