معتقلو احتجاجات الحسيمة ينسحبون من المحاكمة بعد طرد الزفزافي

TT

معتقلو احتجاجات الحسيمة ينسحبون من المحاكمة بعد طرد الزفزافي

انسحب 54 متهماً يحاكمون في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء على خلفية المظاهرات، التي عرفتها مدينة الحسيمة في شمال المغرب الصيف الماضي، من قاعة المحكمة فيما يشبه المظاهرة مرددين شعارات، وذلك عقب طرد القاضي لناصر الزفزافي، أحد متزعمي الاحتجاجات.
واستمر المتهمون في ترديد الشعارات عدة دقائق بعد خروجهم من القاعة، واقتيادهم نحو قاعات الحجز في الطابق السفلي من المحكمة. واضطر القاضي لطرد الزفزافي للمرة الثانية منذ بداية جلسات المحكمة قبل أسبوعين، بسبب عدم امتثاله لأوامر القاضي بالتزام الصمت وانتظار دوره في الكلام.
وأصر الزفزافي على الاحتجاج على إبقائه وباقي المتهمين داخل المعزل الزجاجي، الذي نصب في الجانب الخلفي من قاعة المحكمة، معتبرا أن ذلك يمس بكرامته، وأنه يجعله خارج قاعة المحكمة.
ومنذ بداية الجلسة بدأ القاضي ينادي على المتهمين وطلب منهم أن يظلوا في المعزل الزجاجي، وأن يرفعوا أيديهم لتأكيد الحضور عند سماع أسمائهم. غير أن المتهمين رفضوا الامتثال ولم يرفعوا أيديهم، لتبدأ الاحتجاجات على تركهم داخل المعزل الزجاجي الذي وصفوه بالسجن المتحرك.
وأثارت مسألة المعزل الزجاجي جدلا حادا بين ممثل الحق العام وأعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين حول تأويل المقتضيات المتعلقة بمثول المتهمين أمام المحكمة في القانون الجنائي المغربي. وانتقد ممثل النيابة العامة إصرار الدفاع على مناقشة هذه المسألة، التي سبق أن نوقشت في جلسة سابقة، واتخذ فيها القاضي قرارا بإبقاء المتهمين داخل المعزل، معتبرا أن ذلك يشكل إحراجا للمحكمة.
وميز ممثل النيابة العامة بين «مثول المتهم أمام المحكمة»، والذي تحقق عبر وجود المتهمين داخل المعزل الزجاجي حيث يمكنهم تتبع ما يجري في القاعة والتفاعل مع المحكمة، خصوصا عبر توفير شاشة عرض كبيرة ومكبرات صوت، وبين «المثول بين يدي القاضي»، الذي يعني وقوف المتهم في قفص الاتهام عندما يدعوه القاضي من أجل التحقيق معه ومساءلته حول المنسوب إليه. وأضاف ممثل النيابة العامة أن الصراخ والاضطراب الذي تسبب فيه المتهمون يؤكد عدم احترامهم للمحكمة، مشيرا إلى أن من بين المتهمين «من يهوى الزعامة والإثارة» ومن «يحب الخطابة ويسعى لتمرير رسائل».
غير أن الدفاع أصر على اعتبار إبقاء المتهمين داخل المعزل منافيا لمقتضيات القانون المتعلقة بالمثول أمام المحكمة، مشددا على الطابع السياسي للمحاكمة. وطالب الدفاع القاضي بالتراجع عن قراره، كما طالب بعدم تسجيل إشارة ممثل الحق العام في تدخله إلى تسبب المتهمين في اضطراب الجلسة، إذ اعتبر الدفاع أن رفع شعارات من طرف المتهمين في إطار محاكمة سياسية أمر عادي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم