رئيس النيابة العامة بالمغرب: محاربة الفساد تتجه لأن تصبح ثقافة

قال إن المؤسسة لن تعمل وفق أي أهداف سياسية

TT

رئيس النيابة العامة بالمغرب: محاربة الفساد تتجه لأن تصبح ثقافة

قال محمد عبد النبوي، رئيس النيابة العامة بالمغرب، إن محاربة الفساد تتجه إلى أن تصبح ثقافة، مشيراً إلى أن الاختلالات التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات (أعلى هيئة لمراقبة المال العام) بشأن مشروع «الحسيمة... منارة المتوسط»، والتي أدت إلى إعفاء وزراء ومسؤولين من مهامهم، لا تصل إلى درجة الاختلاسات أو التبذير، وبالتالي لا توجد جريمة يحاسب عليها هؤلاء الأشخاص أمام القضاء الجنائي.
وأوضح عبد النبوي، الذي كان يتحدث، أمس، في لقاء نظمته وكالة الأنباء المغربية عن «استقلال النيابة العامة وضمان مبدأ فصل السلطات»، أن القضايا التي ترد في تقارير «تكون محل مشاورات بيننا وبين الوكلاء العامين للملك».
وأصبحت النيابة العامة مستقلة في المغرب عن وزير العدل، ويتولى رئاستها حالياً الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض. وفي هذا السياق أوضح النبوي، وهو أول من يتولى هذا المنصب، أن استقلال السلطة القضائية ليس مطلباً في حد ذاته، بل الهدف منه هو تحقيق العدالة والإنصاف، وإبعاد كل تأثير على القضاة من شأنه توجيه أحكامهم أو قراراتهم. ونبّه المسؤول المغربي إلى أن حدود احترام واستقلالية السلطة القضائية مرتبطة بالنظام السياسي «فكلما أوغل النظام في الديمقراطية زاد تشبثاً باستقلال القضاء».
وشدد النبوي على أن النيابة العامة ليست مؤسسة سياسية لأن الدستور نأى بها عن أن تكون كذلك، وأضاف موضحاً: «ليست لنا أهداف ولا مطامح سياسية، ولن يكون تدبيرنا للنيابة العامة تدبيراً سياسياً... والقانون الذي يسيّر النيابة العامة هو نفسه، ومطلوب مني أن أدير النيابة العامة بنفس الطريقة التي كان يديرها بها وزير العدل، والفرق هو أن وزير العدل كان ينتمي إلى حزب سياسي، وأنا لا أنتمي إلى أي حزب أو تيار سياسي».
ووعد المسؤول المغربي بأن تصبح العلاقة بين النيابة العامة والمجتمع مبنية على الشفافية، قبل أن يوضح أن هناك اختلافاً في تأويل الشفافية «فلدينا قانون يحكم تصرفاتنا. ونحن لا يمكن لنا أن نصرح في كل وقت وبكل شيء لأنه يوجد سر البحث والتحقيق والسر المهني، الذي يعاقب عليه القانون، ولا يمكن أن ندلي بتصريحات قبل وقتها»، لافتاً إلى وجوب الحفاظ على التوازن بين الحق في الحصول على المعلومة وسرية الأبحاث والتحقيقات.
ورداً على سؤال عن أول إجراء اتخذه بعد توليه منصبه، قال عبد النبوي إنه وجه منشوراً إلى النيابات العامة لمواصلة ما كان يتم تحقيقه في إطار السياسة الجنائية القائمة، وترسيخ أولويات هذه السياسة كما يطالب بها المغاربة والمتمثلة في حماية المال العام، والحقوق والحريات، ومناهضة التعذيب، ومنع الجريمة وحسن استقبال المتقاضين والإنصات إليهم والتواصل مع المجتمع والرأي العام.
وبشأن مصير الرقم الهاتفي الأخضر الذي كانت وزارة العدل قد وضعته رهن إشارة المواطنين للتبليغ عن قضايا الفساد والرشوة، أقر عبد النبوي بأنه حقق نتائج مهمة ومكّن من اعتقال قضاة ورجال سلطة وضباط شرطة قضائية من الأمن والدرك وموظفين، مشيراً إلى أن «محاربة الفساد في طريقها إلى أن تصبح ثقافة». وأضاف أنه لا يعرف كيف ستتعامل وزارة العدل مع الرقم، وهل ستسلمه للنيابة العامة، «أم نضع رقماً جديداً لأننا نؤمن بجدوى هذه الخدمة».
وتطرق عبد النبوي خلال اللقاء إلى مشكل ارتفاع الاعتقال الاحتياطي في المغرب، وقال في هذا الصدد إن هناك أزمة اعتقال ككل في البلاد، إذ يوجد عدد كبير من السجناء يبلغ عددهم 80 ألف سجين، بحيث إن من بين كل مائة ألف مغربي يوجد اثنان في السجن، وهو رقم يتجاوز المعدل العالمي.
ورداً على المطالبين بخفض نسبة الاعتقالات الاحتياطية، قال عبد النبوي إن الاعتقالات تخضع في كثير من الأحيان لضغط الرأي العام، وخلص إلى أن الاعتقال الاحتياطي ليس السبب في اكتظاظ السجون، بل لأن المغاربة لا يؤمنون إلا بالسجن وسيلةً للردع.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.