الأوساط اللبنانية تترقب خطوات عون... ودعوات للتهدئة

لن يقدم على إجراءات دستورية قبل تكريس استقالة الحريري رسمياً

الرئيس ميشال عون في اجتماع أمني في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون في اجتماع أمني في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الأوساط اللبنانية تترقب خطوات عون... ودعوات للتهدئة

الرئيس ميشال عون في اجتماع أمني في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون في اجتماع أمني في قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)

تترقب الأوساط السياسية اللبنانية أي خطوة قد يقدم عليها الرئيس ميشال عون الذي يكثّف مشاوراته على أكثر من خط مع تمسكه بالموقف الذي أطلقه منذ اليوم الأول لاستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري لجهة التريّث وانتظار عودته إلى لبنان، في وقت يحظى الوضع الأمني باهتمام الرئيس، الذي أكّد أمس أن هناك تجاوبا من كل القادة السياسيين مع جو التهدئة الذي يساعد في المحافظة على الاستقرار الأمني في البلاد من كل جوانبه.
وطلب عون من القيادات الأمنية خلال ترؤسه اجتماعا أمينا وقضائيا «البقاء على جهوزية ومتابعة التطورات بعناية وتشدد، لا سيما ملاحقة مطلقي الشائعات الذين نشطوا خلال الأيام الماضية بهدف إحداث بلبلة»، وتقرّر بنتيجة الاجتماع إبقاء الاجتماعات الأمنية والقضائية مفتوحة لمواكبة الوضع عن كثب.
من جهته، شدّد وزير الداخلية نهاد المشنوق على «الإمساك بالوضع الأمني تجنّبا لأي حدث يُعكّر البلد»، مشيراً بعد لقائه مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان إلى أن «الأجهزة اللبنانية لم تكن لديها معلومات حول محاولة لاغتيال الرئيس الحريري، لكن يبدو أن هناك جهازاً غربيا موثوقا نقل هذا الكلام للحريري مباشرة». وقال: «لا يمكن الحديث بأي شيء قبل عودة الحريري، ولدي انطباع بأنه سيكون خلال أيام في لبنان»، موضحا «أن كل التساؤلات المطروحة تنتظر عودة الحريري للإجابة عليها».
وفي حين بدأت الدعوات إلى تشكيل حكومة حيادية من بعض الأطراف التي سلّمت بعدم تراجع الحريري عن موقفه، قد يختصر تعبير مصدر قيادي في «تيار المستقبل» بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «نتعامل مع الوضع كل يوم بيومه، ولا يمكن التكهن بما قد يحصل»، وضع الإرباك الذي يعيشه المسؤولون في لبنان على وقع صدمة الاستقالة، مشددا على أن «كل الاقتراحات حول تشكيل حكومة حيادية أو غيرها تحتاج إلى مزيد من الوقت للبحث بها»، ومرجحا في الوقت عينه «استمرار الوضع على ما هو عليه، أي استمرار حكومة تصريف الأعمال إلى حين موعد إجراء الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار) المقبل، في حال تقرّر إجراؤها».
ودعا النائب بطرس حرب إلى «تشكيل حكومة حيادية لإجراء الانتخابات النيابية في حال تمسك الحريري باستقالته، للخروج من المأزق وتفادي أزمة حكم تلوح في الأفق».
وفي هذا الإطار، قالت مصادر الرئاسة لـ«الشرق الأوسط»: المرحلة الآن هي للتشاور مع أركان الدولة الرئيسيين، وبعد ذلك معرفة توجه رؤساء الكتل النيابية للبحث في الخطوة المقبلة، مع تشديدها على أن أي قرار لن يأخذه الرئيس عون قبل لقائه بالحريري أو التواصل معه والوقوف على الأسباب التي دفعته للاستقالة، وبعد ذلك ينطلق نحو الخطوات التي ينص عليها الدستور، خاصة أنه لا يمكن اعتبار الاستقالة أمرا واقعا قبل تكريسها من قبل الرئيس بإصدار بيان يعتبر فيه الحكومة مستقيلة. وفي حين لفتت المصادر إلى مشاورات داخلية وخارجية يقوم بها عون توقّفت عند لقاء الحريري أمس بالملك السعودي وما قد ينتج بعده من مستجدات لافتة إلى توسيع المشاورات لبلورة الموقف، خاصة بعد عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان في زيارة إلى القاهرة.
وفي موازاة الحراك الرئاسي تنشط في المقابل اللقاءات السياسية في لبنان. ولا تزال دار الفتوى محطة لعدد من المسؤولين، إذ التقى أمس المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان بوزير الداخلية نهاد الشنوق والنائب بهية الحريري، حيث تم البحث في الأوضاع العامة وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية. وفي حين أشارت «وكالة الأنباء المركزية» إلى أن دار الفتوى تستعد لعقد اجتماع سنّي واسع في الساعات المقبلة برئاسة مفتي الجمهورية يضم أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ورؤساء الحكومات السابقين والنواب والوزراء الحاليين والسابقين ومفتي المناطق وقد يحضره الرئيس الحريري، لوضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة التي يُخيّم عليها الغموض والخروج بموقف سني موحدّ، نفت مصادر «دار الفتوى» هذه المعلومات مكتفية بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا شيء محسوم لغاية الآن، والمشاورات مستمرة مع كل الجهات والأطراف لتوحيد الصف الوطني والإسلامي، وبلورة ما قد يتخذ من قرارات». ولفتت إلى تأكيد المفتي دريان خلال لقاءاته التي عقدها منذ إعلان الحريري استقالته على ضرورة تعزيز الاستقرار والهدوء في معالجة الأمور، وأكدت: «مطمئنون أن الوضع ممسوك من الناحية الأمنية والسياسية، ولا خوف في هذا الإطار ما دام الجميع يعتمد على الحكمة والروية في مقاربة كل المستجدات».
وعلى خط المباحثات السياسية أيضا، أجرى رئيس «كتلة المستقبل النيابية» رئيس الحكومة السابق الرئيس فؤاد السنيورة سلسلة اتصالات هاتفية شملت كلا من الرئيسين السابقين أمين الجميل وميشال سليمان، ورئيسي الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام، إضافة إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط. وكانت الاتصالات مناسبة لاستعراض الأوضاع الراهنة في البلاد، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق باستقالة الحريري، وقد شدد الرئيس السنيورة على أهمية مقاربة المشكلات الوطنية من زاوية وطنية جامعة، وعلى وجه الخصوص في هذه الظروف الدقيقة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.