الأمن الجزائري يعطل الذراع الإعلامية لنشطاء انفصال القبائل

المحاكم تلقت أوامر برفض أي شكوى للطعن في القرار

TT

الأمن الجزائري يعطل الذراع الإعلامية لنشطاء انفصال القبائل

ضربت الأجهزة الأمنية الجزائرية الأذرع الإعلامية لتنظيم انفصالي يطالب باستقلال منطقة القبائل، إذ قال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدولة عازمة على وضع حد لأنشطة الانفصاليين، لكنها لا تريد الدخول في مواجهة معهم».
وذكر المصدر الأمني أن وزارة الداخلية أمرت الشركة الحكومية الوحيدة لشبكة الهاتف الثابت، ومؤسسات الهاتف الجوال، العاملة في البلاد، بتعطيل «وكالة الأخبار» التي تتبع لـ«حركة استقلال القبائل»، وعدة منتديات ومنصات رقمية، تبث يوميا الأخبار المرتبطة بنشاطات الانفصاليين. وتم تنفيذ التعطيل من طرف «خلية محاربة الإجرام الإلكتروني»، في جهاز الاستعلامات القوي، الذي سبق له أن عطل الكثير من المواقع الإلكترونية، التي تهتم بـ«المحظورات»، مثل قضية مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعجزه عن أداء مهامه.
وأوضح المصدر نفسه أن وزارة الداخلية تلقت الضوء الأخضر من القضاء، لتفعيل إجراءات تعطيل الذراع الإعلامية للتنظيم الانفصالي «حرصا منها على أن تتم الخطوة وفق القانون». كما تلقت المحاكم في كل البلاد أوامر من وزير العدل الطيب لوح برفض أي شكوى، قد يقدمها شخص أو عدة أشخاص للطعن في قرار ضرب الذراع الإعلامية للانفصاليين. وجرت العملية قانونا بناء على شبهة «تهديد الوحدة الوطنية».
ولم يصدر أي رد فعل من النشطاء الانفصاليين، الذين ينطقون بالأمازيغية، والذين ينتشرون بكثرة بولاية تيزي وزو (القبائل الكبرى)، وولاية بجاية (القبائل الصغرى)، ولهم حضور لافت في الجامعات وبعض وسائل الإعلام، والفضاءات الثقافية. غير أن نخبة الانفصاليين نادرا ما تتحدث في هذا الموضوع في العلن.
وجاء استهداف التنظيم الانفصالي، إثر الترويج إعلاميا وعلى نطاق كبير للسفرية التي قادت فرحات مهني، رئيس «حكومة القبائل في الخارج»، إلى نيويورك نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث قدم مذكرة بالأمم المتحدة تتعلق بطلب دعم أممي لمشروع الاستقلال بولايات تقع شرق البلاد، ينطق سكانها بالأمازيغية ومعروف عنهم معارضتهم الشديدة لنظام الحكم.
يشار إلى أن مهني لم يزر الجزائر منذ سنوات طويلة، رغم أنه لا يخضع لأي قرار رسمي بمنعه من الدخول. ويقيم بفرنسا منذ 20 سنة، وتتحاشى السلطات مضايقته بشكل مباشر «حتى لا يعلو شأنه»، بحسب ما يشاع في الأوساط الحكومية.
ولم يسبق للسلطات أن استهدفت دعاة الانفصال بشكل مباشر، فهي حريصة على عدم ظهورهم في صورة «أقلية مضطهدة».
وتوجد ولايات أخرى تعيش بها أقلية يتحدث أفرادها الأمازيغية اختلطوا مع السكان المحليين الناطقين بالعربية، وهي سطيف وبومرداس والعاصمة أيضا. ويبلغ عددهم في هذه الولايات نحو 5 ملايين، مع العلم أن سكان الجزائر 42 مليونا. كما يعيش عدد كبير من الأمازيغ في غرداية (جنوب)، يتبعون المذهب الإباضي، وعدد قليل منهم يطالب بالانفصال يقودهم الطبيب كمال الدين فخار، الذي غادر السجن شهر يوليو (تموز) الماضي، حيث قضى مدة عام بناء على تهمة «تهديد وحدة التراب الوطني».
ولـ«حكومة القبائل المستقلة»، جذور تعود إلى أحداث «الربيع الأمازيغي» عام 1980. عندما تدخلت الشرطة لمنع محاضرة بتيزي وزو (مائة كلم شرق العاصمة)، موضوعها «البعد البربري للشخصية الجزائرية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.